أجمع دبلوماسيون سابقون ومفكرون ومحللون سياسيون أن زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للمنطقة ليست سوى إجراءٌ شكلي هامشي يهدف إلى التطبيع الإسرائيلي مع السعودية وتهيئة الجو لذلك.
وأضاف هؤلاء، في لقاء سياسي نظمه مجلس العلاقات الدولية عبر تطبيق "زووم" وتابعته وكالة "صفا"، أنّ إقرار الرئيس الأمريكي بعدم نجاعة حل الدولتين هو مجرد شيك بدون رصيد للفلسطينيين، فيما سيوقع في "إسرائيل" مساعدات بالمليارات واتفاقيات تقنية وعلمية.
وقال الكاتب والمحلل السياسي ورئيس مركز "مسارات" هاني المصري إنّ برنامج زيارة الرئيس الأمريكي يشمل زيارة الرئيس محمود عباس ومشفى المقاصد وهو دليل أنّ "الزيارة شكلية وهامشية وعديمة التأثير على القضية الفلسطينية".
وأشار المصري إلى أنّ إقرار الرئيس الأمريكي بعدم نجاعة حل الدولتين هو مجرد شيك بدون رصيد للفلسطينيين، فيما سيوقع في "إسرائيل" مساعدات بالمليارات واتفاقيات تقنية وعلمية.
ولفت إلى أن بايدن يستهدف دمج الكيان في المنطقة العربية على حساب القضية الفلسطينية، في الوقت الذي يُشير إلى أن تلك القضية ليست على الجدول أصلاً ويزكّي الحل الإسرائيلي من خلال القفز على الفلسطينيين وحقوقهم.
وقال إن بايدن يهدف إلى ترويج حزبه الديمقراطي لصالح الولايات المتحدة، فيما يتم تصفية القضية الفلسطينية وتسييد "إسرائيل" وقطع الطريق على النظام العالمي الجديد في كل تلك الخطوات سويًا.
وأكد أن لقاءات الأنظمة العربية مع إدارة واشنطن يغلب عليها المطالب الشخصية كمطالبة الرياض لواشنطن بالاعتراف بسيادة ولي العهد السعودي، فيما يتم تجاهل القضية الفلسطينية.
من جهته، قال عالم السياسة الأمريكي نورمان فينكلشتاين إن مجيئ بايدن إلى سدة الحكم كان بمثابة الكارثة الداخلية على الولايات المتحدة من ناحية التضخم، ولدينا العديد من الأمثلة على ذلك، مثل تزايد الأسعار في الأسواق الأمريكية.
وأشار إلى أن الرئيس بايدن يحاول إنعاش دوره الرئاسي محليًا، إلا أنه أخفق في ذلك، فيما على الصعيد العالمي كان مهتمًا بالحرب الروسية الأوكرانية التي جلبت له كارثة أخرى على الولايات المتحدة.
وقال فينكلشتاين إن زيارة الرئيس الأمريكي تستوجب تفهم الوضع الداخلي له ومأزقه مع الصين أو حتى أزمات محتملة مستقبلية مع تايوان، لذا فإن الشرق الأوسط ليس من ضمن أولويات ذلك الرئيس.
ولفت العالم الأمريكي إلى أن ما يهتم به الرئيس بايدن هو إيران فحسب، ويتفق معه في ذلك السعودية ودول الخليج و"إسرائيل"، وأنه يحاول من خلال زيارته خلق تحالفٍ جديد ضد طهران، لذا فإن على الفلسطينيين عدم توقع أي نتيجة لهذه الزيارة.
من ناحيته، قال الخبير في الشؤون الأمريكية خالد ترعاني إن بايدن حدد أولوياته في زيارته هذه إلى المنطقة، وهي "إيران" فحسب؛ إلا أن زيارته للكيان بحكومته ومعارضته هي إقرار أن علاقة الولايات المتحدة بإسرائيل هي علاقة عابرة للقارات وليس علاقة رسمية مع الحكومة.
وأضاف ترعاني أن الجانب الفلسطيني الرسمي يعتقد أن زيارة بايدن سيكون لها تأثير على القضية من خلال تلك الزيارة، إلا أنها بروتوكولية فقط، فيما يتمثل التركيز فقط لإدماج الكيان الغريب في المنطقة مع محيطها العربي، لافتًا إلى أن التطبيع الإسرائيلي مع السعودية وتهيئة الجو لذلك هو الهدف الأول للزيارة برعاية المغرب والبحرين والإمارات.
أما الدبلوماسي الإيراني السابق سيد هادي أفقهي، فقال إن إيران باعتبارها داعمة للمقاومة تصل إلى حد الخصومة مع الدول الخليجية، إلا أن طهران تتعامل بواقعية وواقعية مع الملفات السياسية الإقليمية المتعددة.
ونفى الدبلوماسي الإيراني أن يكون لدى طهران أي تهديد لأي دولة في المنطقة، مشيرًا إلى أن بلاده تدعو إلى الأمن وتهدئة الأوضاع في المنطقة.
أما رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع أحمد ويحمان فقال إن زيارة الرئيس الأمريكي هي تتمة لصفقة القرن التي قادها الرئيس السابق دونالد ترامب، وخدمة لمصالح أعداء الأمة الإسلامية والعربية بمساندة الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة والرجعية العربية.
وأضاف ويحمان أن إيران تتعرض للمحاربة والقطيعة لدعمها الموقف الفلسطيني ومقاومته ضد الاحتلال منذ الثورة الإيرانية، مشيرًا إلى أن زيارة الرئيس الأمريكي يبج أن تسقط بما تحمله من هدف يتمثل في إقامة حلفٍ في الشرق الأوسط.
واختتم بالقول إن حلف القدس والمقاومة هو من سيفوز أمام الأحلاف الإمبريالية.
من ناحيته، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة حسن نافعة إن هدف الزيارة المعلنة هي المملكة العربية السعودية بشكل أساسي بعد أن أعلنها دولةً منبوذة في أعقاب اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي، لافتًا إلى أن الزيارة فيها اعتراف ضمني بولي العهد السعودي الذي رفض لقاءه سابقًا عدة مرات.
ويرى نافعة أن المطلوب من السعودية هو المشاركة بفعالية دمج "إسرائيل" مع المحيط العربي، والدفع بالنفط أكثر في ظل الأزمة النفطية جراء الحرب الأوكرانية الروسية.
وقال إن مصر لم تستعيد دورها العربي حتى الآن، باعتبار أن موقفها من القضية الفلسطينية ليس على رأس أجندة القاهرة، مشيرًا إلى أن الأنظار الآن تتجه إلى الرياض بدلاً من القاهرة.