كما كل عام، يحل "يوم الأم" على الأسيرات الأمهات الفلسطينيات داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي وما زلن يعانين قهر الأسر وظلم السجان الإسرائيلي، ومرارة الحرمان من عناق أطفالهن، ما يُحول حياتهن إلى وجع وحزن شديد شوقًا لأبنائهن وأهلهن.
وفي مثل هذه المناسبات، تتفاقم معاناة الأسيرات، ويعشن آلامًا مختلفة ومتجددة، نظرًا لغيابهن عن أبنائهن لسنوات بسبب الاعتقال، وتركهن فراغًا بينهم، لا أحد يستطيع أن يعوضهم عن حنان الأم وحضنها، ومكانتها بينهم، ورعايتها لهم ومشاركتهم أفراحهم وأحزانهم.
ويحتفل العالم العربي في 21 مارس/ آذار من كل عام بـ "يوم الأم"، ويتسابق الأبناء لشراء أفضل الهدايا وأجملها ليقدموها لأمهاتهم والسعادة تغمرهم بهذه المناسبة، فيما يحرم أبناء الأسيرات من هذه الفرحة لاعتقال أمهاتهم في سجون الاحتلال، وحرمانهم من زيارتهن.
ألم وحزن
وما يزيد من حزن وألم أطفال الأسيرات بهذه المناسبة الصعبة جدًا، رؤيتهم للأطفال من حولهم، وهم يشترون الهدايا ويقدمونها لأمهاتهم.
وتواصل سلطات الاحتلال اعتقال 10 أمهات في سجونها، من بين 31 أسيرة فلسطينية يقبعن في سجن "الدامون" يعانين ظروفًا معيشية وإنسانية صعبة، ويتجرعن مرارة الحرمان من أبسط حقوقهن الحياتية، بفعل انتهاكات إدارة السجن المستمرة بحقهن.
والأمّهات الأسيرات هنّ: إسراء الجعابيص، فدوى حمادة، أماني الحشيم، ختام السعافين، شذى عودة، عطاف جرادات، سعدية فرج الله، فاطمة عليان، شروق البدن، وياسمين شعبان.
وتقضي الجريحة الجعابيص، التي تعد من أصعب وأخطر الحالات المرضية داخل سجون الاحتلال، حكمًا بالسّجن لمدة (11) عامًا، فيما تقضي الأسيرتين فدوى حمادة وأماني الحشيم حكمًا بالسّجن 10 سنوات.
والجعابيص وهي أم لطفل، مصابة بحروق كبيرة أدت لتشوهات حادة في جسدها جراء إطلاق جنود الاحتلال النار عنها عقب احتراق سيارتها في مدينة القدس المحتلة بأكتوبر عام 2015، وهي بحاجة إلى عدة عمليات جراحية للتخلص من أوجاعها.
وتعاني من سياسة الإهمال الطبي المتعمد، وحرمانها من العلاج اللازم وإجراء العمليات الجراحية العاجلة الضرورية لحالتها، ولا تستطيع التنفس إلا من فمها بسبب وجود كتلة لحمية في أنفها، كما أن أصابعها قد ذابت من الحريق والتصق ما تبقى منها ببعضها البعض.
وتحلم الأم الفلسطينية الأسيرة بيوم عيد تتحرر فيه من سجون الاحتلال، كي تحتفل بعيدها مع أبنائها، تحتضنهم وتتقبل منهم الورود والهدايا التي تستحقها في مثل هذه المناسبة.
معاناة متفاقمة
ويأتي يوم الأم، فيما تتعرض الأسيرات لأقسى الممارسات الإسرائيلية، وأشد أنواع التنكيل والتعذيب بحقهن داخل سجون الاحتلال، في انتهاك فاضح لكافة القوانين والمواثيق الدولية التي تضمن حمايتهن وتصون حقوقهن.
وتتعمد إدارة السجن التضييق عليهن وإذلالهن، خاصةً باستمرار سياسة التفتيش العاري، والاعتداء بالضرب والعزل على الأسيرات اللاتي يرفضن التفتيش العاري، بالإضافة إلى عمليات اقتحام الغرف، وقلب محتوياتهن رأسًا على عقب بحجة التفتيش.
وتواجه الأسيرات كافة أنواع التّنكيل والتّعذيب الجسدي والنفسي، بدءًا من اعتقالهن من المنازل فجرًا وحتى النقل إلى مراكز التوقيف والتحقيق، ولاحقًا احتجازهن في السّجون وإبعادهّن عن أبناءهن وبناتهّن لمدّة طويلة.
ويتعرضن للتحقيق القاسي، والاعتداء اللفظي والجسدي، والعزل الانفرادي، وسوء المعاملة، والإهمال الطبي، ومحاولة إدارة السجون المستمرة سلب حقوقهن وإنجازاتهن، إضافة إلى انتهاك خصوصيتهن بزرع الكاميرات في ساحات المعتقل.
وبحسب نادي الأسير، فإن إدارة سجون الاحتلال تحرم أطفال وأبناء المعتقلات الأمّهات من الزيارات المفتوحة، ومن تمكينهن من احتضانهم، عدا عن حرمان البعض منهن من الزيارة، أو عرقلتها في كثير من الأحيان، واستمرار رفضها توفير هاتف عمومي لهنّ، رغم المطالبات المستمرة منذ سنوات.
وإحدى أبرز السّياسات التي يستخدمها الاحتلال بحقّ الأمّهات هي اعتقالهنّ كوسيلة للضغط على أبنائهن المعتقلين أو أحد أفراد العائلة، وإيقاع أكبر قدر من الإيذاء النفسي كما جرى مع المعتقلة عطاف جرادات مؤخرًا، وهي والدة الأسرى (عمر، غيث، ومنتصر)، ولم يكتف باعتقالها وأبنائها، بل هدم منزلها.
مطالب إنسانية
وفي "يوم الأم"، تطالب هيئة شؤون الأسرى والمحررين المؤسسات النسوية والمجتمعية، برفع صوتهن في وجه المجتمع الدولي الصامت، لإنهاء معاناة الأسيرات داخل سجون الاحتلال.
وقالت الهيئة في بيان وصل وكالة "صفا"، إنه وفي ظل العمل اليومي لتمكين المرأة على مستوى العالم، واعطائها المزيد من حقوقها، لا زالت المرأة الفلسطينية تدفع ثمنًا باهظًا من عمرها وحياتها وأسرتها جراء استمرار هذا الاحتلال وممارساته اللا إنسانية واللاأخلاقية.
ونقلت الهيئة مطالب الأسيرات، تحديدًا وأن كل الأمهات يحتفلن اليوم مع أسرهن وعائلاتهن بمناسبة 21 آذار، وفي الوقت ذاته تحرم 31 أسيرة فلسطينية بين أم وفتاة من عيش هذه اللحظات جراء حقد وعنصرية هذا الاحتلال.
كما تحرم ما يقارب 4400 أم من معايدة وحنان ابنها جراء البعد القسري المتمثل باعتقالهم داخل السجون والمعتقلات.
وتتمثل أهم مطالب الأسيرات في: إغلاق معبر الشارون، تركيب هاتف عمومي، إدخال طبيبة نسائية، إزالة الكاميرات من ساحة الفورة، زيادة المواد التموينية بالكنتينة بعد إنقاص المواد منها، وتوفير حاجات أساسية نسائية.
كما يطالبن بوقف التضييقات والقمع وسياسة العزل بحقهن، وعدم مراعاة الوضع النفسي والصحي والحياتي لهن، وإبعادهن عن بيوتهن وأولادهن.