"الآن بدأت حياتي، وأصبحت أمنيتي حقيقة.. أستطيع أن أمسك الأشياء بحمد الله" كلمات امتزجت بالسعادة والدموع للشابة فاطمة النمر (31 عامًا)، وهي تروي تجربتها باستخدام يدها اليسرى لأول مرة منذ 8 أعوام.
وتقول الشابة النمر في حديثها لمراسل وكالة "صفا": "عانيت طويلاً بعد أن فقدت يدي إثر انفجار جسم مشبوه، وحاولت جاهدةً أن أركب طرف صناعي؛ لكن جل ما حصلت عليه هو طرف تجميلي لا يقوم بأي حركة أو أي وظيفة".
وأعلن مستشفى سمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني للتأهيل والأطراف الصناعية بمدينة غزة أمس الأحد، عن افتتاح أول ورشة للأطراف الصناعية العلوية الإلكترونية؛ لتكون هي الأولى من نوعها في فلسطين وفي الشرق الأوسط.
وجرى خلال تلك الورشة تركيب 20 طرفًا صناعيًّا الكترونيًّا علويًّا لعدد 20 حالة في غزة من شبان وشابات وأطفال؛ لتبعث الأمل فيهم من جديد.
وتروي الشابة النمر معاناتها بعد فقدها يدها، قائلة "فقدت يدي وجمالها وقدرتها على الإمساك بالأشياء وتحريكها، وباتت الصدمة أكبر حين وقفت أمام المرآة لأول مرة، وشعرت حينها بالحزن والنقص".
وقبل نحو 5 أيام فقد زار وفد طبي قطري القطاع، إيذانًا بتركيب أطراف صناعية إلكترونية لهذه الحالات، وذلك بعد أخضعوا لتقييم أولي، أتاح لهم الفرصة بتركيب تلك الأطراف.
وتقول النمر في حديثها لمراسل صفا "الحمد لله ارتسم الأمل من جديد، اليوم أحصل بفضل الله وكرمه على طرف علوي وحصلت معه على قدرة حياتية وظيفية".
وتعرب عن أملها بوصول أطراف صناعية أكثر تطورًا في المستقبل؛ لتحقيق حلم من بترت أطرافهم وإنهاء معاناتهم حتى يستطيعوا مواصلة العيش بشكل طبيعي".
المواطن سامي عابد (42 عامًا) هو الآخر وصف تركيب طرف صناعي ليده اليمنى بالحلم الذي طال انتظاره، "أستطيع الآن أن اندمج بالمجتمع بشكل طبيعي، كل الشكر لمن رسم الابتسامة على وجهي وجميع الشبان المبتورين بغزة".
ويقول عابد في حديثه لمراسل "صفا": "بحمد الله استعيد يدي عبر طرف صناعي، بفضله اليوم أستطيع الآن استخدام يدي التي حرمني الاحتلال من استخدامها".
وتسبب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2014، وخاصة القصف المتواصل على مدينة رفح بإصابة الشاب عامد، ما أدى بعد ذلك إلى بتر يده اليمنى.
إنجاز نوعي
ويصف رئيس قسم الأطراف الاصطناعية بمستشفى حمد الطبيب عامر حوافظة -أحد أعضاء الوفد الطبي القطري المتواجد بغزة حاليًّا-تركيب أطراف صناعية الكترونية علوية للمبتورين بغزة بالإنجاز النوعي وغير المسبوق.
وقال حوافظة في حديثه لمراسل "صفا": "تحقق اليوم في غزة وفلسطين إنجاز نوعي عبر تركيب أطراف صناعية بوقت قياسي لعدد 20حالة، حيث استغرق ذلك فقط 5 أيام، بعدما كان يخضع المريض لقرابة شهر".
يشار إلى أن الفريق الطبي كان أجرى زيارة إلى غزة في شهر أكتوبر من العام الماضي، وأجرى تقييمًا لـ 40 حالة من الشبان والأطفال مبتوري الأطراف العلوية، مضيفًا "اليوم أنجزنا بحمد الله تركيب أطراف لـ 20 حالة في غزة".
ويلفت حوافظة إلى أنه عند وصول المواد الأولية للقطاع سيتم تركيب الأطراف لـ 20 حالة المتبقية، موضحًا أن أعداد إقبال المواطنين تزداد.
ويؤكد أن الأطراف الصناعية العلوية جاءت بتمويل من صندوق قطر للتنمية، مضيفًا "البرنامج متاح لكل مبتوري الأيدي من أسفل الكوع، ووصل العدد الإجمالي اليوم من المراجعين والذي جرى تسجيلهم إلى 55 حالة.
وتبلغ تكلفة الطرف الصناعي الإلكتروني نحو 15 ألف دولار بتغطية مالية كاملة من صندوق قطر للتنمية، حيث يبلغ العمر الافتراضي للطرف الصناعي 5-6 سنوات.
ويلفت حوافظة إلى أنه بجانب مهمتنا كفريق طبي قطري تركيب الأطراف لهذه الحالات؛ فإننا نجري تدريبًا للكوادر الطبية الفلسطينية لمتابعة مهامها مع المرضى بعد ذلك.
ويؤكد أن الاحتلال يضع قيودًا على إدخال الأجهزة الإلكترونية الخاصة بالأطراف العلوية؛ لكن بجهود اللجنة القطرية لإعادة الإعمار بغزة، فإنها ذللت الصعاب، وساهمت المواد الأولية اللازمة لتركيب تلك الأطراف.
ويطمح الفريق الطبي القطري بتركيب الأطراف الصناعية الإلكترونية العلوية لجميع الحالات في غزة، مؤكدين أن صندوق قطر للتنمية أبدى استعداده للتغطية المالية لتركيب الأطراف لجميع المحتاجين.
ويشير حوافظة إلى أن الفريق الطبي يعمل على تطوير مستشفى حمد للأطراف الصناعية والتأهيل، ولدينا الاستعداد لتطوير وتقديم البرامج التي يحتاجها المشفى، بالإضافة لتطوير كفاءات وقدرات الموظفين لتقديم أفضل الخدمات لمرضى غزة.