يتهدد 54 مبنى في بلدة الطور شرق القدس المحتلة خطر الهدم والإزالة، وتشريد سكانها، لصالح استكمال تنفيذ بلدية الاحتلال الإسرائيلي ما يسمى "الشارع الأمريكي" الاستيطاني.
وقبل عدة أيام، صادقت بلدية الاحتلال في القدس على خطة "تطوير منطقة عمل" لمصادرة 45 دونمًا في الطور، وتوزيع أوامر هدم وإخلاء لعشرات المنازل، ضمن مخطط لهدم 54 مبنى مأهولًا بالسكان، لصالح "الشارع الأمريكي".
ويؤكد أصحاب الأراضي المصادرة، أن المخطط لا يخدم البلدة ولا سكانها الأصليين، وإنما هو جزء من مشروع الطرق الالتفافية الاستيطانية لصالح مشروع "الشارع الأميركي"، ويشمل هدم عشرات المنازل الفلسطينية في نطاق المخطط الذي يتجاهل وجود المواطنين على أراضيهم بزعم "المنفعة العامة".
وتقدم بعض أصحاب هذه المباني باعتراضات لمحاكم الاحتلال، وطلبوا ترخيصًا للمباني القائمة منذ عقود، وبعضهم تلقى أوامر إخلاء، وجزء منهم تلقى أوامر هدم، وقسم آخر لازال تحت طائلة التهديد وخطر الهدم.
وفي العام 1996، أقرت سلطات الاحتلال الطريق الاستيطاني الدائري بعدما صادرت نحو 1070 دونمًا من أراضي العيزرية، السواحرة، أبو ديس والطور، بهدف ربط المستوطنات جنوبي القدس مع مستوطنة "معاليه أدوميم" شرقًا، وبما يرسم "حدود مدينة القدس"، ويعزلها عن مدن وقرى جنوب المدينة.
ويبدأ "الشارع الأمريكي" أقصى جنوب شرق القدس قرب بيت ساحور ومستوطنة "هار حوما"، مرورًا ببلدتي صور باهر وجبل المكبر، ثم عن طريق نفق يبدأ من بلدة سلوان أسفل جبل الزيتون ليخرج عند حاجز الزعيم العسكري.
محاصرة واستيطان
الباحث في شؤون القدس فخري أبو دياب يقول لوكالة "صفا" إن بلدية الاحتلال تعتزم هدم 54 مبنى في جبل الزيتون-الطور، بعدما تم إخطار سكانها، وذلك لصالح تنفيذ المرحلة الثانية من مشروع "الشارع الأمريكي"، الذي يبدأ من منطقة المستوطنات جنوبي القدس وبيت لحم، وصولًا لربطها بمستوطنات شرقي المدينة.
ويوضح أن العمل في المشروع الاستيطاني ما زال مستمرًا، خاصة بعد الانتهاء من المرحلة الأولى، ويجري العمل بالمرحلة الثانية على قدم وساق على حساب مصادرة أراضي المقدسيين وتشريدهم من منازلهم.
والمرحلة الثانية من المشروع-وفقًا لأبو دياب- تبدأ من منطقة وادي قدوم في سلوان باتجاه بلدة الطور، عبر مصادرة مئات الدونمات وهدم عشرات المنازل من خلال إزالة 54 مبنى في المنطقة المستهدفة لتوصيل الجزء الآخر من "الشارع الأمريكي".
ويهدف الاحتلال من خلال إقامة هذا الشارع، إلى فصل التجمعات الفلسطينية عن بعضها البعض، ومحاصرتها وعدم تمددها عمرانيًا وجغرافيًا، وفرض وقائع جديدة على الأرض، وتقسيم القدس إلى مربعات وشوارع استيطانية.
ويضيف أبو دياب أن إقامة "الطريق الأمريكي" جزء من محاولات الاحتلال لتفريغ القدس وفرض وقائع جديدة عليها، ولتسهيل وصول المستوطنين وزيادة عددهم فيها.
ويشير إلى أن بلدية الاحتلال أنجزت المرحلة الأولى من المشروع، والتي بدأت من "جبل أبو غنيم"، وصولًا لصور باهر وجبل المكبر وسلوان.
وعند إتمام تنفيذ المشروع الذي جرى تقسيمه لـ 3 مقاطع (الجنوبي، الأوسط والشمالي)، سيتمكن مستوطنو "هار حوما" ومستوطنات شرق بيت لحم من الوصول إلى مستوطنة "معالي أدوميم" وشمال القدس خلال فترة قياسية قصيرة.
ويلفت أبو دياب إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب تبرعت بمبلغ قدره 10 مليون دولار لصالح إقامة شوارع في القدس، إلا أن الاحتلال استغلها في إقامة مرافق وخدمات تخدم المستوطنين، لذلك أطلق عليه "الطريق الأمريكي".
ويبين أهمية المنطقة المستهدفة (جبل الزيتون) لتنفيذ المرحلة الثانية من الشارع الاستيطاني، كونها مطلة على البلدة القديمة والمسجد الأقصى، بما سيؤدي إلى فصل بعض المناطق، مثل راس العامود، العيزرية وأبو ديس بطريق للمستوطنين، عن البلدة القديمة والأقصى.
ويُعد جبل الزيتون أعلى منطقة في القدس، ويمثل نقطة الفصل بين منطقتين مناخيتين مختلفتين هي البلدة القديمة والأغوار، ويشق نفق أقامته بلدية الاحتلال لربط وسط المدينة بمستوطنات الأغوار، وخاصة مستوطنة "معالي ادوميم".
مخاطر المشروع
وينبه الباحث المقدسي، إلى خطورة المشروع الاستيطاني على القدس، خاصة أن الكثير من الأحياء المقدسية سيتم عزلها وتجزئتها، ناهيك عن الحماية الأمنية التي ستوفرها قوات الاحتلال لهذا الشارع بشكل دائم، وتكثيف التواجد العسكري عبر إقامة مراكز أمنية بالمنطقة.
والأخطر في تنفيذ هذا المشروع، كما يؤكد أبو دياب، تشريد السكان المقدسيين ومنعهم من البناء واستخدام أراضيهم، وتضييق الخناق عليهم وعلى مصدر رزقهم، وحتى المباني القائمة على جوانب الشارع وأطرافه لن تسلم من الاستهداف الإسرائيلي وعمليات الهدم والتشريد.
ويوضح أن بلدية الاحتلال تدعي أن إقامة مثل هذه المشاريع يتم تحت بند "الخدمات والمرافق العامة ولمصلحة السكان"، وكلها ادعاءات باطلة، الهدف منها دعم المستوطنين وتسهيل وصولهم للقدس.
وأما المستشار الإعلامي حاتم خويص، فيوضح لوكالة "صفا"، أن سلطات الاحتلال تسعى لهدم عشرات المنازل في بلدة الطور ومصادرة عشرات الدونمات من أراضي المواطنين، ما يهدد وجود السكان.
ويشير إلى أن الاحتلال وضع المخططات وعمل على فحص التربة، وتقديم بلاغات للمواطنين بشأن هدم المنازل، ما سيؤدي إلى تهجير عائلات بأكملها من المنطقة، معتبرًا ما يجري خطير للغاية.
ويضيف أن إقامة الشارع الاستيطاني هدفه سياسي بامتياز، كونه يمنع التمدد الطبيعي لأهالي الطور من الناحية الشرقية، ويفرض مزيدًا من الحصار على البلدة.