web site counter

الأسرى الفلسطينيون.. طموحات وأحلام تتحدى السجان

الخليل - خاص صفا
على جسر حلحول شمالي الخليل، يستقبلك كشك كنافة مميزة بنكهة الشوق والألم، وهي حلوى لم تغب عن معاقل الأسر، حيث تعلمها محمد من والده المحكوم بالسجن لمدة 20 سنة.
ويقول إسلام شقيق محمد، إن والده علّم شقيقه صنع الكنافة بعد التقائهما داخل سجون الاحتلال، وكان محمد (25 عاماً) اعتقل لنحو 5 سنوات في اعتقالات متفرقة.
وبيّن أن محمد لم يتمكن من إتمام دراسته، إذ اعتقلته قوات الاحتلال خلال مراحل دراسته الثانوية، ما دفعه لتعلم مهنة تعود عليه بعائد مادي يعيل به أسرته بعد تحرره.
وبالرغم من بيئة السجن المقفرة، يتحدى الأسرى سجانيهم ويسعون إلى التعلم بكل الوسائل المتاحة والممكنة، لتعويض ما سلبهم الأسر من أحلام وطموحات.
وبنفس المكونات وبذات الطعم؛ يصنع الأسير المحرر حلوى الكنافة على طريقة والده الأسير، والتي تلقى إقبالاً واسعاً بين أهالي البلدة.
ويقول لوكالة "صفا" إن تجربة الأسر من ألم وشوق تضفي طابعاً وطعماً خاصاً على كنافته.
وأشار إلى الانتهاكات التي يتعرض لها الأسرى وعائلاتهم، من تعذيب، وسوء معاملة وسياسة العقاب الجماعي.
من السجن إلى المطعم
الأسير المحرر أبو همام، صاحب أشهر مطعم في رام الله يروي حكاية تطوير موهبته في الطهي وصقلها داخل سجون الاحتلال.
وقال في حديثه لوكالة "صفا" إنه كان ميّالاً للطبخ ويحب إعداد الطعام منذ صغره، واعتاد على مساعدة والدته داخل المطبخ إلى أن اعتقل في سجون الاحتلال حيث طور موهبته باستلامه لمطبخ السجن وإعداده الوجبات لأكثر من 170 أسيراً.
وأوضح أبو همّام أن السجن كان من أبرز محطات تطور موهبته، إذ تعلم طبخ الكميات الكبيرة من الوجبات داخل السجن، وكان ينظر إلى المتوفر من مكونات وبالغرم من قلتها يخرج بوجبة لذيذة تنال إعجاب كافة السجناء بلا استثناء.
وبيّن "أن الأسرى كانوا حريصين على استغلال مواهبهم وما يجيدون لإفادة بعضهم البعض، فكانت حلقات محو الأمية وأخرى لتحفيظ القرآن ومجموعات تمارس الرياضة وغيرها الكثير".
وبعد عشرات السنين التي تخللها معيقات كثيرة، أصبح مطعم أبو همام من المطاعم الأكثر أصالة وشهرة للمأكولات الشعبية الفلسطينية في مدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة.
احتضان المحررين
يقول محمد عليان والد الشهيد بهاء والأسير المحرر، إن الأسير محكوم بالصبر والصمود والعمل على استغلال الوقت لتنمية ثقافته ومعلوماته وتوقيد انتمائه للقضية، مع استمرار حلمه بالحرية ولحظة الإفراج.
واعتقل عليان في العشرين من عمره، وحكم عليه بالسجن المؤبد قبل أن يتم الإفراج عنه خلال صفقة تبادل أسرى عام 1985، وبعد أن قضى عشر سنوات من ريعان شبابه داخل سجون الاحتلال.
ويروي في حديثه لوكالة "صفا"، إنه كان يحرص على القراءة في مختلف العلوم والمجالات، بالرغم من أنه كان لا يزال شاباً يافعاً لم يتمم تعليمه بعد.
وحرص عليان على تعلم اللغة العبرية، ليبقى على اتصال مع العالم الخارجي، إذ لا يسمح الاحتلال إلا بإدخال الصحف العبرية إلى داخل السجن، وكان مع أسرى آخرين يقومون بترجمة نشرة أخبار يومية ويوزعونها على الأسرى.
وقال إن سنين السجن فيها من الانجازات بقدر ما فيها من الألم والوجع، موضحاً أنه كان شاباً في مقتبل عمره سلب حريته وحرم من تحقيق أحلامه وطموحاته.
وأضاف حول الواقع الذي يوجه الأسرى المحررين بعد الإفراج: "كنا في الأسر نحلم بالحرية وبعد التحرر توقفنا عن الحلم"، فحلم الأسير أن يتجول في السهول والوديان وأن يأكل وينام كيفما يشاء ويلتقي بمن يشاء، ولكننا بعد التحرر وجدنا أنفسنا في سجن أكبر نواجه فيه تحديات وضغوطات أصعب بكثير".
ويضيف إنه خرج من السجن بلا مهنة وبلا تعليم، وكان عليه أن يبني بيتاً دون أية امكانيات على الصعيد المادي أو الاجتماعي، حتى تمكن من استغلال تعلمه للغة العبرية وعمل مترجما قانونيا.
وبيّن أنه استخدم مهاراته التي تعلمها داخل الأسر لمواجهة مصاعب العودة إلى التعليم بعد انقطاع عشر سنوات، لإتمام تعليمه في تخصص التمريض ونيله شهادة الماجستير في تخصص القانون الدولي.
وأضاف أن الأسرى المحررين لا يتلقون العناية الكافية والمساعدة المطلوبة على الصعيدين المادي والاجتماعي.
ودعى إلى استثمار امكانيات الأسرى المحررين الثقافية، مضيفاً "أن الأسرى المحررين لديهم مقدرة وكفاءة على القيادة وثقافة وطنية عالية، وعلى المؤسسات التي تعنى بالأسرى المحررين أن تعيد النظر في سياسية احتضان الأسرى بعد الإفراج عنهم".
ولفت عليان إلى تقديم هيئة الأسرى قرضاً مالياً لكل أسير محرر في مطل التسعينيات وكان واحد من بينهم، لكنه طلب من الهيئة أن تعلمه مهنة ليتمكن من العمل فيها ويحقق من خلالها عائد مادي منتظم.
وأضاف إن الهيئة وفرت له دورة تصوير تدريبية، أتقن من خلالها مهنة التصوير وعمل فيها مدة طويلة بعائد مادي مكنه من تدريس أبنائه وإعالة أسرته.
أ ك/س ز

/ تعليق عبر الفيس بوك

تابعنا على تلجرام