web site counter

الاحتلال يسعى لتشويه معالمه

"الكاردو".. شارع أثري يشهد على حضارة القدس ومحاولات تهويدها

القدس المحتلة - خاص صفا

"الكاردو".. شارع تاريخي يقع في البلدة القديمة بالقدس المحتلة، يُبهر كل من يزوره بطريقة تصميمه وبنائه على الطراز الروماني القديم، بأعمدته الرخامية وبأقبيته وأقواسه الحجرية، وحجارته العملاقة القديمة الضخمة، والتي تسعى سلطات الاحتلال الإسرائيلي إلى طمسها وتغيير معالمها، لتُضفي عليها طابعًا يهوديًا.

هذا الشارع القديم يعتبر الشريان الرئيس للقدس ومركزها العمراني، والشاهد على مكانتها التاريخية والأثرية، وتهويدها وطمس معالمها وآثارها، رفع أعمدته الإمبراطور الروماني هيدريانوس، والذي أعاد بناء مدينة القدس عام 135م، وأطلق عليها اسم "إيليا كابتولينا".

واُكتشف الشارع إثر الحفريات التي أجرتها سلطات الاحتلال في حي المغاربة بالبلدة القديمة، والذي عرف بأنه "الكاردو الشرقي"، ويضم ممشى مسقوفًا على جانبيه أعمدة رخامية، وصفًّا من المحلات التجارية، كانت تعج بالرواد والمتسوقين.

ويظهر في الشارع رصيف قديم، وقناة تصريف تحته، وحوانيت على جانبيه، ويُفضي إلى ساحة صغيرة تشبه المسرح، وعلى أحد جدرانه تم تعليق خارطة فسيفسائية تمثّل المقطع الخاص بمدينة القدس في خارطة مادبا الفسيفسائية، التي عُثِر عليها في أواخر القرن التاسع عشر، وتمثّل حالة الأرض المقدسة في القرن السادس الميلادي.

ومنذ احتلال شرقي القدس عام 1967، والشارع يتعرض للسيطرة الإسرائيلية، ولعمليات تهويد لا تتوقف، بغية محو معالمه وتزوير التاريخ العريق للمدينة المقدسة، لإضفاء "الطابع اليهودي عليها لإثبات أي تاريخ أو حضارة"، حتى غدت الحوانيت في الشارع مملوكة لتجار إسرائيليين.

ولم تتوقف مطامع الاحتلال في الشارع الرئيس، بل قرر مؤخرًا وزير "شؤون القدس" زئيف الكين تخصيص 2.5 مليون شيكل بزعم "إنقاذه وترميمه"، بعد ظهور تصدعات وتشققات بسبب الحفريات والأنفاق التي تجريها جمعية "العاد" الاستيطانية أسفل أحياء البلدة القديمة، وخاصة في المنطقة الجنوبية من باب وحارة المغاربة ومنطقة القصور الأموية.

وكشف تقرير هندسي خاص تم تقديمه لوزارة "شؤون القدس والتراث" الإسرائيلية، أن هناك خطرًا مباشرًا بانهيار شارع "الكاردو" في البلدة القديمة، والذي يحظى بزيارة مئات الآلاف من اليهود والسياح الأجانب كل عام.

تهويد الشارع

الباحث في شؤون القدس فخري أبو دياب يقول لوكالة "صفا" إن سلطات الاحتلال تسعى لتهويد كل شيء في المدينة المقدسة، ومحو أي معالم وآثار تدلل على هوية وتاريخ المدينة العربي والإسلامي، وشارع "الكاردو" واحد من هذه المعالم القديمة التي يطالها التهويد.

ويوضح أن "الكاردو" يعتبر من أجمل وأقدم الشوارع في القدس، يبدأ من باب العامود ومن ثم سوق خان الزيت وسوق العطارين، وصولًا إلى حارة الشرف التي دمرها الاحتلال وشرد سكانها الفلسطينيين، وحولها إلى "حارة اليهود"، وأيضًا طريق باب النبي داود جنوبًا.

ويضيف أن الشارع يبدأ من شمال المدينة وينتهي بجنوبها، يبلغ عرضه في بعض الأحيان 24 مترًا، وطوله ما بين 800- ألف متر، يقع على جانبيه محلات تجارية وأسواق بعضها مستعمل حتى اليوم، والبعض الآخر بات يمتلكها تجار يهود.

ويبين أن الشارع القديم لم يسلم من العبث والتهويد الإسرائيلي، ومحاولة البحث عن تاريخ يهودي مزعوم، لا يمت للحقيقة والواقع بأي صلة، وأيضًا تشويه تاريخ وهوية القدس.

ويشير إلى أن سلطات الاحتلال تجري حفريات وأنفاق أسفل حارة المغاربة، وتحاول وضع بصمات تلمودية يهودية وتزوير الرواية الحقيقية والتاريخية للمدينة المقدسة، ونتيجة لذلك حدثت انهيارات وتصدعات في الشارع حتى أن بعض أعمدته الرخامية بدأت تنهار.

وبحسبه، فإن الاحتلال وضع في بعض المواقع قرب الشارع شريطًا يعتبرها منطقة خطرة يحظر الاقتراب منها، خشيةً من انهيار الأعمدة والآثار القديمة في الشارع.

"بصمات يهودية"

وتسعى سلطات الاحتلال إلى تجيير الشارع ووضع بصمات يهودية عليه، لاختراع رواية يهودية مضللة غير المنقوشة على شوارع المدينة، وذلك على حساب الرواية الحقيقية، نظرًا لأن المحتل فشل في إيجاد أي تاريخ أو أثر حضاري لليهود في القدس عبر الحقب والأزمنة التاريخية المختلفة، كما يؤكد أبو دياب.

ويحاول الاحتلال- وفقًا للباحث المقدسي- تأليف قصص لم تكن موجودة في هذا الشارع القديم، أو في أي موقع تاريخي وأثري في المدينة المحتلة.

ووضع الاحتلال في الناحية الجنوبية للشارع بين أعمدته الأثرية القديمة مجسمًا للشمعدان اليهودي، حتى يربط البصمات والآثار بتاريخ وحضارة يهودية مزعومة.

ووفق المسارات الاحتلالية يتوجب على اليهود والسياح الأجانب الدخول والانطلاق في الجولة من حيث الشمعدان اليهودي، ليتفقدوا الشارع بأعمدته، والتي تفضي إلى متاجر رومانية أعيد ترميمها، واستخدامها من تجار يهود ومستوطنين.

وتقع هذه المتاجر في رواقٍ ممتد مسقوف، وتُباع فيها التحف واللوحات الفنية والكتب التي تقدّم تاريخ القدس من وجهة نظر إسرائيلية.

ويوضح أبو دياب أن الاحتلال دائمًا ما يبحث عن الأماكن الأثرية القديمة في القدس، والتي لها علاقة بالحقب التاريخية للمدينة، والتي سبقت الفترة الإسلامية، بهدف تهويدها والسيطرة عليها، لتحاكي تاريخ وروايات مزعومة ومزورة.

أ ج/ر ش

/ تعليق عبر الفيس بوك

تابعنا على تلجرام