انتظر الفلسطيني جميل جبارين مساء يوم الأحد الماضي داخل مستشفى العفولة الإسرائيلي أكثر من ساعة ونصف، حتى التفت إليه أحد أفراد الطاقم الطبي، لكن أيضًا دون جدوى.
فبعد المدة المذكورة التي انتظرها جبارين داخل المشفى، تم تركيب حقنة في يده، وتركه حتى الفجر دون اهتمام، حتى غادر غاضبًا دون علاج.
وتكررت في الآونة الأخيرة شكاوى من فلسطينيين بالداخل المحتل من عنصرية ووقاحة الأطباء والممرضين الإسرائيليين في التعامل مع ملفاتهم داخل المشافي، على خلفية أنهم "عرب".
ويروي جبارين لوكالة "صفا" تفاصيل ما حدث معه أثناء توجهه لمستشفى العفولة، على أثر وعكة صحية أصابته، قائلًا: "وضعت أوراقي لدى التمريض، وانتظرت في غرفة المرضى لنحو ساعة ونصف، ليأتي أحدهم لفحص الدم والضغط".
ويضيف "بعد ساعة ونصف ركّبوا لي حقنة في يدي، دون حتى إجراء فحص أو إفادتي بحالتي الصحية، وبقيت حتى الرابعة فجرًا على نفس الحالة".
وحين نفد صبره، توجه جبارين إلى الأطباء المداومين، مشتكيًا طول مدة الانتظار، إلا أنهم "لم يعطوني أي اهتمام".
ويتابع "أصلًا منذ أن وضعت أوراقي ونظر المداوم إليها وشاهد أني عربي، وضعها جانبًا، حتى أن مراجعين من اليهود واثنين من أجانب جاءوا بعدي وتم تقديم الفحوصات والعلاج لهم وغادروا، فيما أنا أنظر".
ذرائع كاذبة
وتذرع أحد الطواقم الطبية حين هدد المريض الفلسطيني بأنه سيتحدث لوسائل إعلام عما جرى معه، بوجود "ضغط"، وهو ما ينفيه جبارين.
ويقول: "لم يكن هناك أي مراجع أصلًا، وفي النهاية طلبت منهم أن ينزعوا الحقنة من يدي فرفضوا؛ فنزعتها وحدي وغادرت المستشفى دون أي فحص أو علاج".
ويؤكد أن هذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها للعنصرية في المعاملة من أطباء إسرائيليين، إلا أنها كانت "زائدة عن حدها هذه المرة"، كما يصف جبارين.
من العلاج للاعتقال
الشاب يوسف عيسى من اللد صاحب تجربة مريرة مع عنصرية الطواقم الطبية الإسرائيلية في مستشفى "أساف هروفيه"، التي حولته لمعتقل أمني بعدما جاء طالبًا العلاج على خلفية تشنجات وصرع يعاني منها بفعل إصابة سابقة برصاص شرطة الاحتلال في "هبة الكرامة" قبل عام.
ويقول عيسى لوكالة "صفا": "تعرضت لعنصرية مقيتة، وفي أكثر من موعد كان من المفترض أن أجري فحوصات، لكن انتهت جميعها بالاعتداء عليّ من عناصر شرطة المستشفى، بإيعاز من الطاقم الطبي".
ويروي آخر مشاهد العنصرية بقوله: "زعمت طبيبة أنها لا تريد علاجي لأنني لا أرتدي الكمامة تمامًا على أنفي، لكن الحقيقة أنها لم ترد علاجي لأنني فلسطيني، وهو ما نعتتني به".
وقالت الطبيبة الإسرائيلية حينها "لا أريد علاجك، أيها العربي"، وأحضرت لي عناصر شرطة المستشفى الذين اعتقلوني في حينها رغم تدهور حالتي الصحية"، يضيف عيسى.
ويؤكد مراجعون لعدة مشافي في الداخل أن فلسطينيين تعرضوا للاعتقال والمسائلة، بعد اعتراضهم على إهمالهم من الأطباء الإسرائيليين.
تطورت لـ"وقاحة"
العنصرية في تعامل المشافي الإسرائيلية لم تكن غائبة قبل ذلك، إلا أن ظهورها أصبح بـ"وقاحة" خلال الفترة الأخيرة، كما يؤكد عضو الكنيست عن القائمة العربية المشتركة إمطناس شحادة.
ويقول لوكالة "صفا": "إن التعامل بعدائية وعنصرية مع الفلسطينيين في مشافي إسرائيلية، موجود سابقًا إلا أنه تطور وأصبح ظاهرة، ولم يكن بهذه الوقاحة سابقًا".
ويشير شحادة إلى وجود إهمال بحق المراجعين والمرضى من فلسطينيي الداخل داخل المستشفيات الإسرائيلية، بالرغم من أنه من المفترض وفق القانون ألا يكون هناك تفرقة في الجهاز الصحي، بين المرضى، لأي سبب كان.
ويلفت إلى أن تزايد العنصرية في هذا القطاع، تزامن مع الأجواء المستمرة، التي أوجدتها الأحداث الأخيرة في الداخل.
ويقصد بتلك الأجواء "هبة الكرامة" التي اندلعت تنديدًا بالعدوان على المسجد الأقصى وقطاع غزة، وضد اعتداءات المستوطنين على ممتلكات المواطنين في الداخل.
ويشدد بالقول "يبدو أن المجتمع الإسرائيلي أصبح مشحونًا ومشبعًا بالعنصرية تجاه كل ما هو عربي، وهذا الأمر يعكس خطورته تنامي هذه العنصرية لحد وصولها داخل المشافي".