قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّ إعفاء الدنمارك اللاجئين الأوكرانيين من "قانون المجوهرات" الذي تطبقّه على طالبي اللجوء القادمين من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، سقطة أخرى ضمن سلسة السياسات العنصرية التي تتبناها لتصنيف المهاجرين وطالبي اللجوء، والحد من وصول بعضهم إلى أراضيها.
وقال المرصد الأورومتوسطي في بيان صحافي الثلاثاء، إنّ هذا الاستثناء قد يعزز من المظاهر التمييزية في التعامل مع طالبي اللجوء، ويرسّخ السياسة التي تتبعها الدنمارك في تصنيف المهاجرين وطالبي اللجوء إلى درجة أولى ودرجة ثانية على أساس معايير قد تكون عنصرية.
وأوضح أنّ ما يُعرف بـ"قانون المجوهرات"، الذي أقره البرلمان الدنماركي في يناير/ كانون ثانٍ 2016، يسمح للسلطات الدنماركية بتفتيش المهاجرين وطالبي اللجوء ومصادرة النقود والمجوهرات وغيرها من الأصول الثمينة التي يمتلكونها ويزيد ثمنها على (10,000) كرونة نرويجية (نحو 1,105 دولار أمريكي) بحجة تعويض تكاليف استقبالهم وإقامتهم.
وعلى الرغم من أنّ القانون ينصّ على عدم مصادرة الأصول التي تحمل قيمًا معنوية مثل خواتم الزفاف والخطوبة، إلّا أنّ الأمر يظّل متروكًا لتقدير عناصر الأمن لتحديد مدى ارتباط الشخص بالممتلكات وتقرير هل تتم مصادرتها أم لا.
وبيّن المرصد الأورومتوسطي أنّ "قانون المجوهرات" لم يُطبّق منذ إقراره إلا في حالات نادرة، لأنّه ما يزال من الصعب على السلطات التحقق من حجم الأصول التي يمتلكها كل طالب لجوء، إلّا أنّ ذلك لا يعني إغفال حقيقة موافقة البرلمان عليه بأغلبية ساحقة (81 من أصل 109 نوّاب)، وكذلك الاستخدام الفعلي للقانون، حتى وإن كان ذلك في حالات قليلة، وأنّه ما يزال أيضًا جزءًا من قانون الأجانب الدنماركي.
وأبرز المرصد الازدواجية الفجّة التي أظهرها السياسيون في الدنمارك في التعامل مع المهاجرين وطالبي اللجوء على أساس خلفياتهم العرقية والثقافية والدينية، إذ اقترح السياسي الدنماركي اليميني المتطرف "مارتن هنريكسن" عام 2016 السماح حتى بمصادرة خواتم الزفاف الخاصة بالسوريين، بينما أظهر رئيس الوزراء الدنماركي "ميت فريدريكسن" إبان الغزو الروسي لأوكرانيا ترحيبًا كبيرًا باللاجئين الأوكرانيين، وقال إنّ "أوكرانيا تقع في منطقتنا. إنها جزء من أوروبا. إنها في فنائنا الخلفي".
وفي ذات السياق، أعلنت الحكومة الدنماركية استعدادها لتمرير قانون لدعم المقيمين الأوكرانيين، ما يسمح بتمديد تأشيراتهم وتغيير القوانين المتعلقة بإقامتهم.
أما بالنسبة لطالبي اللجوء الآخرين، فقد قال النائب عن حزب الشعب المحافظ في الدنمارك "ماركوس كنوث" سابقًا "إن ما نطلبه ببساطة [من طالبي اللجوء] هو اتباع نفس القواعد التي يتبعها أي مواطن دنماركي يسعى للحصول على إعانات البطالة".
كما قالت وزيرة الهجرة الدنماركية السابقة "إنغر ستوجبيرج": "إنها مسألة مبدأ، إذا كان بإمكانك إعالة نفسك، فيجب عليك القيام بذلك. هذا ينطبق على الدنماركيين وينطبق أيضًا على اللاجئين الذين يأتون إلى هنا".
وقال المرصد الحقوقي إنّ هذه القواعد من المفترض أن تطبق على جميع اللاجئين دون تمييز، ولكنّ حقيقة "قانون المجوهرات" وإعفاء الأوكرانيين منه يمثلان حلقة أخرى من سلسة سياسات تتبعها الدنمارك لجعل نفسها أقل جذبًا لطالبي اللجوء من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وأشار إلى أنّ المجتمع الدولي كان قد أدان الدنمارك بشكل متكرر بسبب معاملتها القاسية للاجئين، وخاصة الفارين من سوريا. ففي عام 2021، اعتبرت الحكومة الدنماركية أن أجزاء من سوريا أصبحت آمنة لإعادة اللاجئين، على الرغم من الاستنتاجات القطعية التي توصلت لها الأمم المتحدة بأن سوريا التي مزقتها الحرب ما تزال تشهد جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وظروف معيشية مزرية.
علاوة على ذلك، فقد أقرت الحكومة الدنماركية في الآونة الأخيرة قانونًا يسمح بترحيل طالبي اللجوء إلى دول ثالثة خارج أوروبا للنظر في طلبات اللجوء الخاصة بهم واستضافتهم هناك.
وقالت الباحثة في شؤون الهجرة لدى المرصد الأورومتوسطي "ميكيلا بولييزي" إنّ قانون المجوهرات، القائم على تجريد طالبي اللجوء واللاجئين من ممتلكاتهم الوحيدة التي سيعيدون بناء حياتهم عليها لتعويض حكومة غنية عن نفقات متعلقة بحمايتهم واحتياجاتهم الأساسية، هو قانون مهين وينبغي إلغاؤه نهائيًا".
وأضافت:"استثناء الأوكرانيين من الخضوع لقانون المجوهرات ممارسة عنصرية خطيرة وإهانة لجميع اللاجئين الآخرين، وعقبة غير ضرورية أمام دمجهم في المجتمع. إنّ تصنيف الفارين من الحروب إلى طالبي لجوء درجة أولى وطالبي لجوء درجة ثانية يكرّس فكرة أنّ بعضهم يُنظَر إليه كعبء، فيما يتم الترحيب بالبعض الآخر."
ودعا المرصد الأورومتوسطي الدنمارك إلى إلغاء القانون الذي يسمح لها بمصادرة الممتلكات الثمينة لطالبي اللجوء بما يتوافق مع الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، لا سيما المادة 8 الخاصة بالحق في احترام الحياة الخاصة، والمادة 14 الخاصة بحظر التمييز، والمادة 1 من البروتوكول الأول بشأن حماية الملكية.
وطالب المرصد الأورومتوسطي الدنمارك بدعم وتسهيل اندماج جميع اللاجئين في المجتمع، واحترام اتفاقية اللاجئين لعام 1951، ولا سيما المادة 30 المتعلقة بحق اللاجئين المعاد توطينهم في نقل ممتلكاتهم إلى بلد إعادة التوطين.