يواصل الاحتلال الإسرائيلي اقتحاماته وانتهاكاته في القدس المحتلة وتدنيسه للمسجد الأقصى خلال شهر رمضان المبارك لإتاحة الفرصة لعشرات المستوطنين لأداء طقوسهم التلمودية وفرض وقائع جديدة تسعى لها الجماعات الإسرائيلية المتطرفة بمباركة ودعم من حكومة "نيفتالي بينت".
وجددت قوات كبيرة من الاحتلال فجر اليوم الأحد اقتحامها للمسجد الأقصى ما أدى إلى اندلاع مواجهات مع المرابطين داخله، فيما اعتقلت عددًا من المرابطين واعتدت بالضرب عليهم، ما أسفر عن وقوع إصابات في صفوفهم، كما اعتدت على النساء عند أبواب مصلى قبة الصخرة بالمسجد الأقصى المبارك.
بدورها قالت الفصائل الفلسطينية إن تجدد الاقتحامات والاعتداءات على المسجد الأقصى تكشف النوايا الحقيقية للاحتلال الذي يمارس التضليل والخداع لتمرير مخططات الإرهاب اليهودي في محاولة فاشلة لفرض التقسيم الزماني والمكاني في المسجد، لافتةً أن تجدد هذه الانتهاكات والاعتداءات الخطيرة قد تدفع نحو المواجهة الشاملة.
ورفضت رئاسة السلطة ونددت بسلوك سلطات الاحتلال وتصريحات رئيس الحكومة الإسرائيلية "نفتالي بينت" حول "أحقية أي شخص الدخول للمسجد الأقصى والصلاة فيه".
واعتبرت الرئاسة الفلسطينية في تصريحات للناطق باسمها نبيل أبو ردينة هذه التصريحات والاقتحامات والانتهاكات محاولة لتشريع التقسيم الزماني والمكاني للمسجد، إلا أن تصريحات السلطة لم تخرج عن نطاق التنديد وتسجيل المواقف دون فعل رادع على الأرض، وفق كتاب ومحللون مختصون بالشأن الفلسطيني.
ورأى هؤلاء خلال أحاديث منفصلة مع وكالة "صفا"، أن السلطة تمارس دورًا حياديًا لا قياديًا للهبة الجارية بالقدس المحتلة والمسجد الأقصى تحديدًا، "دون فعل مؤثر على الأرض في تقصير واضح تجاه الدفاع عن مقدسات الأمة، ما يثير التساؤل متى ستتحرك قيادة هذه السلطة باتجاه خطوات فعلية ضاغطة لردع الاحتلال ومستوطنيه".
جبهة إنقاذ وطني
وحسب مختصون بالشأن الفلسطيني فإن ما يحصل في القدس والمسجد الأقصى يستدعي توحد جميع الفلسطينيين فورا بتشكيل جبهة إنقاذ وطنية حقيقية تكون المقاومة ظهيرها والبندقية سندها، لتقود شعبنا نحو المواجهة مع الاحتلال الذي لا يفهم إلا لغة القوة واليد العليا.
الكاتب والمحلل مصطفى الصواف، قال خلال حديثه لـ "صفا":" التهديدات والتصريحات لا تعني شيئا فالأقصى يقتحم وتنتهك حرماته، في الوقت الذي تدعو قيادة السلطة لاجتماع عاجل لتدارس الوضع ".
واعتبر الكاتب الصواف اقتصار السلطة إطلاق التصريحات وتصدير المواقف فقط تقصيرا واضحًا وموقفا سلبيا تسجله هذه السلطة على نفسها، ولا يصب إلا بمصلحة استمرار علاقتها الأمنية والاقتصادية مع هذا الاحتلال الذي يسعى لتسريع فرض التقسيم الزماني والمكاني على أولى القبلتين.
واستغرب من دعوة قيادة السلطة لعقد اجتماع "عاجل" بعد يومين من الاقتحامات والانتهاكات المستمرة، في خطوة اعتبرها الكاتب وكأنه إعطاء المزيد من الوقت للاحتلال ومستوطنيه نحو تنفيذ مرادهم.
وقال" السلطة لم تمارس حتى الضغط السياسي والدبلوماسي واكتفت بالتصريحات الإعلامية التي أستغربها، في وقت ذهبت فيه لاعتقال ومطاردة المقاومين بالضفة في سلوك يتنافى مع تصريحاتها".
ودعا الكاتب الصواف إلى تشكيل جبهة إنقاذ وطني تشمل الجميع بظهير المقاومة والبندقية، وترك التنديدات والمطالبات من المجتمع الدولي والأمم المتحدة والوسطاء "الذين لم يفعلوا شيئا مجديًا حتى اللحظة لردع الاحتلال ووقف اقتحاماته وانتهاكاته".
وأوضح أن على هذه الجبهة الوطنية المقترحة القيام بدور يتماهى مع الهبة الحالية في كل فلسطين لتكون جزءا منها، وتقودها نحو النزول للشوارع للدفاع عن المقدسات والمقدرات الفلسطينية.
تقصير يصل لحد التواطؤ
أما الكاتب والمحلل ذو الفقار سويرجو فوصف خلال حديثه لـ "صفا" الاقتصار على إطلاق التصريحات والتنديدات بالموقف السلبي، لافتا أن هذا التقصير من جانب قيادة السلطة نحو حماية المواطنين والمقدسات يصب في مصلحة الاحتلال ومخططاته.
وقال سويرجو: "مالم يكن هناك فعلا على الأرض من قبل السلطة والحكومة الفلسطينية، فإن التصريحات الإعلامية وتسجيل المواقف المنددة والرافضة وتوصيف ما يجري "ذر للرماد بالعيون ويقع ضمن التواطؤ الذي لا يمكن قبوله".
وأضاف "لا نريد للسلطة أن تقوم بدور الداعم فقط، فالدول الأجنبية رفضت ونددت بأفعال الاحتلال ومستوطنيه، ويجب على هذه السلطة أن تكون جزءًا من المواجهة التي بدأت تذهب باتجاه نواحي استراتيجية".
وتابع "على السلطة أن تتخذ إجراءات وخطوات فعلية رادعة لحماية القدس والمسجد الأقصى، وعدم اتخاذ هذا الموقف سيكون وصمة عار عليها، وكأنها جزء من هذه المؤامرة التي تحاك ضد المقدسات".
وختم " نتمنى على قيادة السلطة شحذ الهمم ووقف كل أشكال التنسيق الأمني، وإعطاء الأوامر بالدفاع عن المواطنين الفلسطينيين بالقدس ورفع يدها الغليظة عن المقاومة في الضفة، وألا تقف كحاجز فصل بين الفلسطينيين والاحتلال فهذا الدور لم يعد مقبولا".