لا تزال دوائر الأمن الإسرائيلية تعيش تحت وقع الصدمة بعد سلسلة عمليات التي نفذها مقاومون فلسطينيون في العمق الإسرائيلي.
ثلاث عمليات وقعت في غضون سبعة أيام أودت بحياة 11 إسرائيليًا، توزعت على شمال فلسطين ووسطها وجنوبها، مثلما توزعت مشارب منفذيها بين الضفة الغربية المحتلة والداخل المحتل.
ولم يكن العدد الكبير للقتلى وحده ما أثار القلق في الأوساط الأمنية، بل الاحترافية الكبيرة التي اتصف بها المنفذون والشجاعة التي تحلوا بها.
الخبير العسكري اللواء المتقاعد واصف عريقات قال لوكالة "صفا" أن منفذي العمليات الأخيرة اتصفوا بقدر كبير من الثقة بالنفس وأظهروا قدرات ومهارات عالية في تنفيذ العمليات، سواء بالطعن أو بالسلاح الناري.
وقال: "أبدى المنفذون هدوء أعصاب وشجاعة وقدرة على التنفيذ من حيث الزمان والمكان".
ولفت إلى أن العمليات كلها وقعت في مربعات أمنية تحت السيطرة، ومع ذلك كانت موجعة للأجهزة الأمنية والاستخبارية، خاصة وأن عدد الإصابات والقتلى كان كبيرا.
وأوضح عريقات أن المنفذين استطاعوا تجاوز كل الإجراءات الأمنية وتضليل أجهزة الأمن والاستخبارات وتنفيذ عملياتهم بكل دقة وإتقان.
وأكد أن كل مسؤولي الأجهزة الأمنية في "إسرائيل" يمرّون بحالة قلق وإرباك ويواجهون اتهامات بالتقصير والعجز، وهذا يحدث لأول مرة منذ سنين طويلة.
وأشار إلى أن الاحتراف العالي في تنفيذ هذه العمليات كان ملفتا، وهو ما يظهر أن المنفذين حصلوا على قدر من التدريب على السلاح، واستفادوا من تجارب من سبقوهم.
ورأى عريقات أن المنفذين استفادوا وأخذوا الدروس والعبر من العمليات السابقة، وتجنبوا الوقوع بالأخطاء، بل وأضافوا الإيجابيات.
واعتبر أن القيمة الأخلاقية إضافة نوعية ميزت هذه العمليات، منوها بأن منفذي العمليات أعطوا دروسا للإسرائيليين في طهارة السلاح من خلال تجنب استهداف الأطفال والنساء وكبار السن.
ويؤكد أن نجاح العمليات يؤدي إلى تواصل ظهور نماذج مقاومة، وهو ما يقلق قادة الاحتلال.
وبحسب عريقات؛ تبشر هذه العمليات بنقلة نوعية في عمليات المقاومة الفردية، عنوانها الانتقال من العفوية والارتجال إلى التخطيط والاحتراف.
وقال إن ما أبداه المنفذون من مهارة باستخدام السلاح ورباطة جأش وتخطيط وانتقاء الأهداف بعناية، يدل على نوع جديد من الشباب الفلسطيني المدرب المهيأ الذي يمكن أن يكون ندّا للجندي الإسرائيلي بل ويتفوق عليه.
ورأى أن تنوع المناطق التي انطلق منها منفذو هذه العمليات يثير قلق الدوائر الأمنية، ويخلق تحديا أمامها في آلية التعامل مع كل منطقة.
وهذا برأي عريقات يدل على أن الشعب الفلسطيني موحد في خندق المقاومة، وأن شباب الداخل المحتل والضفة والقدس يحملون القضية الفلسطينية، وهذا يخلق إشكالية للاحتلال.
وقال إن هناك عوامل متعددة تؤدي إلى تفجر الغضب لدى الشباب الفلسطيني، وأن ما يجمع المنفذين هو ممارسات الاحتلال وجرائمه، وتهميش القضية الفلسطينية، وإلغاء حقوق الفلسطينيين في الضفة والقدس والداخل، وتهويد المقدسات، واستفزاز مشاعر الفلسطينيين.