كشف محاضر وخبير في علم الإجرام بالداخل الفلسطيني المحتل لوكالة "صفا"، عن وجود نصف مليون قطعة سلاح في بلدات الداخل الفلسطيني المحتل، تغلغلت عبر المنظومة الأمنية الإسرائيلية.
جاء ذلك في حوار خاص للخبير وليد حداد مع وكالة "صفا" حول تداعيات خروج جرائم القتل في الداخل عن السيطرة، وخطط المنظومة الأمنية الإسرائيلية في تعاملها مع السلاح، على الصعيد الأمني والجنائي.
وقُتل في الداخل المحتل 100 شخص منذ بدء العام الجاري، وأصيب المئات، بينما أصيب خلال العامين الماضيين ما يزيد عن 225 شخصًا.
وتستفحل الجريمة في الداخل بشكل خطير وغير مسبوق، حيث باتت الجرائم يومية، إذ تحدث كل 24 ساعة ما بين جريمتين إلى 3 جرائم.
ازدواجية الفلسطيني واليهودي
ويقول حداد: إن "الجريمة في المجتمع الفلسطيني بالداخل لا يوجد لها أي خطة حكومية إسرائيلية لمواجهتها، باستثناء احتفالات سنوية للإعلان عن حملات وخطط قابلة للتمديد، لا ترى النور على الواقع".
ويضيف "منذ عام 2003 وحتى اليوم يوجد خطة منتظمة للمجتمع اليهودي لمواجهة الجريمة، وهي مستمرة وميزانياتها تذهب لهدفها، وقد استخدمت فيها المنظومة الأمنية تقنيات حديثة ومتطورة، مثل تقنية أبرجيل وغيرها".
ويشير إلى أن المنظومة الإسرائيلية استطاعت محاصرة جماعات الجريمة في المجتمع اليهودي، ووقفها بشكل ملحوظ للغاية، بل إنها استطاعت تقويضها، من خلال ضرب اقتصاد المرجمين ومصالحهم الشرعية، وليس فقط ملاحقتهم في تجارة المخدرات والسلاح.
ويستدرك "ولكن في المجتمع العربي لا يوجد خطة كهذه، وهذا أمر متعمد، وتقتصر الأجهزة الإسرائيلية باعتقال بعض تجار المخدرات فقط، وهي تعلم يقينًا أنها ليست الطريقة للقضاء عليها".
ويشدد حداد على أن وفودا من كل دول العالم تأتي إلى "إسرائيل"، التي تستجلب أيضًا من الخارج عناصر، لتعليم الخبرة في مواجهة الجريمة، مضيفًا "ما نعنيه هنا أن إسرائيل لديها من التقنيات والخطط ما يكبح الجريمة، وهي خبرة توزعها على دول عالمية".
ويكمل "ولو أن لديها الرغبة لوضع حد لشلال الدماء المنجرف بسبب مافيا الجريمة وسط فلسطينيي الداخل، لفعلت ذلك، لكنها مستفيدة منها، وليس فقط هكذا".
ويبين أن "إسرائيل فكت ما لا يتعدى الـ15% من رموز الجرائم التي وقعت بالداخل الفلسطيني منذ عام 2016 وحتى عام ".
أما في المجتمع اليهودي فقد فكت رموز 90% من الجرائم، التي بلغ عددها 44 جريمة فقط سنويًا، وهو عدد ثابت في السنوات الأخيرة، إلا أنه يزداد في الداخل الفلسطيني.
ويحذر من أن الجرائم في الداخل أصبحت أعلى النسب في العالم، وأعلى من نيويورك التي كانت معروفة بأنها الأعلى عالميًا.
ما يحدث بين العصابات
كما يكشف حداد في حواره، عن وجود "تاريخ تعاون بين عصابات القتل في المجتمع الفلسطيني واليهودي في أراضي 48، وأن خلافات بينهم تحدث كثيرًا، يلجئون فيها لقانون الغاب، وهو ما يفسر وقوع بعض الجرائم المتسارعة في بعض الأحيان".
يقول: "هناك تصفيات بين هؤلاء، بمعنى أن ما يجري ليس فقط جرائم قتل، وإنما تصفية عصابة وعصابة، مؤكداً أن عناصر الجريمة في الداخل، تلقوا خبرات من عناصر في الجيش الإسرائيلي على تقنيات استخدام السلاح".
ولذلك يؤكد حداد "بأن قواعد الجيش الإسرائيلي مراقبة، كما أن من يشتري قطعة سلاح أو يبيع في بلدات الداخل مراقب، ويتم التحقيق معه، من أجل التأكد بأن العملية عملية جنائية وليست لأهداف استخدامه قومية".
ويعني حداد في حديثه بأن المنظومة الإسرائيلية ترعى شكل خفي تغلغل السلاح في الداخل، لكنها تراقبه، لكيلا يستخدمه أصحابه في حوادث قومية أمنية.
قضية الضابط "بائع السلاح"
كما يكشف حداد عن تفاصيل قضية "ضابط في الجيش الإسرائيلي كان يعمل في وزارة الأمن الداخلي سابقًا لـ15 سنة، وكشفت إسرائيل مؤخرًا عن أنه يسرق سلاح ويبيعه في قرى فلسطينية بالداخل، منها الناصرة وشفاعمرو".
يضيف "هذا الضابط باع مئات القطع، إلا أنه تم القبض عليه مؤخرًا بعدما تم الكشف عن أنه باع كرتونة تضم 200 رصاصة لجهات في جنين، وبسعر أغلى".
ويستطرد حديثه "كانوا يعلمون كل تحركات هذا الضابط، إلا أنهم تعاملوا مع بيع تلك الكرتونة من ناحية أمنية، خاصة وأن جميعنا يعلم ما يجري بجنين، وأنها منطقة أمنية عصية على الجيش الإسرائيلي".
ونقل تقديرات أمنية، بوجود "نصف مليون قطعة سلاح ما بين ذخيرة وأسلحة من مسدسات وبنادق وغيرها، ما بين تغلغل بشكل متعمد، وبعضها من قواعد الجيش الإسرائيلي".
ويشدد على أن "إسرائيل لن تحارب سلاح الجريمة في الداخل، إلا حينما يُستخدم لدوافع قومية وأمنية، وقد كان في هبة الكرامة بمايو العام المنصرم لطمة لها، كون بعض من يقتنون السلاح، قد استخدموه في هذه الهبة".
ولذلك "فإن إسرائيل تضع حاليًا سيناريو حول مخاطر استخدام ووجود سلاح الجريمة في الداخل، ليس من منطلق لجمها، وإنما تخوفًا على أمنها، واستخدامه في العمليات ذات الطابع القومي، وهي تعمل بجهود مكثفة من أجل ضمان عدم حدوث ذلك"، كما يؤكد حداد.