"لا أصدق أن حلمي بالإفراج عن شادي قد تحقق، فاليوم ألامس جسده وأعانقه وأقبله".. هذا ما قالته والدة الأسير المقدسي شادي الشرفا الذي أُفرج عنه قبل أيام بعد اعتقال دام 20 سنة في سجون الاحتلال.
وتضيف والدة المحرّر لوكالة "صفا"، "نمتُ بجانبه يوم الإفراج عنه، واستيقظت فجرًا ولم أجده بجانبي، حينها شعرت بخوف شديد من اعتقاله مجددًا".
وبعد البحث، وجدت الأم ابنها يجلس في غرفة الضيوف، وأخبرها أنه لم ينم طوال الليل، فسألته بدعابة: "هل الفرشة والوسادة غير مريحة؟ أم تريد البرش (سرير السجن)، فضحك.
هذه حكاية والدة الأسير الشرفا التي كانت تنتظر نجلها بشوق ولهفة بعد سنوات طويلة من الحرمان، إذ لم تدرك حتى اليوم أن نجلها بين يديها.
والأسير الشرفا (45 عامًا) من حي واد الجوز بالقدس المحتلة، حكمت عليه محكمة الاحتلال بالسجن لمدة 20 سنة، بعد أن وجهت له تهمة الانتماء للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والمشاركة في عدة نشاطات وفعاليات.
وأبت شرطة الاحتلال كعادتها إلا التنغيص على المحرر وعائلته لحظة الإفراج عنه من سجن ريمون، وأعادت اعتقاله لساعات طويلة قبل الإفراج عنه، شرط منعه من دخول الضفة الغربية 10 أيام للمشاركة في احتفالات إطلاق سراحه.
وعن خطف الأسير شادي لحظة الإفراج عنه، يقول والده لوكالة "صفا"، إن: "الاحتلال يكره رؤية السعادة لدى الأسير وعائلته، ويريد تنغيص لحظات الفرح التي يشارك فيها عدد كبير من أفراد العائلة والأقارب والأصدقاء".
أوضاع السجون
وعن الأوضاع في سجون الاحتلال، يقول الشرفا لمراسل وكالة "صفا"، إن الأوضاع هناك تحسّنت عن قبل بضعة أشهر، إذ عانى الأسرى مطلع العام من ضغط إدارة السجون في محاولة لسحب مجموعة من الإنجازات.
ويبين أن الأسرى أجمعوا على قرار موحد لأول مرة منذ 15 عامًا، وهي حالة نادرة شاركت فيها الفصائل كافة، واتخذت خطوات تصعيدية لمواجهة إدارة السجون، تمهيدًا لخوض معركة الإضراب المفتوح عن الطعام.
ويضيف "استطعنا وقف الإضراب وتحقيق إنجازات، لكن ما زال هناك تحضير لخطوات تصعيدية ستبدأ في أكتوبر، لحل قضايا عالقة كالإجراءات التعسفية التي اتخذت بحق أسرى الجهاد الإسلامي، منذ محاولة انتزاع الحرية التي جرت في سجن جلبوع".
ويتابع "القضية الثانية تتعلق بالأسيرات، إذ نطالب بتغيير قسم الأسيرات ونقلهن من سجن الدامون، والقضية الثالثة هي قضية المعتقلين الإداريين والأشبال".
ويشير إلى أن هناك 490 معتقلًا إداريًا يرفضون التعامل أو التعاطي مع المحاكم، وهم بحاجة لخطوة شاملة من كافة الأسرى لإنهاء سياسة الاعتقال الإداري التعسفي.
يوم سياسي
وعن اقتراب موعد إحياء يوم الأسير الذي يوافق 17 أبريل/ نيسان من كل عام، يقول المحرر الشرفا إن هذا اليوم هو "يوم سياسي بامتياز، لأن قضية الأسرى ليست قضية إنسانية ومعيشية فحسب؛ إنما قضية سياسية".
ويشير إلى أن رسالة الأسرى في هذا اليوم هي التوجه إلى المحافل الدولية، للمطالبة بالاعتراف بهم كأسرى حرب".
ويؤكد أن "الاحتلال ينتهك القانون الدولي بعدم الاعتراف بنا كأسرى حرب، بالتالي يجب أن يتحول الاعتقال السياسي الذي تمارسه سلطات الاحتلال إلى أداة للضغط عليه، بدل أن يكون سيفا مسلطا على رقاب شعبنا".
الاعتراف بأسرى الحرب
ويشدد الشرفا على أن هذه الخطوة مرتبطة بقرار جريء من المستوى السياسي الفلسطيني عبر التوجه إلى المحافل الدولية للمطالبة بالاعتراف بهم كأسرى حرب.
ويقول إن: "المماطلة والتسويف في رفع ملف الأسرى الى محكمة الجنايات الدولية ومحكمة العدل الدولية خطيئة كبيرة للقيادة السياسية".
ويضيف الشرفا "آن الأوان للفصائل الفلسطينية أن تشرك الأسرى في صناعة وصياغة القرار السياسي، ممنوع أن يكون الأسرى جزء مهمل ويتم الاهتمام بهم على صعيد المعاشات فقط وغيرها".
ويؤكد الشرفا أن "الأسرى قيادات سياسية، ومن حقهم المشاركة في العمل والقرار السياسي والقيادة السياسية، وآن الأوان ليكون لدى مجتمعنا قيادة ديمقراطية حكيمة تسمع لكل مكونات شعبنا، والأسرى جزء لا يتجزأ من مكوناته، وإهمالهم خطيئة كبرى، لأننا عمليا نبدد طاقات كامنة كبيرة جدا موجودة في السجون".
محطات عصيبة
وعن المحطات الصعبة التي مر بها الأسير الشرفا داخل السجون، يشير إلى أن حملات القمع والإضرابات وتوديع أسرى أو استشهادهم، كلها لحظات عصيبة، أما على الصعيد الشخصي، فتُعد أصعب لحظة هي المشاهد التي نُشرت بعد احتلال أمريكا للعراق.
وعن هذه اللحظة، يضيف "أصعب لحظة اغتسلنا فيها بالدموع، كانت بعد احتلال العراق، عندما شاهدنا الناس يدخلون إلى متحف بغداد، وأمينة المتحف تصرخ: هذا تاريخنا.. حرام تسرقوا تاريخنا، والجندي الأمريكي يضحك".
أما بالنسبة للإنجازات الأكاديمية للأسير الشرفا، فقد حصل على شهادتي بكالوريوس في العلاقات الدولية والعلوم السياسية من جامعة القدس في أبو ديس، وإدارة الأعمال من جامعة الأمة في غزة، وماجستير الدراسات الإقليمية تخصص الدراسات الإسرائيلية.