في خطوة خطيرة تستهدف تجفيف منابع المدارس في مدينة القدس المحتلة وفرض مزيد من السيطرة الأمنية، ومحاربة الهوية الوطنية، تقدم عضو الكنيست الإسرائيلي المتطرف "ايتمار بن غفير" بمشروع قانون جديد من شأنه أن يمنع المعلمين في القدس والداخل المحتل من إبداء تضامنهم مع القضية الفلسطينية.
وبحسب القناة العبرية السابعة، فإنه "وبموجب القانون الجديد سيتم طرد أي معلم يثبت أنه يدعم القضية الفلسطينية أو يؤيدها".
وتنص المذكرة التفسيرية لمشروع القانون، على أنه "في السنوات الأخيرة كانت هناك حالات متزايدة أعرب فيها مدرسون يعملون في مدارس تمولها وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية، عن دعمهم لأعمال أو منظمات تعمل ضد الاحتلال".
ويتضمن مشروع القانون، أن "يقدم المعلمون والمشرفون والموظفون في وزارة التربية والتعليم، تعهدًا واضحًا بعدم إبداء اي دعم لأي عمل ضد إسرائيل، وكذلك المنظمات التي تناهض الكيان، ومنع نشر أي دعاية في المدرسة فيها تأييد للنضال الفلسطيني".
وعقب استشهاد المقدسي فادي أبو شخيدم بعد تنفيذه عملية إطلاق نار قرب المسجد الأقصى المبارك، ما أدى لمقتل جندي إسرائيلي وإصابة 4 آخرين في 21 نوفمبر الماضي، اتخذت سلطات الاحتلال قرارًا بضرورة إخضاع كل معلم يريد أن يتوظف في وزارة التربية والتعليم في القدس والتابعة للاحتلال، لتحقيق وفحص أمني.
وأكدت مصادر عبرية أن جميع طلبات التوظيف توقفت، لحين اعتماد القرار بشكله النهائي.
استهداف متعمد
المختص في شؤون القدس ناصر الهدمي يقول لوكالة "صفا": إن" الاحتلال يتعمد استهداف التعليم في مدينة القدس، لأنه وجد في المدارس بؤرة للصراع الوطني، وأنها تُخرج رجالًا ترفض هذا الاحتلال وتقاومه بكل الوسائل الممكنة".
ويوضح أن العملية البطولية التي نفذها الشهيد أبو شخيدم، والذي كان معلمًا في مدرسة الرشيدية التابعة لبلدية الاحتلال كان مثالُا للوطنية والقيم والأخلاق، وما قام به شكل صفعة للاحتلال، وفشلًا ذريعًا لسياساته الأمنية داخل القدس.
ويضيف أن هذا الأمر دفع الاحتلال لاستخلاص العبر والعمل على تغيير سياساته اتجاه التعليم، وفرض مزيد من السيطرة الأمنية على توظيف المدرسين والعاملين في قطاع التعليم بكافة المدارس في القدس.
وبحسب الهدمي، فإن سلطات الاحتلال اتخذت قرارًا بعدم توظيف أي مدرس جديد لا يتوافق مع المعايير الجديدة التي وضعها جهاز المخابرات، وهو أن يخضع للتحقيق والفحص الأمني قبل التعيين، كما سيتم إجراء فحص أمني لكل المعلمين السابقين.
ويواجه التعليم في القدس وضعًا كارثيًا وتدميرًا ممنهجًا بسبب إجراءات الاحتلال العنصرية، والتي استنزفت على مدار سنوات سابقة، قدرته على البقاء والصمود أمام المناهج الإسرائيلية، وفي ظل غياب أي سيادة فلسطينية.
توجه إسرائيلي
ويشير الناشط المقدسي إلى أن بلدية الاحتلال حاولت سابقًا فرض تدريس المنهاج الإسرائيلي على المدارس في القدس بشكل إجباري، ومنحت امتيازات مالية لأجل ذلك، بهدف كي وعي الطلبة الفلسطينيين، وغسل أدمغتهم.
ويتابع "يبدو أن هناك توجهًا إسرائيليًا لتجفيف منابع المدارس التي لا تدرس المنهاج الإسرائيلي، والعمل على محاربتها لإجبارها على تدريسه".
ويرى أن الاحتلال يستهدف التعليم لوعيه بأهميته في بناء المجتمعات والتأثير على المجتمع المقدسي خصوصًا في مقاومة الاحتلال وإجراءاته العنصرية والممنهجة في القدس، بالإضافة إلى مدى خطورته في التأثير على مجريات الأمور داخل المدينة.
ويشكل استهداف التعليم- وفقًا للهدمي- اعتداءً على القيم والهوية الوطنية الفلسطينية، وأيضًا استهدافًا مبرمجًا لمستقبل شعبنا، وضربة قوية في حال نجحت سلطات الاحتلال في استهدافه لنضال شعبنا في الحفاظ على هويته وسيطرته على ثقافة أبناءه.
ومن شأن تطبيق القرار الإسرائيلي الجديد حرمان شريحة واسعة من المقدسيين من العمل في قطاع التعليم والمعارف، والتضييق أكثر عليهم اقتصاديًا ومحاربتهم في مصدر رزقهم، لدفعهم للرحيل خارج القدس.
وينتقد الهدمي دور السلطة الفلسطينية في رام الله بما يخص التعليم، قائلًا: إن" هناك تقصيرًا واضحًا ومتعمدًا لإهمال التعليم في القدس، وأيضًا لإعادة فتح مديرية التربية والتعليم فيها".