بدا جليًا للعيان أن "إسرائيل" معنية بتأجيج الأوضاع في الداخل الفلسطيني المحتل بعد فرضها عقوبات متتالية بعد عمليتي الخضيرة وبئر السبع اللتيْن نفذهما شبان من الداخل، وزيادتها أمس الأول بمنع أهل أراضي الـ48 من دخول مدينة جنين أو الخروج منها.
وأصدر وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي بيني غانتس مساء السبت رزمة من القرارات بعد انعقاد جلسة على أثر التوتر الأمني، أبرزها منع دخول وخروج فلسطينيي الـ48 من وإلى جنين، سواء كان الدخول مشيًا على الأقدام أو من خلال المركبات، من حاجزيْ الجلمة وريحان.
واستثنى القرار الاحتلالي الطلاب الجامعيين من فلسطينيي الـ48 الذين يدرسون في الجامعة العربية الأميركية من الإجراءات العقابية المفروضة، لكن الدخول إلى جنين ليس عبر المركبات إنما مشيًا على الأقدام من حاجز الجلمة.
ووفقًا للقرارات الصادرة، فسيُمنع تجار جنين أيضًا من الدخول إلى أراضي الداخل المحتلة عام 1948.
ويعني القرار الإسرائيلي حرمان 5 آلاف فلسطيني من لقاء ذويهم وعائلتهم على جانبي أراضي الـ48 بين سكان محافظة جنين والداخل.
عودة العسكرة
ويقول القيادي وعضو الكنيست بالقائمة العربية المشتركة سامي أبو شحادة لوكالة "صفا": "إن هذه القرارات هي عقوبات جماعية أولًا، وجريمة بحسب القانون الدولي ثانيًا".
ويضيف "الأهم أن هذه هي عودة لنفس الأخطاء التي تقودها العجلة العسكرية الإسرائيلية، والتي مفادها زيادة الضغط والعقوبات على أبناء الشعب الفلسطيني".
ويشير إلى أن "إسرائيل" تظن أنها تبعد بهذه العقوبات أبناء الشعب الفلسطيني في الداخل عن مقاومة الاحتلال، لكنه يؤكد أن "هذا لن يحصل، بل قد يأتي بنتائج معاكسة تمامًا لما يريده وزير جيش الاحتلال".
ويدلل أبو شحادة على النتائج العكسية التي يمكن أن تحدث بـ"التجربة التاريخية للعقوبات والمحطات السابقة، التي أكد خلالها أبناء شعبنا أنهم لن يتنازلوا عن حقوقهم مهما كانت الضغوطات والعقوبات".
لذلك يحذر من النتائج الوخيمة التي قد تتركها هذه العقوبات والتي "لن تأتي إلا على رأس إسرائيل".
ويشدد عضو "المشتركة" على أن المشكلة والقضية هي الاحتلال الإسرائيلي لأرض فلسطين، والحل يكمن في إنهاء هذا الاحتلال.
وتأتي قرارات الاحتلال عقب عملية "تل أبيب" التي نفذها الشاب رعد حازم من مخيم جنين، وأدت لمقتل 3 إسرائيليين وجرح أخرين، كما تأتي في ظل عمليات الاحتلال المتواصلة ضد المخيم، والتي ارتقى خلالها ستة شبان كان آخرهم الشاب أحمد السعدي، والشاب محمد زكارنة في المدينة.
وسبق القرارات المذكورة أعلاه ضد فلسطينيي الداخل عقوبات أخرى اتخذتها حكومة الاحتلال الأسبوع الماضي ضد فلسطينيي الـ48 عقب عمليتي الخضيرة وبئر السبع والتي نفذها شبان من أم الفحم والنقب.
ومن أبرز القرارات المتخذة إصدار أوامر اعتقال إدارية ضد فلسطينيي الداخل، وهو قرار دخل حيّز التنفيذ ووقع غانتس قبل يومين على قرارات اعتقال إدارية، وهي سابقة في تاريخ أراضي الـ48 التي تخلّصت من "قانون الطوارئ" بعد عام النكبة.
كما قررت شرطة الاحتلال تعزيز تواجدها في بلدات الداخل الفلسطيني، بل وتحويل الجيش إليها، ما يعني أنها أصبحت مثل أراضي الـ67.
استغلال لإيجاد ذرائع
ويرى أبو شحادة أن "إسرائيل كما يبدو في الأشهر الأخيرة خاصة مع الاجتياح الروسي لأوكرانيا، تعمل على إيجاد ذرائع لزيادة عدوانها على الشعب الفلسطيني".
ويقول: "هي ترى في الوضع الراهن فرصة لزيادة العدوان وتمرير سياساتها، بسبب غياب الرقابة الدولية وانشغال المجتمع الدولي بالحرب الروسية على أوكرانيا وما آلت إليه".
ويشدد على أنه "ليس لأي من الأطراف الفلسطينية مصلحة في تأجيج الأوضاع، وفي كل ما يجري في الساحة الفلسطينية، خاصة في هذا التوقيت".
ويؤكد أبو شحادة أن "إسرائيل وحدها من تفتعل التوتر والعنف في المنطقة، وهي من تريد قمع الفلسطينيين، وهذا أصبح واضحًا، فهي تريد تمرير سياساتها، وهي تتحمل نتيجة هذه الإرادة وكل القرارات التي تتخذها لزيادة الضغط على أبناء الشعب الفلسطيني".