رفعت لغة التهديدات المتصاعدة بين الاحتلال الإسرائيلي وفصائل المقاومة جراء الانتهاكات بالمسجد الأقصى وما أعقبها من سلسلة عمليات فدائية، احتمالات تدحرج كرة اللهب نحو اندلاع مواجهة عسكرية جديدة.
وبدأت موجة التهديدات عقب عملية نفذها فلسطينيان في مستوطنة أرئيل قرب سلفيت شمالي الضفة الغربية المحتلة في 29 أبريل/ نيسان المنصرم وأسفرت عن مقتل إسرائيلي، وتبنتها في وقت لاحق كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس.
وعقب تنفيذ العملية، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت: إن "منفذي العمليات ليسوا الوحيدين الذين سيدفعون الثمن، بل الجهة التي ترسلهم أيضًا، حتى إن كانوا بعيدون مسافة ألف كيلومتر"، ملمحًا إلى إمكانية استهداف قيادات بالمقاومة.
لكن ما بلغ بالتهديدات ذروتها، العملية التي نفذها شابان في مستوطنة إلعاد شرق تل أبيب يوم الخميس الماضي وأدت لمقتل 3 إسرائيليين وإصابة 4 آخرين، وجاءت عقب ساعات من اقتحام مئات المستوطنين للمسجد الأقصى.
وردًا على هذه العملية طالبت جهات إسرائيلية واسعة باغتيال رئيس حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار بصفته "المحرض الأول" على تنفيذ العمليات.
وفي خضم موجة الوعيد الإسرائيلية غير المسبوقة، حذرت كتائب القسام الاحتلال الإسرائيلي من أن الإقدام على اغتيال السنوار أو أي من قادة المقاومة سيكون "إيذانٌ بزلزالٍ في المنطقة وسيُقابل بردٍّ غير مسبوق"، وذلك عبر تغريدة لمتحدثها الرسمي أبو عبيدة.
وبهذا الصدد، يرى مراقبون أن انجرار الأوضاع إلى مواجهة عسكرية في ظل الموجهة الحالية من التهديد، مرهون بسلوك الاحتلال الذي من المستبعد أن يصل إلى خيارات من هذا النوع.
احتلال "انتهازي"
ويشير المختص بالشأن السياسي مصطفى الصواف إلى أن "ذهاب الوضع إلى مواجهة عسكرية مرتبط بكيفية تصرف الاحتلال".
ويقول في حديث مع وكالة "صفا": إن "الأمور ما زالت تراوح مكانها، لكن إذا نفذ الاحتلال ما هدد به فمعنى ذلك أن زلزلًا سيمر بالمنطقة بكاملها، كما توعدت القسام".
ويضيف الصواف أن "الاحتلال انتهازي وهو لن ينفذ شيء في الوقت الراهن، ولكن يبقى القرار لديه قائمًا إلى حين انتهاز الفرصة المناسبة التي يمكن أن ينفذ فيها الاحتلال جريمته".
ويؤكد أن "الاحتلال يأخذ تهديدات المقاومة على محمل الجد ويضع لها ألف حساب ولذلك لا أتوقع أن يكون هناك ما يمكن أن يقوم الاحتلال به على المدى القريب".
ويتابع الصواف، "ولذلك لن تقدم المقاومة على أي شيء ما دام لا يتجاوز الاحتلال الخطوط الحمراء".
وينوه المحلل السياسي، أن التهديدات الراهنة، ومحاولات الاحتلال فرض السيطرة على المسجد الأقصى عوامل قد تؤدي إلى مواجهة عسكرية التي تحاول حكومة الاحتلال تفاديها حاليا بسبب أزمتها الداخلية، إضافة للوضع في الإقليم.
خيار مستبعد حاليا
من جانبه يرى المحلل السياسي طلال عوكل، أن رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينيت يعلم بأن الذهاب إلى خيار عودة الاغتيالات للتغطية على فشله، سيؤدي إلى رد فعل من المقاومة قد يتسبب في سقوط حكومته.
ويوضح عوكل في حديث لـ"صفا" أن كل التهديدات لم تأخذ الطابع الرسمي حتى الآن، وإنما تصدر عن صحفيين وكتاب ومسؤولين سابقين.
ويؤكد أن "إسرائيل لا تستطيع أن تقوم بعمل من هذا النوع في الوقت الراهن نظرا لتعقيد الوضع السياسي الداخلي".
ويقول عوكل: "رغم أن إسرائيل ليس لديها استعداد للذهاب إلى عملية عسكرية حاليًا، لكن الحذر مطلوب".
ويضيف أن "سياسات الاستيطان في الضفة الغربية والاقتحامات المتواصلة للمسجد الأقصى صواعق قد تتسبب بانفجار الأوضاع في أي لحظة، خصوصا أن العمليات الأخيرة لا يستطيع أحد إيقافها".
واستدرك عوكل، "لكن خلال الفترة القريبة المقبلة لا أتوقع أن يكون هناك مواجهة عسكرية واسعة؛ لأن لا حسابات المقاومة ولا حسابات إسرائيل ولا حسابات الإقليم ولا الحسابات الدولية تسمح بهذا الخيار".