كشف ضابط كبير سابق في جهاز المخابرات الإسرائيلية (الشاباك) عن سر الإخفاقات الأخيرة التي مني بها الجهاز، بعد الفشل في منع موجة العمليات التي ضربت الكيان خلال الأسابيع الأخيرة.
وقال مسؤول منطقة رام الله السابق في الجهاز "غونين بن يتسحاك"، وفق ترجمة وكالة "صفا"، إن اعتماد "الشاباك" خلال السنوات الأخيرة بشكل أكبر على المعلومات عبر التكنولوجيا أضعف من قدرة الجهاز على مواكبة الأحداث على الأرض، وخاصة داخل الخلايا التي تبتعد عن الوسائل التكنولوجية، متهمًا الجهاز بإهمال العامل البشري (العملاء).
وأشار الضابط إلى أنه "من حق الإسرائيليين أن يبدأوا بالقلق، بعد أن فشل الشاباك حتى الآن في منع سلسلة العمليات الأخيرة التي حصدت أرواح 14 إسرائيليا وأصابت العشرات".
واتهم "بن يتسحاك" الشاباك بالإدمان على المراقبة الإلكترونية، وإهمال تجنيد العملاء داخل المناطق الفلسطينية خلافاً للوضع السابق قبل عقدين من الزمان.
وأضاف "من حق الإسرائيليين أن يقلقوا بعد الفشل الاستخباري الذريع في منع هذه العمليات، وهو نتيجة مباشرة لإهمال الشاباك للعامل البشري في حربه على الإرهاب واعتماده على السايبر والتكنولوجيا خلال السنوات الأخيرة"، على حد تعبيره.
وذكر الضابط السابق أن "الشاباك علّمهم في السابق كيفية الإبداع في تجنيد العملاء"، لافتًا إلى أن "عدد مسؤولي الشاباك في المناطق الفلسطينية لم يتغير منذ عشرات السنين على الرغم من تضاعف عدد السكان الفلسطينيين".
وقال: "اعتمد الشاباك خلال السنوات الأخيرة بشكل أكبر على المعلومات الاستخبارية التي يستقيها عبر التجسس الإلكتروني، لكنه لم ينجح في الموازنة ما بين الطاقات الكبيرة التي يدفع بها للمجال التكنولوجي وبين الحفاظ على إرث الشاباك الكبير في مجال الاستخبارات الميدانية عبر العملاء، وبالتالي فقد تآكلت مصادر الشاباك البشرية مع مرور السنوات".
ولفت الضابط، وفق ترجمة وكالة "صفا"، إلى أن "بعض ضباط الشاباك القديمين انتقلوا للعمل في مجال التجسس الإلكتروني، ويتم تشغيلهم عبر عقود، لكن في حال حصولهم على منح أفضل يلجؤون لترك الجهاز؛ وبالتالي تراجع ارتباط الضباط بالجهاز بشكل أكبر".
وأكد ضرورة أن "يعرف ضباط المناطق في الشاباك منطقة الاختصاص معرفة ممتازة من حيث الأحياء والشوارع والمنازل والجماعات والعائلات والمسلحين وغيرهم، والقدرة على تغطية المنطقة استخباريًا بالعملاء.
وأضاف "يتوجب على ضابط الشاباك خلال لقاءاتهم مع العملاء التركيز على أي تغيرات في المنطقة والمزاج العام ووجود مقدمات ومؤشرات لتغير ما لدى بعض الشبان مثل توبة بعضهم وارتياد بعضهم المساجد بشكل مفاجئ، وخروج ناشطين إلى الجبال في ساعات الليل".
وتابع "كل هذه أدلة على إمكانية إقدامهم على عملية ما".
واستدرك بأن السنوات الأخيرة اتسمت بضعف العامل البشري وإهمال جانب العملاء؛ الأمر الذي انعكس على شكل سلسلة إخفاقات مُني بها الشاباك مؤخرًا.
واستدل الضابط على ضعف المعلومات الاستخبارية من العملاء بتمكن منفذ عملية تل أبيب الأخيرة رعد حازم من إطلاق 12 رصاصة من مسدس، أصابت 9 أشخاص، لافتًا إلى أن هكذا أداء لم يكن وليد الصدفة بل سبقه تدريب عسكري واسع حتى أصبح بهذه المهارة، وأنه لم يكن عبر وسائل تكنولوجية بل عبر العامل البشري.
ودعا "بن يتسحاك" الشاباك إلى "العودة لبذل الكثير في سبيل تجنيد العملاء بدءاً من تجنيد المزيد من ضباط المناطق في الشاباك وتطوير القدرات".
وذكر أن "مجال التجسس التقني والإلكتروني يبدو مثيراً بشكل أكبر، وحتى أنه مريح؛ إلا أن الشاباك يفقد بذلك القدرات الاستخبارية المهمة، وسيكون الفشل ثمنه المزيد من دماء الإسرائيليين".
وكان "بن يتسحاك" يقف خلف عديد عمليات تجنيد العملاء واعتقال القادة الفلسطينيين خلال السنوات الماضية، أبرزها اعتقال قائد كتائب شهداء الأقصى الأسير مروان البرغوثي.