" أهديك أحلى وردة وعمري كله " حتى أراك خارج سجون الاحتلال، هذا ما قالته والدة الأسير المقدسي أكرم القواسمي في اليوم الذي تزامن مع اعتقاله قبل 26 عاما.
وتقلب والدته أم محمود أوراق الرزنامة يوميا، ليس لمعرفة الأيام المتبقية من حكمه المؤبدين، بل لتسابق الزمان لعلها تحتضنه قبل وفاتها، بعد أن قاربت على سن السبعين عامًا.
ويصادف اليوم الاثنين ذكرى اعتقال الأسير أكرم ابراهيم القواسمي من سكان حي رأس العامود ببلدة سلوان بالقدس المحتلة منذ تاريخ 28 – 3- 1996، ودخوله العام الـ27 في الأسر.
وتنتظر والدته بلهفة وشوق الإفراج عن نجلها أكرم في صفقة تبادل للأسرى، وتقول لوكالة "صفا" إنه "مضى على اعتقال أكرم أكثر من ربع قرن انطوت من عمري وعمره، وما زلنا ننتظر بحرقة وألم موعد الإفراج عنه".
وتضيف "أكرم موجود معنا في كل ثانية ولحظة بحياتنا، وأنتظر موعد زيارته بلهفة وشوق، وأتمنى أن يطيل الله عمري لمشاهدته محررا قبل وفاتي".
وعندما تفتقد أم محمود نجلها أكرم تسارع لتفقد صوره وشهاداته، وتسترجع ذكريات الاعتقال وتذهب لتشتم رائحة ملابسه، وتتساءل "متى يأتي اليوم الذي يفرج عنه لعناقه والجلوس معه؟".
وتبين أن روحها تعلقت بالمنزل القديم الذي شهدت جدرانه لحظة اعتقال أكرم، إذ كانت عندما تشتاق إليه تذهب لغرفته وسريره.
وتقول "فراق أكرم صعب للغاية وأفتقده بشدة، وحرمته إدارة السجون من المشاركة في تشييع جثمان والده قبل 12 عاما، وجميع أبنائي الستة وشقيقتيه تزوجوا بينما كان في السجن".
وتناشد كافة المؤسسات والمسؤولين ووزارة الأسرى الوقوف بجانب أهالي الأسرى والأسيرات ومساندتهم، وخاصة ذوي الأحكام العالية والذين قضوا سنوات طويلة داخل سجون الاحتلال، والعمل على اتمام صفقة تحرير الأسرى.
وعبرت عن حزنها الشديد لعدم الإفراج عن أكرم ضمن صفقة شاليط عام 2011، حيث كان اسمه مدرجا ضمن قائمة المفرج عنهم، إلا أنه تم استبدال اسمه بأسير آخر مريض من نابلس.
حرمانها من الزيارة الخاصة
وتشعر أم محمود بالحزن والأسى لأن مصلحة السجون حرمتها منذ عامين من الزيارة الخاصة بسبب جائحة كورونا، وتبين أنه يفصل بينها وبينه زجاج الأسر الذي يحول دون مصافحته وعناقه ويتحدثان عبر الهاتف مع بعضهما البعض.
وتوضح أن لحظة اعتقال نجلها أكرم من أصعب المحطات التي مرت فيها أم محمود.
وتقول:" اعتقلوه من مكان عمله وعمره 21 عاما، وقضى في زنازين التحقيق والعزل 85 يومًا، تألمنا خلالها بشده لحرماننا من رؤيته، وصدمنا عند إصدار حكما بحقه بالسجن مؤبدين".
وتشير إلى أن أكرم خاض إضرابات عن الطعام تضامنا مع الحركة الأسيرة، ما أدى إلى حرمانه من الزيارة نحو 5 أشهر، بالإضافة إلى حرمانه من ادخال الكانتينا والملابس له.
كتاب فضاءات الثقوب
وعبرت أم محمود عن سعادتها الكبيرة عندما أطلق أكرم كتابه من داخل السجن بعنوان "فضاءات الثقوب"، وتكريمها من قبل مركز بيت المقدس للأدب في حفل خاص نظم بمدينة البيرة.
ويتحدث الأسير أكرم في كتابه عن مرحلة قبل الاعتقال، والأحداث التي رافقت اعتقاله، ومرض والده قبل وفاته، والزيارة المفتوحة الأولى، وصفقة تبادل الأسرى عام 2011 وانعكاساتها، والإضراب المفتوح عن الطعام ومرحلة التعليم الجامعي، وحرب "العصف المأكول" والأمل المنشود.
50 أسيرًا مقدسيًا
ويعد الأسير القواسمي ضمن نحو 50 أسيرا مقدسيا محكومين بالسجن مدى الحياة، وقضى أقدم أسير مقدسي سمير أبو نعمة 36 عاما في سجون الاحتلال، بينما قضى الأسير خالد قطينة 6 سنوات من حكمه المؤبد.
فيما اختطفت سلطات الاحتلال 7 أسرى مقدسيين أفرج عنهم بصفقة شاليط، وأعادت اعتقالهم لإكمال مدة محكومياتهم، وأقدمهم الأسير المقدسي علاء البازيان الذي قضى أكثر من 39 عاما في سجون الاحتلال.
وتنقل الأسير القواسمي في كافة السجون ويقبع حاليا في سجن نفحة الصحراوي.
وكان قد ولد بتاريخ 11- 1 – 1974، وأكمل دراسته الابتدائية والإعدادية والثانوية في القدس، حيث تميز بالتفوق في دراسته، ثم حصل على شهادتين في الثانوية العامة وشهادتين في البكالوريوس" تخصص تاريخ من جامعة الأقصى غزة.
كما حصل على تخصص اجتماعيات من جامعة القدس المفتوحة وشهادة ماجستير في الدراسات الاسرائيلية من جامعة أبو ديس.
وبرز الأسير القواسمي في الجلسات الثقافية التنظيمية وخدمة إخوانه الأسرى، كما عمل عضوا في الهيئة القيادية العليا لأسرى حركة حماس، وممثلا لحماس أمام إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية.