في ظل تصاعد سياسة الهدم الإسرائيلية في مدينة القدس المحتلة، والتهديد بهدم مئات المنازل والمنشآت خلال الأيام والأشهر المقبلة، كان لابد من اتخاذ خطوات مقدسية عملية لأجل التصدي لها ووقفها، باعتبارها تشكل خطرًا على الوجود المقدسي.
ومنذ بداية العام 2022، تصاعدت وتيرة هدم المنازل والمنشآت في المدينة المقدسة، تحت ذريعة عدم الترخيص، وتم رصد هدم 34 منشأة سكنية وتجارية وزراعية خلال كانون الثاني/ يناير الماضي، من بينها عمليات الهدم القسري.
وتعيش العائلات المقدسية المهددة بالتهجير القسري حالة من التوتر والقلق الشديدين، خشيةً من إقدام بلدية الاحتلال على هدم منازلهم بأي لحظة، وتشريدهم في العراء، لصالح إقامة المشاريع التهويدية والاستيطانية.
ولا تتوقف معاناة المقدسيين عند هدم جرافات الاحتلال لمنازلهم، بل أقسى ما يتعرضون له أن يُجبروا على هدمها بأنفسهم، بعد التهديد بفرض غرامات باهظة عليهم، وكذلك إجبارهم على دفع أجرة الهدم لطواقم واليات البلدية.
سياسة عنصرية
المحامي المقدسي رائد بشير يقول لوكالة "صفا" إن مئات المنازل في القدس باتت مهددة بالهدم خلال الأيام والشهور المقبلة، غالبيتها في بلدة جبل المكبر، وفقًا لتعديلات قانون "كمينتس" الذي قيد سلطة القضاة في إصدار تمديدات لقرارات الهدم.
ويشير إلى أن هناك ما بين 200-250 منزلًا ومنشأة، غالبيتها في بلدة جبل المكبر، تم إصدار أوامر هدم بحقها، ولم تحصل على أي تمديدات، وبالتالي باتت معرضة للهدم في الأيام المقبلة.
ويوضح أن القدس ستشهد مجازر هدم في الفترة القادمة، وفقًا للقانون العنصري، ولصالح "الشارع الأمريكي"، الذي سيُقام على مساحة 340 دونمًا، مشيرًا إلى أن 52 منزلًا في جبل المكبر تم اخطارهم بالهدم لأجل تنفيذ المشروع.
ويضيف "هذه سياسة عنصرية، وأداة من أدوات القهر والاستبداد، وكل الحجج التي يسوقها الاحتلال تعد تدخلًا سافرًا في إطار الترحيل التدريجي والمقنن للمقدسيين".
وبحسب بشير، فإن بلدية الاحتلال تضع القوانين، لكنها تنفذها بلوائح تحمل في طياتها مخالفة واضحة وصريحة لكل المبادئ والقوانين الدولية والإنسانية.
خطوات عملية
وأمام هذه السياسة الممنهجة كان لا بد من اتخاذ خطوات وآليات عملية لمواجهتها ووقفها، كونها تشكل خطرًا على كل المقدسيين وممتلكاتهم، وتهدف إلى تهجيرهم واقتلاعهم من مدينتهم.
وبهذا الصدد، يؤكد المحامي المقدسي أن العمل الجماهيري يشكل عنصرًا أساسيًا ووحيدًا في مواجهة سياسة الهدم في القدس والضغط على بلدية الاحتلال لوقفها، بعدما أضحى المسار القانوني عاجزًا، لأن القانون قيد المحاماة والقضاة.
ويضيف "ارتأينا اتخاذ عدة خطوات عملية لتنفيذها على الأرض، في ظل استمرار سلطات الاحتلال في حظر المؤسسات الفلسطينية والفعاليات في المدينة، وبدأنا أولى هذه الخطوات بوقفة احتجاجية الأحد الماضي، أمام مبنى بلدية الاحتلال، لمطالبتها بوقف قرارات الهدم".
ومن هذه الخطوات أيضًا -يوضح بشير- التوقف الفوري عن "الهدم الذاتي"، وضرورة تقديم كل أشكال الدعم للسكان المتضررين من هدم بلدية الاحتلال لمنازلهم.
ويتابع "يجب تنظيم وقفات مستمرة أمام بلدية الاحتلال لمطالبتها بالتوقف عن سياسة الهدم، والاعتراف بالأبنية القائمة، وتسهيل إجراءات تنظيم الأراضي في القدس، وتخفيض تكلفة التراخيص الباهظة".
وأما الخطوة الرابعة -وفقًا للمحامي المقدسي- العمل على تنظيم مظاهرة مقدسية كبيرة موحدة، يشارك فيها الكل المقدسي، بحيث تشمل إضرابًا شاملًا وتعطيل الدراسة في جميع المدارس بكافة المراحل.
مطالبات بالتكاتف
ويبين أن رسالة التظاهرة الموحدة بمثابة مطالبات طبيعية من سلطة احتلال تمارس سياسة الترحيل التدريجي المقنن، كونها مجبرة على احترام حقوق الإنسان الأساسية، ومنها الحق في السكن، وفقًا للقوانين والأعراف الدولية والإنسانية.
ويضيف "وفي حال لم تعلن بلدية الاحتلال عن وقف عمليات الهدم، فإن الفعاليات ستتواصل في كل المؤسسات وفي كل مكان وبزخم أكبر".
ويشدد على أن الحراك الجماهيري يبقى الخيار الاستراتيجي والأوحد لوقف الهدم، خاصة في ظل غياب أي حلول سياسية وقانونية.
ولتفعيل هذه القضية، يقول المحامي بشير: "هناك اتصالات مستمرة مع لجان الدفاع عن أراضي سلوان والعيسوية وصور باهر، وسنتواصل مع كل الأحياء المقدسية للوصول إلى تفاهمات واتفاق بشأن اتخاذ موقف موحد، والوقوف صفًا واحدًا لأجل وقف سياسة الهدم".
ويتابع "نأمل التوصل لاتفاق موحد، وأن يكون هناك تجاوب وتكاتف من الجميع، لأجل تنفيذ تلك الخطوات على الأرض، وبيان خطورة سياسة الهدم، كونها تستهدف منازلنا ووجودنا في القدس".