ما زال الكثير من المسلمين في أنحاء العالم يجهلون الحقيقة المكانية للمسجد الأقصى المبارك، وأهم المعالم الدينية والتاريخية والأثرية في مدينة القدس المحتلة، ومدى أهمية الموروث الثقافي والشعبي المقدسي، ومساعي الاحتلال الإسرائيلي لمحاربته وسرقته بالوسائل كافة.
ونظرًا لأهمية مدينة القدس وما تتمتع به من مكانة دينية وتاريخية وأثرية عريقة، كونها مكانًا مُقدَسًا للمسلمين، ارتأى ناشطون مقدسيون إطلاق برنامج إعلامي تحت عنوان "إطلالات مقدسية"، ستبث حلقاته خلال شهر رمضان المبارك من داخل المدينة المقدسة.
وبحسب القائمين على البرنامج، فإنه يهدف لتسليط الضوء على مدينة القدس والمسجد الأقصى تاريخيًا ودينيًا وثقافيًا وشعبيًا، بما في ذلك إبراز معالم الأقصى، ومحاولات الاحتلال لتهويده، والمخاطر التي يواجهها في ظل استمرار الاعتداءات الإسرائيلية واقتحامات المستوطنين.
معالم دينية
الناشط المقدسي فخري أبو دياب يقول لوكالة "صفا"، إن برنامج "إطلالات مقدسية" ستنطلق أولى حلقاته غدًا الأحد، من داخل المسجد الأقصى للحديث عن تاريخ المسجد ومكانته الدينية ومعالمه وأبوابه، ومصلياته، وما يتعرض له من هجمة إسرائيلية مستمرة.
ويبين أن الحلقة ستتضمن توجيه عدة رسائل للعالم العربي والإسلامي بشأن ما يجري في الأقصى، وكذلك دعوات لتكثيف شد الرحال للمسجد والرباط الدائم فيه، في ظل الشهر الفضيل، وللتصدي لممارسات الاحتلال واقتحامات مستوطنيه.
ويُعتبر الأقصى من أكثر المعالم قدسية عند المسلمين، ويقع داخل البلدة القديمة بالقدس، وهو اسم لكل ما دار حول السور الواقع في أقصى الزاوية الجنوبية الشرقية من المدينة القديمة.
وتبلغ مساحة الأقصى نحو 144 دونمًا، لا يمكن تجزئته بتاتًا، حيث تعد قبة الصخرة رمزًا للمسجد ولإسلامية المدينة، وهي من ضمن معالمه.
ويحتوي على أكثر من 200 معلم إسلامي، منها المصليات وتضم (المصلى المرواني، المسجد القبلي، قبة الصخرة التي أتم بنائها الوليد بن عبد الملك، ومسجد الأقصى القديم)، بالإضافة إلى المتوضئات، والمصاطب، والمحاريب، والمنابر، وأسبلة لمياه الشرب، والمدارس، والعديد من البوائك.
ويضيف أبو دياب أن البرنامج يهدف أيضًا، إلى إبراز معالم مدينة القدس، وأسوار البلدة القديمة، وأبوابها، والأسواق العتيقة والمكتبات القديمة في المدينة، ومحاولات الاحتلال لطمس تلك المعالم وسرقة الهوية العربية الإسلامية، والعمل على تهويدها.
كما يسلط الضوء على الموروث الثقافي والشعبي في القدس، والمأكولات المقدسية المشهورة والتاريخية، بالإضافة إلى المقاهي القديمة، وسرد للحكايات الشعبية عن المدينة بطريقة جذابة ومميزة.
ويشير إلى أن البرنامج سيتحدث عن عادات وتقاليد شعبية متوارثة يتميز بها المقدسيون خلال شهر رمضان، بالإضافة إلى الأناشيد الدينية والزفات الشعبية وغيرها.
ومع حلول شهر رمضان، تتزين مدينة القدس بأسوارها وجدرانها وبيوتها وحاراتها بالزينة الملونة والمصابيح وبإضاءات مختلفة تميزها عن غيرها من المدن الفلسطينية، استعدادًا لاستقبال المصلين في الشهر الفضيل.
ويستضيف البرنامج خلال حلقاته المتنوعة، العديد من الشخصيات المقدسية والعلماء، والباحثين والمختصين في شؤون القدس، بالإضافة إلى مواطنين مقدسيين، كما سيتم استضافة شخصيات من إسطنبول، بيروت، الأردن وغزة.
توعية ومعرفة
ويلفت أبو دياب إلى أن إحدى الحلقات ستسلط الضوء على كنيسة القيامة وتاريخها، من خلال استضافة أحد أفراد عائلة جودة الراعية المسلمة للكنيسة، والتي تحافظ على مفاتيحها منذ نحو 850 عامًا، في عهد صلاح الدين الأيوبي.
وسيتخلل البرنامج أيضًا، جولات ميدانية مع عدة شخصيات في بعض الكنائس والمساجد القديمة بالقدس، بالإضافة إلى الحديث عن مكتبة الخالدية التاريخية التي جرى افتتاحها عام 1900م، وعن معاصر الزيتون والأسواق مثل سوق خان الزيت، والقطانين، وغيرها.
ويوضح أن هذه الأسواق تتعرض للتهويد ومحاولات الاحتلال للاستيلاء عليها وإغلاق بعضها، بهدف خنق التجارة والاقتصاد المقدسي، باعتبارها الدروع الحامية للمسجد الأقصى.
وسيتم أيضًا تسليط الضوء على قلاع القدس، مثل "قلعة القدس" التي تتمير بجمال بنائها وعلو أسوارها وشموخ مئذنتها، بالإضافة إلى منطقة باب الخليل، وميدان عمر بن الخطاب في البلدة القديمة.
ويضيف الناشط المقدسي أن البرنامج يهدف لتوعية الناس وتعريف العالم العربي والإسلامي على تلك المعالم الدينية والأثرية بطريقة سهلة وبسيطة، وبالصورة والفيديو، خاصة أن الاحتلال يحاول طمسها وتهويدها.
معيقات وقيود
وعن أبرز المعيقات التي قد تواجه البرنامج، يقول أبو دياب إن سلطات الاحتلال تضع دائمًا معيقات وقيودًا أمام المقدسيين في كافي مناحي حياتهم، وتسعى إلى عدم إيصال رسالة القدس والأقصى للعالم الخارجي، لذلك نتوقع فرض قيود على بث حلقات البرنامج.
ويشير إلى أن هناك أشخاصًا كان من المفترض أن يُشاركوا في البرنامج، لكن سلطات الاحتلال أصدرت بحقهم قرارات إبعاد عن المسجد الأقصى.
وبهذه القرارات، فإن الاحتلال يريد حجب حقيقة ما يجري في المدينة المقدسة من ممارسات وإجراءات عنصرية، ناهيك عن كتم الصوت المقدسي.