رغم تهديدات سلطات الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن عائلة ربايعة المقدسية تُصر على عدم هدم منزليها قسريًا في حي وادي الحمص ببلدة صور باهر جنوب شرقي مدينة القدس المحتلة.
وأمهلت سلطات الاحتلال المقدسي محمد ربايعة وشقيقه أمجد حتى يوم الأحد القادم لهدم منزليها وشقى عمرهما "ذاتيًا"، لكنه لم يتصور يومًا أن منزله الذي شيده قبل 4 سنوات، ودفع الغالي والرخيص لأجله أن يهدمه بيده.
ويعيش ربايعة وعائلته حالة ترقب وخوف شديدين على ما ينتظرهم من مصير مجهول مع قرب المهلة التي حددتها سلطات الاحتلال لهدم المنزلين.
حرقة وألم
في حديثه لوكالة "صفا"، يتساءل محمد: "كيف أهدم بيتي بنفسي، لن أقوى على ذلك، أين سأذهب وعائلتي؟، هذا بيتنا الوحيد لا مأوى لنا غيره، حتى أنني لم أتخيل يومًا أنني سأهدمه بنفسي".
ويقول بقلب يعتصره الألم: "عملت ليل نهار وتعبت كثيرًا حتى تمكنت من شراء قطعة الأرض والبناء عليها، لكي أعيش فيها مع عائلتي، لكن الاحتلال يُصر دائمًا على هدم حياتنا وذكرياتنا وشقى عمرنا، بإجبارنا على هدم منازلنا".
ويضيف أن شرطة الاحتلال اقتحمت مؤخرًا منزله في وادي الحمص، وسلمته ورقة لمراجعة الشرطة في "بيت إيل"، وتم تعيين محامي لمتابعة القضية والقيام بالإجراءات اللازمة، إلا أنه وبسبب جائحة كورونا لم يتم البت في الأمر.
ويشير إلى أنه تم عقد جلستين في المحكمة العليا الإسرائيلية بالقدس، وإصدار قرار بهدم المنزلين دون علمنا، حيث تفاجئنا بالقرار، وقبل أسبوع طالبت شرطة الاحتلال بهدمهما "ذاتيًا".
وتتعرض عائلة ربايعةـ التي تمكنت من إفراغ محتويات منزليها، لاقتحامات يومية من قبل شرطة الاحتلال، وتهديدات بضرورة هدم المنزلين، لكنها ترفض "الهدم الذاتي".
ويقول محمد: "حاولت مرارًا وتكرارًا الحصول على إجراءات التراخيص، أو عقد اتفاقية تقضي بهدم طابق واحد من أصل طابقين، إلا أن سلطات الاحتلال رفضت ذلك".
ويتكون كل منزل من طابقين، إذ تبلغ مساحة المنزل الذي يعيش فيه محمد 270 مترًا مربعًا، ويضم 4 شقق سكنية، ومنزل شقيقه 150 مترًا مربعًا، ويضم شقتين، ويعيش فيهما ما يزيد عن 10 أشخاص، باتوا عرضة للتهجير والتشريد بأي لحظة.
صمود وثبات
وتعد سياسة "الهدم الذاتي" من أخطر الممارسات الإسرائيلية بحق المقدسيين، لما لها من آثار نفسية واجتماعية مدمرة عليهم، تزيد من مأساتهم وآلامهم، وتحرمهم من العيش في حياة كريمة كفلتها لهم كل الشرائع والمواثيق الدولية.
ومنذ سنوات، وحي وادي الحمص يتعرض لهجمة إسرائيلية شرسة، تتمثل في عمليات الهدم والتهجير للسكان، إذ هدمت قوات الاحتلال عشرات المنازل، بذريعة قربها من جدار الضم والتوسع العنصري، رغم أن غالبيتها تقع في لمنطقة المصنفة (أ) التابعة الفلسطينية، حسب اتفاق أوسلو.
ويعتبر امتدادًا لبلدة صور باهر، وتبلغ مساحة أراضيه نحو ثلاثة آلاف دونم، وحرم جيش الاحتلال السكان فيه من البناء على نصف المساحة تقريبًا، بحجة قرب الأراضي من الجدار الذي يفصل الحي عن عدة قرى تتبع محافظة بيت لحم.
ويضيف محمد ربايعة في حديثه لوكالة "صفا" أن "الاحتلال يسرق منها كل أحلامنا وفرحتنا، فرحي بعد أربعة أشهر، حلمي أن أعيش في منزلي، لكن هذا المحتل يأبى إلا وأن ينغض علينا حياتنا، وأن نبقى نعيش الألم والمعاناة".
و"رغم ذلك، يؤكد ربايعة، سنبقى صامدين متمسكين بأرضنا وبيوتنا، لن نتركها مهما كلفنا من ثمن، يريد أن يهدمها (الاحتلال) فليهدمها فوق رؤوسنا، والحمد لله على كل حال".
وتُحرم سلطات الاحتلال المقدسيين من الحصول على رخص بناء، وتفرض عليهم ضرائب باهظة، الأمر الذي يدفعهم إلى البناء دون إذن، في تحدٍ واضح للإجراءات الإسرائيلية العنصرية.