مع تزايد وتيرة العمليات الفدائية في الأراضي المحتلة عام 1948؛ بدأت المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية بالتعاون مع الإعلام العبري في إبراز دور الوحدات الخاصة وتعظيم شأنها بشكل مبالغ فيه، وهو ما يشير إلى محاولة يائسة لرفع معنويات الإسرائيليين.
وبدا خلال تغطية عملية "تل أبيب" تركيز الإعلام العبري على أسماء وتشكيلات الوحدات الخاصة المشاركة في عملية البحث عن المنفذ.
وجرى تصوير شتى تشكيلات الوحدات الخاصة "شلداغ" و"شاييطت 13"، و"ساييرت متكال"، و"يمّام"، و"يماس"، و"دفدفان"، في حين لم تتمكن كل هذه التشكيلات الخاصة من الوصول للمنفذ.
وتمكن اثنان من عناصر وحدة العمليات التابعة للشاباك من الوصول للمنفذ رعد حازم عن طريق الصدفة قرب أحد مساجد يافا، والاشتباك معه، ما أدى لاستشهاده.
في حين لوحظ في عناوين الصحافة العبرية صباح اليوم الأحد، وفق متابعة وكالة "صفا"، التركيز على أسماء الوحدات العسكرية الخاصة المشاركة في اقتحام جنين على حساب العنوان الحقيقي للخبر.
ونشرت صحيفة "يديعوت" هذا الصباح عنوانًا كتبت فيه: "قوات مقاتلة من وحدة شاييطت 13 ودودفان ووحدة الاستطلاع التابع لجولاني شنت عملية عسكرية على منطقة جنين الليلة الماضية وأحبطت تنفيذ عملية".
أما صفحة الناطق بلسان جيش الاحتلال فقد ركزت هي الأخرى على تعظيم أسماء الوحدات العسكرية المشاركة في العملية بدلاً من محتواها، وكتبت: "مقاتلو وحدة شاييطت 13 ودفدفان واستطلاع جفعاتي شنوا هجومًا على مناطق جنين وأحبطوا عملية".
ويرى المتابع لسلوك الإعلام العبري والمؤسسة الإعلامية الإسرائيلية خلال الأيام الأخيرة محاولة صريحة لإبراز إنجازات وهمية للأمن؛ سعيًا لرفع معنويات الإسرائيليين بعد سلسلة العمليات الأخيرة.
وأظهر أحدث استطلاع للرأي العام الإسرائيلي تراجعًا كبيرًا في الشعور بالأمن عقب العمليات الفدائية، إذ أعطى غالبية الإسرائيليين نسبة "4" من "10" بالنسبة لشعورهم بالأمن، وفق استطلاع أجرته القناة "13"، وترجمته وكالة "صفا".
وأدت موجة العمليات الأخيرة التي قُتل خلالها 14 إسرائيليًا خلال الأسابيع الثلاثة الماضية إلى ارتفاع طلبات الإسرائيليين للحصول على الدعم النفس بأكثر من 30%.
ووسط ذلك، يعتقد بعض المحللين الإسرائيليين أن هذا الأسلوب ارتد عكسيًا، إذ بات هو الهاجس الأبرز للإسرائيليين، ولاسيما أنهم يتعرضون يوميًا لعشرات المواد الإعلامية التي تتحدث عن إحباط عشرات العمليات؛ مما جعلهم يعتقدون أن تنفيذ العمليات "مسألة وقت".
بينما يأتي سلوك الإعلام العبري الهستيري على الرغم من نشر الناطق بلسان جيش الاحتلال توجيهات خاصة لوسائل الإعلام، وقّع عليها كل من شرطة الاحتلال والشاباك أيضًا.
وتطالب التوجيهات وسائل الإعلام بالابتعاد عن مواقع العمليات وعدم القيام بتصرفات تخدم "العدو" من خلال نشر صور لجنود الوحدات الخاصة بكامل عتادها في الميدان، كما جرى في تغطية عملية "تل أبيب" قبل أيام.
وكان الخبير العسكري الإسرائيلي في شؤون مكافحة الجماعات المسلحة "بوعز غنور" قال إن الإعلام الإسرائيلي أخفق في التعامل مع عملية "تل أبيب" الأخيرة وحوّلها إلى عملية استراتيجية.
وانتقد الخبير العسكري بث وسائل الإعلام العبرية بشكل مباشر فيديو لعشرات عناصر الشرطة والجيش والقوات الخاصة وهم يدفعون بعضهم بهستيريا مفزعة تجاه إحدى الشُرفات المهجورة بعد عملية "تل أبيب".
وأضاف "لم يوفر الإعلام أي خطأ ممكن في سبيل بث الرعب في قلوب الإسرائيليين؛ حيث استغل انعدام الوعي لدى عناصر الوحدات الخاصة والأمن لغايات خلق عناوين كبيرة وضرب الحصانة النفسية لدى الإسرائيليين".