في الوقت الذي لم يستفق فيه الاحتلال من صدمته التي تلقاها قبل 5 أيام في مدينة بئر السبع حين قُتل 4 مستوطنين وأصيب آخرون على يد فلسطيني من النقب، جاءت عملية الخضيرة لتربك حسابات قادة أجهزة أمنه، وتجعلهم يتخبطون أمام واقع جديد بات فيه المنفذون من عمق الكيان، وهو ما يشكل كابوسًا حقيقيًا يخشاه الاحتلال ويحسب له ألف حساب.
وتلقى الاحتلال الإسرائيلي، مساء الأحد، صفعة مدوية حين نفذ فلسطينيان عملية غير مسبوقة بمدينة الخضيرة المحتلة، موقعين قتيلين ونحو 12 إصابة بعضها في حال الخطر، وجميعهم من الجنود ورجال الشرطة.
وكانت محافل أمنية إسرائيلية أعربت قبل عدة أيام، عن خشيتها من تفجر أكبر للأوضاع الأمنية في الأراضي المحتلة على أبواب شهر رمضان المبارك وتزامنه مع الأعياد اليهودية ومن أن تكون عملية بئر السبع "القاسية" ملهمة لشبان آخرين لتنفيذ عمليات مماثلة.
وذكرت صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية، وفق ترجمة وكالة "صفا"، أن المخاوف تتركز حاليًا على إمكانية أن تمنح عملية بئر السبع، التي قتل فيها 4 مستوطنين، "إلهاماً" لمنفذين افتراضيين سيحاولون تقليدها وبالتالي وقوع المزيد من العمليات.
وخشية تكرار سيناريو عملية بئر السبع، أعلن جيش الاحتلال رفع حالة التأهب في منطقة النقب جنوب فلسطين المحتلة عام 1948 بالتزامن مع عقد القمة السداسية في النقب والتي تضم وزراء خارجية 4 دول عربية.
صفعة مدوية في مكان غير متوقع
ويبدو أن مخاوف الاحتلال كانت في محلها، وهو ما يؤكده الكاتب شرحبيل الغريب بقوله: "عملية الخضيرة صفعة قوية على وجه الاحتلال، ورسالتها امتدادا لعملية بئر السبع مفادها يد المقاومة ستصل إليكم في كل بقعة من فلسطين المحتلة، فلا أمن لكم ولا أمان".
ويتفق مع هذا الرأي الكاتب ماجدة الزبدة الذي غرد قائلًا: "بعد عملية بئر السبع الفدائية تأتي العملية البطولية في مدينة الخضيرة المحتلة ضمن موجة تصاعد المقاومة قبيل رمضان المبارك، وتأكيدا على التفاف الشعب الفلسطيني حول خيار المقاومة، وفشل الاحتلال في تدجين شعبنا في الداخل المحتل، وردًا عمليًّا على هرولة المنبطحين العرب في قمة النقب للتحالف مع الاحتلال".
ويرى الكاتب مصطفى الصواف أن عملية الخضيرة فتحت صفحة جديدة بعد بئر السبع ، وباتت المقاومة المسلحة هي عنوان المرحلة.
ويضيف "يبدو أن الشهيدين جهزا المكان والزمان المناسبين للعملية، وستكون عمليتهما مقدمة لعمليات أخرى، وإن قمم العار التي تجمع زعماء عرب مع الاحتلال في النقب لن ترهب الفلسطينيين وستكون وقود لمزيد من المقاومة".
عمليتان نوعيتان
ولعل أبرز ما يميز العمليتين الأخيرتين بحسب الكاتب أيمن الرفاتي، أن منفذيها من فلسطينيي الداخل المحتل عام 1948، وكذلك توقيتهما الذي يسبق شهر رمضان المبارك، وتزامنهما مع قمة النقب المرتقبة.
ويرى الرفاتي أن الاحتلال تنتظره تكلفة أمنية كبيرة بعد تحرك جبهة الداخل المحتل، كما أن المكان الذي وقعت فيه العملينان له دلالة في قاموس الشعب الفلسطيني ويلامس اللهفة للعمليات الفدائية التي كانت بداية الانتفاضة.
ويشير إلى أن مكان العمليتين لم يكن متوقعًا للمنظمة الأمنية في الكيان التي كانت تركز كل جهدها على غزة والضفة والقدس، وهذا يعني تشكل جبهة جديدة.
أما الإعلامي الشهير أحمد منصور، فقد غرد على تويتر قائلا: "عملية الخضيرة التي ادت الي قتل وجرح العديد من جنود الاحتلال تضرب إسرائيل وحلفائها من الصهاينة العرب ضربة موجعة فى القلب وتضعها فى مربع الخوف وسط رعب من اندلاع انتفاضة جديدة".
وفي ذات السياق، كتب المحلل ياسر الزعاترة قائلًا: "قتلى وجرحى في صفوف شرطة الاحتلال؛ جرّاء عملية بطولية في الخضيرة؛ استشهد بطلاها. يطارد السراب من يعتقد أنه سيشتري شعبنا بـ"سلام اقتصادي"، وبضع مساعدات لسلطة أدمن قادتها العار. شعبنا سيواصل مفاجأة الغزاة وأذنابهم، وله جولات قادمة، بإذن الله. سلام الله على الشهيدين والعار للمهزومين".