القدس المحتلة - خاص صفا
لا تتوقف بلدية الاحتلال الإسرائيلي عن إقرار مشاريعها الاستيطانية والتهويدية في مدينة القدس المحتلة، بل تُسارع الخطى لأجل تنفيذها، تمهيدًا لبسط سيطرتها الكاملة، وفرض وقائع جديدة عليها، لتحولها إلى مدينة ذات صبغة يهودية.
وتحت حجة "التطوير والتشغيل"، وافقت بلدية الاحتلال على مخطط لإقامة ما أسمته "مجمع تجاري وتشغيلي" على مساحة 66 دونمًا تقريبًا من أراضي المواطنين الخاصة في قرية أم طوبا جنوب شرقي القدس.
وأم طوبا قرية فلسطينية، تُعد ذات موقع أثري يحتوي على صهاريج منقورة في الصخر ومُغر وتيجان وأعمدة، تم الفصل بينها وبين مدينة بيت ساحور عن طريق مستوطنة جبل أبو غنيم "هار حوما" التي تم إنشاؤها عام 1997 على أراضي القرية.
صادر الاحتلال آلاف الدونمات من أراضيها لإقامة مستوطنات عليها، ولشق الطريق الالتفافي رقم (398)، ويمتد جدار الفصل العنصري بطول أكثر من 2 كم على أراضي صور باهر وأم طوبا من الجهة الجنوبية الشرقية.
ووفق بلدية الاحتلال، فإن" المخطط يحد حي صور باهر وأم طوبا شرق حي (هار حوما) و(كيبوتس رمات راحيل) شمال شارع 398، وطريق (ناحال دارجة) شرق طريق الخليل وطريق 60".
وتقع الخطة على مساحة 66 دونمًا، وتتضمن أيضًا 11 قطعة أرض للعمل بحجم بناء يبلغ حوالي 75000 متر مربع، جميعها "لاستخدامات مختلفة من العمالة والصناعة الخفيفة والحرف اليدوية والتجارة".
سرقة وهيمنة
ولأجل إقامة المجمع الإسرائيلي، وضعت بلدية الاحتلال يدها على 66 دونمًا من أراضي القرية الفارغة، وشرعت بتهيئة البنية التحتية، ووضع المخططات الهندسية وكافة الإجراءات اللوجستية والفنية من أجل البدء في بناء هذا المجمع. كما يقول الباحث في شؤون القدس فخري أبو دياب
ويضيف أن سلطات الاحتلال تعمل على تغليف مشاريعها الاستيطانية تحت مسمى "التطوير والعمالة"، وتدعي أن مشاريعها التجارية والتشغيلية تخدم السكان المقدسيين، لكنها في الحقيقة تهدف لذر الرماد في العيون، ولخدمة المستوطنين.
ويشير إلى أن المنطقة المستهدفة (أم طوبا) ملاصقة لطريق استيطاني يعمل الاحتلال على تنفيذه، وذلك لاستخدامات المستوطنين وليس الفلسطينيين.
ويقع جزء من هذه المنطقة- كما يبين أبو دياب- ضمن الحزام الاستيطاني الذي يبدأ من مستوطنتي "جيلو" و"جفعات هاماتوس"، بهدف فصل القدس عن الضفة الغربية.
ويتضمن المجمع الإسرائيلي، إقامة مراكز تجارية وأماكن عمل صناعية وتشغيلية ستقام على أراضي المقدسيين، والتي يتم استغلالها والاستيلاء عليها بالقوة.
ويؤكد أن الاحتلال يسعى لإملاء كل المساحات الفارغة بالقدس بمشاريعه الاستيطانية، لعدم تمكن أهل القدس من استخدامها لأغراض السكن والبناء، خاصة أن حكومة الاحتلال وبلديتها وكافة القائمين على هذه المشاريع يتجاهلون حاجة المقدسيين للسكن والبناء.
وسنويًا، يحتاج المقدسيون إلى 5 آلاف وحدة سكنية، في المقابل، تسعى "إسرائيل" لهدم 23 ألف وحدة بالقدس، بحجة "البناء دون ترخيص، وأنها غير قانونية".
ويوضح الناشط المقدسي أن بلدية الاحتلال تقيم تجمعات تجارية وتشغيلية بالمدينة المقدسة، في المقابل تُقلل الهامش التطويري للمقدسيين، وهو ما يتناقض مع ما تدعيه بأن هذه التجمعات تخدم السكان المقدسيين.
وفي الآونة الأخيرة، صادقت بلدية الاحتلال على إقامة عشرات المشاريع التجارية، تحت مسمى "تطويرية وتشغيلية"، كلها تهدف في جوهرها لبسط الهيمنة والسيطرة على القدس، وقد تستخدمها لأغراض أمنية مستقبلًا.
ويشدد أبو دياب على أن الهدف من هذه المشاريع العنصرية زيادة أعداد المستوطنين شرقي القدس، وسرقة الأرض، وتغيير وجهها الحضاري، ونمط أسلوب الحياة فيها، وكذلك لجلب المستثمرين الأجانب واليهود إليها.
ويبين أن سلطات الاحتلال تريد أن تروج أمام العالم بأنها تقوم بمشاريع تخدم سكان القدس، لكنها في مضمونها لا تصب في مصلحة الفلسطينيين، بل هدفها استيطاني استعماري بحت.
تهويد القدس
وأما مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية زياد الحموري، فيوضح لوكالة "صفا" أن الهدف المعلن من بلدية الاحتلال لإقامة مثل هذه المشاريع، "تحسين الوضع الاقتصادي للمقدسيين، ودمج القدس بوحدة واحدة حتى في المشاريع".
ويضيف "لكن في حقيقة الأمر، فإن الهدف من كل المشاريع التي تنفذ بالقدس، استيطاني لزيادة الاستيطان وتهويد المدينة، وخدمة المستوطنين على حساب الفلسطينيين وسلب أراضيهم، كما يجري في أم طوبا وحي الطور ووادي الجوز، وغيرها.
ويبين أن إقامة الاحتلال للطرق والشوارع الالتفافية التي تربط الضفة بالقدس، كلها تهدف لربط المستوطنات ببعضها، وإقامة مجمعات تجارية ضخمة كما في أم طوبا المحاصرة والمحاطة بالمستوطنات.
ويشير الحموري إلى أن سلطات الاحتلال صادرت حوالي 52 % من أراضي القدس، لخدمة المستوطنات والمستوطنين، وتسعى للسيطرة على ما تبقى من الأراضي والبيوت ضمن مشروع ما يسمى "التسوية"، ما ينذر بخطورة المرحلة القادمة.
ر ش/ط ع