لجأ الاحتلال لإغلاق وتشديد الإجراءات على الفتحات في الجدار بالضفة الغربية المحتلة، حارمًا بذلك آلاف العمال الفلسطينيين من التسلل إلى الأراضي المحتلة عام 1948 بهدف العمل.
وجاءت هذه الخطوة بعد العملية التي نفذها الشهيد ضياء حمارشة في مارس/ آذار الماضي والذي تشير التحقيقات المعلنة إلى أنه انطلق بمركبته من بلدة يعبد في جنين شمال الضفة إلى مكان تنفيذ العملية في بني براك وسط الكيان الإسرائيلي، عبر إحدى هذه الفتحات.
وتوجد عشرات الفتحات على طول الجدار الفاصل بالضفة المحتلة يستخدمها آلاف العمال يوميًا، كما يستخدمها الراغبون في زيارة القدس والصلاة بالمسجد الأقصى وكذلك زيارة مدن الساحل الفلسطيني في الداخل المحتل.
وهذه الفتحات أحدثها الفلسطينيون في الجدار بمبادرات ذاتية، وبعضها يمكن للمركبات اجتيازها بسهولة.
لكن الاحتلال يغض الطرف عنها حينًا ويعمد لإغلاقها أو تشديد الإجراءات حولها حيناً آخر، لأهداف سياسية واقتصادية كما يقول محللون.
وفي الأيام الماضية، شهدت بعض الفتحات استهدافًا واسعًا للعمال، فانتشرت قوات الاحتلال بأعداد كبيرة، وطاردت العمال الذين أصيب عدد منهم بقنابل الغاز والصوت.
وتمثل هذه الفتحات نافذة حياة لآلاف العمال وعائلاتهم، في ظل ارتفاع نسب البطالة وتدني الأجور في الضفة.
ويقدر عبد الحكيم شيباني من الدائرة القانونية في الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين عدد العمال الذين يستخدمون الفتحات بنحو 65 ألف عامل، فيما يبلغ عدد العمال الذين يعملون بطريقة نظامية نحو 95 ألف عامل.
ويقول شيباني لوكالة "صفا" إن بعض العمال من حملة التصاريح يلجؤون لاستخدام الفتحات عوضا عن اجتياز المعابر، بسبب الضغط الكبير على المعابر، وهو ما يجعل العبور من الفتحات أسهل وأسرع.
فنتيجة إجراءات التفتيش والتدقيق في الهويات والتصاريح على المعابر، وكذلك لجوء الاحتلال لإغلاق بعض بوابات المعابر، يؤدي ذلك إلى اكتظاظ كبير للعمال وتأخرهم عن أعمالهم.
ويرى شيباني أن تشديد أو تخفيف الإجراءات على هذه الفتحات يرتبط بأهداف سياسية واقتصادية، فمن ناحية يتلاعب الاحتلال بإغلاق الفتحات لممارسة الضغط السياسي على الفلسطينيين بعد كل عملية للمقاومة.
وعلى الجانب الاقتصادي، يؤدي دخول آلاف الفلسطينيين لمدن الداخل عبر هذه الفتحات خاصة في أشهر الصيف والأعياد، إلى ضخ ملايين الشواكل في الاقتصاد الإسرائيلي على حساب الاقتصاد الفلسطيني.
وكان من نتائج هذه الفتحات حدوث نقص حاد في العمالة الماهرة بالضفة، والتي انتقلت للعمل بالداخل بسبب الفارق الكبير بمستوى الأجور.
وسمحت هذه الفتحات بانتعاش فئة السماسرة والمهربين الذين يقدمون مساعدات للعمال مقابل مبالغ مالية.
ويختص بعض السماسرة في استصدار تصاريح لمدة 3 أشهر مقابل مبلغ يصل إلى 6000 شيكل، حسب عبد الرحيم محاميد من اللجان العمالية في منطقة الطيبة بجنين.
ويبين محاميد لوكالة "صفا" أن هذه التصاريح ليست تصاريح عمل، وإنما يتم استصدارها من خلال مؤسسات إسرائيلية لأغراض مختلفة، كالعلاج أو المشاركة بندوات ولقاءات، ويتعرض حاملها للعقوبة إذا ضبط في مكان العمل.
في حين، يقدم بعض السماسرة خدمات للعمال لمساعدتهم في اجتياز الفتحات، ويدلونهم على أفضل الطرق للوصول إليها، مقابل مبلغ من المال.
وهناك من يعمل وسيطًا بين مشغلين إسرائيليين وعمال فلسطينيين يبحثون عن عمل، فيقوم السمسار بتوفير العمال ويتسلم هو أجورهم من المشغل، ويأخذ منه نصيبه الذي قد يصل إلى النصف، ويعطي الباقي للعامل، وينتشر أكثر هؤلاء في قطاع الزراعة.
ويفضل المشغلون الإسرائيليون تشغيل عمال غير نظاميين عن طريق السماسرة، لأن ذلك يعفيهم من الالتزامات القانونية تجاه هؤلاء العمال، من أتعاب وإجازات وتأمين وغيره.