web site counter

"تعيش واقعًا مأساويًا"

النبي صموئيل.. قرية مقدسية "سجينة" تُقاسي الاحتلال وإهمال السلطة

القدس المحتلة - خــــاص صفا

على أعلى تلة شمال غربي القدس المحتلة تقع قرية النبي صموئيل ذات الموقع الاستراتيجي المميز، والتي يقطنها نحو 250 فلسطينيًا معزولين عن المدينة المقدسة وبقية مناطق الضفة الغربية المحتلة بفعل جدار الفصل العنصري، الذي حولها إلى أشبه بـ"سجن صغير".

وتعاني القرية الإهمال والتهميش من بلدية الاحتلال الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية، ومن انعدام أبسط مقومات الحياة الإنسانية فيها، حتى أصبح سكانها يُطلقون عليها "القرية المنسية السجينة".

وقبل احتلالها عام 1967 بلغت مساحتها 3,500 دونم، أما اليوم وبعدما صادرت سلطات الاحتلال معظم أراضيها لصالح الاستيطان والجدار وتوسيع "الحديقة القومية"، باتت لا تتعدي الـ 1,050 دونم.

وتهدد خطة توسيع "الحديقة القومية" بمصادرة المزيد من الأراضي، بالإضافة إلى رفض سلطات الاحتلال بشكل ممنهج منح تراخيص بناء لسكانها، وأصدرت بحق جميع بيوتها، ما عدا بيتًا واحدًا، أوامر هدم، بما يشمل مدرسة القرية الوحيدة والمؤلفة من غرفة واحدة.

ويعيش السكان واقعًا مريرًا ووضعًا اقتصاديًا سيئًا، بفعل حواجز الاحتلال العسكرية، وإغلاق الشارع الرئيس الوحيد الذي كان يربطها بقرية بيرنبالا، ما حول حياتهم إلى جحيم، وفاقم من معدلات الفقر والبطالة.

ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل شقت سلطات الاحتلال نفقًا أسفل شارع رقم (436) لوصل القرية بقرية بيرنبالا شمالًا وبدو شرقًا، ولكن قبل المرور بهذا الشارع على السكان المرور عبر حاجز "راموت" العسكري المقام على مدخل القرية.

وتنديدًا بانتهاكات الاحتلال، ينظم سكان النبي صموئيل كل جمعة، وقفة احتجاجية أسبوعية في خيمة الاعتصام التي أُقيمت على أراضي القرية، مطالبين بإزالة الحواجز العسكرية التي جعلت الحياة فيها مُغلّفة بالمصاعب والآلام.

وضع مأساوي

رئيس جمعية نسوية النبي صموئيل الخيرية نوال بركات تصف الوضع في القرية بـ"المأساوي والصعب"، في ظل تفاقم معاناة السكان يومًا بعد يوم، وحرمانهم من أبسط حقوقهم التي يكلفها القانون الدولي وكافة القرارات والقوانين الدولية.

وتقول في حديثها لوكالة "صفا"، إن قوات الاحتلال تمارس هجمة شرسة بحق القرية وسكانها، من خلال تزايد اعتداءاتها، وعمليات الهدم، والتنكيل بالسكان، والتضييق عليهم أثناء الدخول والخروج من وإلى القرية، ضمن سياسة عقاب جماعي تفرضها على السكان.

وتضيف أن سلطات الاحتلال تمنع البناء داخل القرية، واستغلال الأراضي لهذا الغرض، في حين توزع إنذارات هدم بصورة كبيرة على المواطنين، وفي حال إضافة أي غرفة صغيرة يتم هدمها.

ويجد سكان النبي صموئيل صعوبة شديدة في الدخول للقرية المحاصرة من جهاتها الثلاث، بحيث يُسمح فقط بالدخول لمن يحمل هوية تثبت أنه من سكان القرية، وحتى الاحتياجات والمستلزمات الأساسية يتم إدخالها بصعوبة، بسبب الحاجز العسكري.

وتشير إلى أن سلطات الاحتلال تحظر أيضًا مرور المركبات الفلسطينية عبر هذا الحاجز، إلا إذا كان أصحابها مسجلين في قائمة القاطنين داخل القرية، كما أن من يريد شراء الخبز أو المواد التموينية ينتظر ساعتين على الحاجز لأجل إدخالها.

ولا يوجد في القرية أي وسيلة للمواصلات، كما توضح بركات، "طالبنا مرات عديدة خلال لقاءات مع الحكومة الفلسطينية وقيادة السلطة بتوفير ذلك، لكن دون جدوى، وهذا ما يزيد من معاناة سكانها".

اعتداءات لا تتوقف

ولم يسلم سكانها من اعتداءات المستوطنين المتكررة، والتي تطال ممتلكاتهم وأراضيهم عبر مصادرة وسرقة الأسوار المحيطة بالأراضي، وتخريب وتجريف الأشجار وقطعها، في محاولة للتضييق عليهم وقطع أرزاقهم، والاستيلاء على تلك الأراضي بالكامل.

وتضيف بركات أن المسجد الوحيد في القرية تم تحويل 81% منه إلى كنيس يهودي يرتاده المستوطنون بشكل يومي، ويمارسون أعمال عربدة واستفزاز، ما يثير غضب واستياء السكان، ناهيك عن تفاقم البطالة والفقر بنسب كبيرة.

وتعرض المسجد لسلسة اعتداءات إسرائيلية تمثلت في الحرق وإحاطته بأسلاك شائكة وكاميرات مراقبة، ومنع رفع الآذان وخلع مكبرات الصوت، عدا عن إغلاق الطابق الثاني منه، ومنع ترميم الطابق الثالث وإبقاؤه مهجورًا، كل ذلك بهدف تحويله إلى "مكان أثري وسياحي وحديقة وطنية".

وما فاقم من معاناة السكان أيضًا، تنفيذ قوات الاحتلال اعتقالات مستمرة بحق الشبان والفتية، بالإضافة إلى المخالفات والغرامات المالية، التي لا يستطيعون دفعها، بسبب الوضع الاقتصادي المتردي.

وتلفت إلى أن 75% من سكان القرية يعملون داخل الأراضي المحتلة عام 1948 دون الحصول على تصاريح، مما يعرضهم للاعتقال والملاحقة الإسرائيلية.

وتنتقد بركات دور السلطة في الالتفاف لمعاناة سكان النبي صموئيل، وتوفير أبسط احتياجاتهم، وحقوقهم الأساسية، في ظل إهمال بلدية الاحتلال وتصاعد وتيرة الاعتداءات بحقهم.

حياة كريمة

وعن الاعتصام الأسبوعي، يقول عيد بركات -أحد سكان القرية- لوكالة "صفا" إن الاعتصام يأتي لتسليط الضوء على معاناتنا، ولرفع صوتنا عاليًا، والمطالبة بوقف انتهاكات الاحتلال بحق السكان، وإزالة الحواجز العسكرية على مداخل القرية، ورفضًا لإجراءاته العنصرية.

ويحمل غالبية سكان النبي صموئيل بطاقات هوية فلسطينية، ما يمنعهم من دخول مدينة القدس المحتلة بدون الحصول على تصريح، فإنهم يضطرون للسفر شمالًا إلى بلدة الجيب، ومن ثم حاجز قلنديا، وهي رحلة تستغرق ما يقارب الساعتين، بعدما كانت لا تتجاوز الربع ساعة قبل إقامة الجدار ونصب الحواجز العسكرية.

ويوضح بركات أن القرية تفتقد لأبسط مقومات الحياة، فلا بنية تحتية سلمية ولا حياة كريمة، "الكل هنا مستهدف، فنحن بحاجة للالتفاف إلى مأساتنا المتفاقمة، والعمل على حلها بأسرع وقت".

ط ع/ر ش

/ تعليق عبر الفيس بوك

تابعنا على تلجرام