تزايدت وتيرة التوتر بين حزب الله اللبناني والكيان الإسرائيلي خلال الأسابيع الأخيرة على خلفية حقل غاز "كاريش" في المياه الإقليمية اللبنانية، الذي يسيطر عليه الاحتلال وسيبدأ بتشغيله في سبتمبر/ أيلول المقبل.
ووصفت مصادر عسكرية إسرائيلية، وفق ترجمة وكالة "صفا"، التوتر الأخير بأنه "الأكثر خطورة" منذ نهاية حرب لبنان الثانية عام 2006، إذ يهدد تشغيل حقل الغاز المذكور بتفجر مواجهة عسكرية جديدة.
وتصاعد التوتر، الذي انتقل مؤخرًا من تصريحات السياسيين والعسكريين إلى الميدان، بعد تهديدات أطلقها مؤخرًا الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله.
وأكد نصر الله أن تشغيل الحقل يشكل انتهاكًا للسيادة اللبنانية وأن الحزب لن يسمح بذلك.
وفي أعقاب تصريحات نصر الله، أرسل الكيان رسائل تهديد إلى حزب الله عبر قنوات دبلوماسية وعسكرية، ولاسيما مع اقتراب موعد تشغيل حقل "كاريش"، وفق مصادر عبرية.
وهدد الكيان أنه "في حال محاولة حزب الله مهاجمة الحقل من جديد؛ فسيكون الرد الإسرائيلي عنيفًا".
وفي 2 يوليو/ تموز الجاري، أعلن جيش الاحتلال عن إسقاط ثلاث طائرات مسيرة أطلقها حزب الله قرب حقل "كاريش" في البحر المتوسط، فيما أكد الحزب الأمر وقال إنها لم تكن مسلحة "وأنجزت المهمة وأوصلت الرسالة".
وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية أن "إسرائيل" استعانت بفرنسا والولايات المتحدة لإرسال رسائل التهديد إلى الحزب، في الوقت الذي لم يرفع فيه الجيش من درجة تأهبه في أعقاب تهديدات حزب الله، "ولكن سيتم تشديد الحماية العسكرية حول الحقل مع بداية تشغيله في أيلول المقبل".
وبموازاة ذلك، يصل لبنان نهاية الأسبوع الجاري الوسيط الأمريكي "عاموس هوخشتاين"، ومن المقرر أن يعقد جلسات تفاوض مع الحكومة اللبنانية، بينما يضغط الكيان على واشنطن لإنهاء المفاوضات حول ترسيم الحدود البحرية قبل بداية استخراج الغاز في أيلول.
وفي خضم التوتر، زار رئيس وزراء الاحتلال يائير لبيد ووزير جيشه بيني غانتس منطقة حقل الغاز، وأطلقا تهديدات لحزب الله من مغبة محاولة استهداف الحقل، بعد أيام من اعتراض طائرات الحزب المسيرة.
وهدد غانتس بتوجيه ضربة عسكرية "مزلزلة" للبنان حال إشعال الحزب حربًا جديدة باستهدافه حقل الغاز، محملًا حزب الله المسؤولية عن تداعيات ذلك على المنطقة برمتها.
أما الأمين العام لحزب الله، فشدد أمس الأول، على أنه "في حال بدأ الاحتلال في استخراج النفط والغاز من كاريش في أيلول قبل أن يأخذ لبنان حقه؛ فنحن ذاهبون إلى مشكل".
وذكر أن "الدولة اللبنانية عاجزة عن اتخاذ القرار المناسب الذي يحمي لبنان وثرواته، لذلك فإن المقاومة مضطرة إلى اتخاذ القرار".
وقال: "وضعنا هدفًا، وذاهبون إليه من دون أي تردد، وكل ما يحقق هذا الهدف سنلجأ إليه".
وبين لبنان و"إسرائيل" منطقة بحرية متنازع عليها غنية بالنفط والغاز.
وانطلقت مفاوضات بين لبنان والكيان عام 2020 لترسيم الحدود البحرية بوساطة أميركية، لكنها توقفت في مايو/ أيار 2021 جراء خلافات حول مساحة المنطقة المتنازع عليها.
وكان من المفترض أن تقتصر المحادثات لدى انطلاقها، على مساحة 860 كيلومترًا مربعًا، بناء على خريطة أرسلها لبنان في 2011 إلى الأمم المتحدة.
لكن لبنان رأى لاحقًا أن الخريطة استندت إلى تقديرات خاطئة، وطالب بالبحث في مساحة 1430 كيلومترا مربعا إضافية تشمل أجزاء من حقل "كاريش"، وهو ما رفضته "إسرائيل" معتبرة الحقل تابعًا لنفوذها.
وطفت أزمة الحقل على السطح مجددًا، أوائل يونيو/ حزيران الماضي، بعدما وصلت سفينة تابعة لشركة "إنرجين" اليونانية، تحمل منصة عائمة مهمتها استخراج الغاز من الحقل لصالح "إسرائيل".
ودخلت السفينة حقل "كاريش" وتجاوزت الخط 29 الحدودي، الأمر الذي يسمح للإسرائيليين باستخراج الغاز خلال 3 أشهر.
وقوبلت الخطوة الإسرائيلية برفض لبناني شديد، في وقت حذّر وزير الدفاع اللبناني موريس سليم من أن تحركات "إسرائيل" الأخيرة قد تنذر بوقوع تدهور أمني جنوبي البلاد.