قال نائب مدير عام الأوقاف الإسلامية في القدس المحتلة الشيخ ناجح بكيرات إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تنفذ مخططًا مبرمجًا وممنهجًا لاستهداف المساجد والقباب في المدينة المقدسة، بهدف تغيير الواقع المعماري والرؤية البصرية للمدينة.
وأضاف بكيرات في حوار مع وكالة "صفا" اليوم الأحد:" واضحٌ أن الاحتلال يسعى منذ اليوم الأول لاحتلاله مدينة القدس، إلى استهداف المساجد والقباب من أجل تغير الواقع المعماري والرؤية البصرية، وأيضًا الواقع الإنساني والحياتي في المدينة".
وتابع: "لاحظنا منذ احتلال المدينة عام 1967، كيف حاول الاحتلال محاصرة المساجد، من خلال قرارات الهدم، بحجة عدم الترخيص، وأصبح بناء أي مسجد في القدس يحتاج ليس فقط لترخيص وأرض، بل أيضًا لجهد كبير".
هوية وتاريخ
وأوضح أن المساجد بقبابها ومآذنها في القدس تشكل هوية وتاريخ فلسطيني وعربي إسلامي، لا يريد الاحتلال له أن يبقى، لذلك يسعى لمحاصرتها واستهدافها.
وأشار إلى أن سلطات الاحتلال هدمت منذ العام 1948، عشرات المساجد وتم تسويتها بالأرض، كونها تعبر عن هوية وثقافة وتاريخ الشعب الفلسطيني، فهو لا يريد وجود لهذه الجذور العربية الإسلامية.
ومؤخرًا، أخطرت بلدية الاحتلال في القدس بهدم القبة الذهبية لمسجد الرحمن في بلدة بيت صفافا جنوب شرقي المدينة، وأصدرت قرارًا إداريًا بهدم مسجد التقوى في بلدة العيسوية، بحجة البناء دون ترخيص.
وأصدرت بلدية الاحتلال في القدس قرارًا إداريًا بهدم المسجد، الذي ما زال قيد الإنشاء، بحجة البناء دون ترخيص، وأمهلت السكان أربعة أيام لهدمه.
وتواصل سلطات الاحتلال استهدافها الممنهج لكل ما هو فلسطيني في مدينة القدس، حتى الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية لم تسلم من اعتداءاتها وقرارات الهدم تحت ذريعة عدم الترخيص.
وبحسب بكيرات، فإن الاحتلال في الآونة الأخيرة، بات تركيزه أكثر على مدينة القدس، من خلال استهداف كل شيء فيها، بما فيها المساجد والقباب.
وفي مقابل، استهداف المساجد المقدسية من خلال قرارات الهدم، فقد أنشأت سلطات الاحتلال العديد من الكنس والمدارس اليهودية في المدينة المقدسة، وهناك 100 كنيس ومدرسة منتشرة في محيط المسجد الأقصى المبارك والبلدة القديمة.
وبهذا الصدد، أشار بكيرات إلى أن هناك عشرات الكنس اليهودية التي أُقيمت بالقدس، "حملت معها المعتقدات والإشارات التي تُدلل على هوية الدولة اليهودية، لأجل إثبات أحقيتهم المزعومة في المدينة".
وتابع "رُغم فرض حصار على الوجود العربي الإسلامي في المدينة، واستمرار إجراءات الاحتلال، إلا أن المقدسيين استطاعوا أن يُجذروا وجودهم داخل المساجد، كما عملوا على ترميمها وتطوير العديد من الرؤى البصرية، وتوسعة وتذهيب القباب".
وأكد أن مشهد الترميم والتطوير لهذه المساجد أغاظ سلطات الاحتلال وبلديتها، لذلك أخذت تُهدد وتصدر أوامرها بهدم بعض المساجد.
مشروع التحرير
وعن حملة "الفجر العظيم" في المسجد الأقصى، يرى بكيرات أن الحملة أرسلت رسالة للمحتل بأن" القدس لم تجف، وأن كل ممارساتهم وإجراءاتهم، وحصارهم للمساجد، أثبتت أن المقدسيين والفلسطينيين يلتفون من جديد حول مساجدهم، ليرسلوا رسالة بأن جذورنا ثابتة وباقية ولن تزول، كوننا أصحاب هذه الأرض".
وأضاف أن هذه الحملة جسدت أيضًا، تربية عميقة لجيل قادم يحمل الانتصار والفجر القادم لمدينة القدس، ومشروع تحريرها من براثن الاحتلال.
وبنظره، فإن هذه الحملة يجب أن تتحول لمشروع أمة عبر وضع برنامج على مستوى هذه الأمة، لإحياء وتعزيز "الفجر العظيم" الذي انطلق من المسجد الأقصى، ليكون على مدار الأسبوع، ولكي تُشكل الأمة حاضرة له.
وتأتي حملة "الفجر العظيم"، التي انطلقت خلال الأشهر الماضية، تأكيدًا على الترابط الروحي بين الفلسطينيين والمسجد الأقصى، ولإيصال رسالة للاحتلال برفض مخططات التهويد والضم، وانتهاكاته المتواصلة بحق المسجد المبارك.
آليات المواجهة
وحول كيفية مواجهة استهداف الاحتلال للمساجد، قال بكيرات:" علينا أن ننظر أننا نحن أصحاب الحق، وأن نتجذر أكثر في مساجدنا، وألا نتخلى عن مبادئنا وأهدافنا، ولا بد من الصمود والثبات في مواجهة عنجهية الاحتلال، ولكي تبقى مساجدنا شامخة وعامرة بالمصلين".
وأضاف "علينا أن نُدرك تمامًا أن الاحتلال يُحاول عرقلة وإلغاء أي مشروع لترميم وتطوير المساجد، لكن في المقابل، لا يمكن للاحتلال أن يمنعنا من حرية العبادة، وسنبقى متجذرين في أرضنا ومساجدنا".
وبين أن الاحتلال يُدرك أنه إذا حول معركته إلى دينية فسيكون هو الخاسر، لذلك سينطلق إلى معركة قانونية كاذبة، في محاولة للاستفراد بكل مسجد، من أجل تغييب تلك القضية، لذلك علينا أن نُدرك ذلك تمامًا، وألا نقبل بتدخلات الاحتلال.
وشدد بكيرات على أن الصراع مع الاحتلال ما يزال قائمًا، و"نحن من يمتلك الإرادة والثوابت التي تُمكننا من الانتصار عليه".