مصاريف ضخمة لكبار المسؤولين

"سوء الإدارة والتخطيط" يُسهم بوصول الدين العام للسلطة إلى مستويات تاريخية

غزة - خاص صفا
وصلت السلطة الفلسطينية إلى مستويات تاريخية في الدين العام خلال العام الجاري، مدفوعة بإجراءات الاحتلال الإسرائيلي وضعف المساعدات الدولية، جنبًا إلى جنب مع "سوء الإدارة والتخطيط"، وفق مختصين.
ورغم أن سياسة الحكومة الإسرائيلية السابقة التي قادها بنيامين نتنياهو عمّقت الأزمة المالية للسلطة، إلا أن سوء الإدارة والتخطيط الذي تشير إليه مؤسسات رقابية زاد من متاعبها المالية.
واشتدت الأزمة المالية على السلطة في ظل قلة الإيرادات بسبب كورونا، وانعدام المساعدات في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وعجز البنوك المحلية عن مواصلة الإقراض، وهو ما دفعها للحصول على قرض مالي إسرائيلي قيمته 156 مليون دولار.
 
مصاريف ضخمة
ويقول مصدر في وزارة المالية برام الله إن ترهل الديون، يعود للمصاريف الضخمة على عاتق السلطة، والتي تزداد في كشوفات المالية شهرًا بعد الآخر.
ويؤكد المصدر، في حديث لوكالة "صفا"، أن المصاريف تزداد ولا وجود لخطط التقشف رغم الأزمة المالية الخانقة واللجوء للاستدانة من البنوك والقطاع الخاص وأطرافًا أخرى.
ويشير إلى أن "غياب التخطيط وسوء الإدارة، يزيد الطين بلة ويضاعف المديونية في ظل غياب الرؤية التنموية".
في حين، يرى الأكاديمي في جامعة النجاح نائل موسى أن السيطرة على الوضع المالي للسلطة وإيقاف التضخم في الديون يتطلب إدارة حكيمة "تعرف كيف توجه الأموال التي تصرفها وتعمل بشكل جاد على التقشف وفق المطلوب".
ويقول موسى، في حديث لوكالة "صفا": "على سبيل المثال، عندما نسمع عن ميزانية ضخمة لمكتب الرئيس في ظل أزمة مالية عاصفة؛ فإن ذلك يتطلب تخطيطًا لإدارة أروقة السلطة بأقل المصاريف".
ويضيف "إذا وجدنا تضخمًا في المصاريف والامتيازات والهبات التي تُمنح لكبار الموظفين، فمن الطبيعي أن نرى تضخّمًا في الدين العام، وهو ما يمثل أحد أوجه الفساد".
وتطرق للحديث عن المساعدات والمنح، قائلا: "المانح يهمه النظام السياسي فقط، وهو يعلم جيدًا أن هناك فسادًا في صرف هذا المال، ولكن طالما أن المال سياسي ويؤدي الغرض الذي أُرسل من أجله فلا يهمه كثيرا البحث عن الفساد وأوجه الصرف".
ولفت إلى أن الكثير من أموال الاتحاد الأوروبي، باتت تذهب لمؤسسات مجتمع مدني وليس للسلطة الفلسطينية، "بعد كثرة الحديث عن تقارير فساد مالي في أروقة الحكومة والسلطة".
 
بحاجة لتخطيط
الكاتب والمحلل الاقتصادي جعفر صدقة، أكد أن المشكلة الأساسية تتمثل في الدين "غير النظامي" من متأخرات شركات القطاع الخاص وهيئة التقاعد والمعاشات وغيرها من الديون العشوائية.
وقال صدقة في حديث لوكالة "صفا": إن "الدين غير النظامي يمثل خطورة أكبر بكثير من الدين النظامي من البنوك أو المؤسسات الدولية الخارجية؛ إذ يترتب عليه مشاكل كبيرة من تسريح موظفين وإغلاق شركات في حال عدم سداد الديون".
وأضاف "لا أحد ينكر وجود فساد في أروقة السلطة، ولكن أعتقد أن إجراءات الاحتلال وغياب التخطيط للأموال هو الأكثر ولا شك أنه أحد أوجه الفساد".
ويتفق صدقة مع سابقه في أن سوء الإدارة تعتبر أحد أوجه ارتفاع الديون، مشددًا على ضرورة إيجاد بيئة تنموية تعوّض نقص المساعدات والمنح.
وتطرق للحديث عن القروض التي تحصل عليها السلطة، مؤكدًا أنها لم تتعامل مع معالجة القروض من البنوك والقطاع الخاص بالطريقة الأمثل، "وهو ما أوصلنا إلى عدم قدرة البنوك عن إعطاء أي قروض للسلطة، رغم وجود سيولة جيدة حتى الآن في البنوك".
وخلال السنوات الأخيرة، أصدرت مؤسسات محلية ودولية عددا من التقارير التي تشير إلى وجود "فساد" في أروقة السلطة، داعية إلى ضرورة إجراء إصلاحات جذرية توقف "الفساد" وتقلل المديونية.
ووفق أرقام الدين العام الصادرة وزارة المالية برام الله، بلغ الدين العام 4.6 مليارات دولار، بما لا يشمل المتأخرات المتراكمة على الحكومة.
ووفق التقرير السنوي الـ13 للائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة - أمان بشأن واقع النزاهة ومكافحة الفساد؛ فإن عام 2020 شهد تراجعًا في نزاهة الحكم.
وأوضح التقرير أن من بين أسباب تراجع نزاهة الحكم عدم الإفصاح عن موارد وممتلكات السياسيين المعرضين للفساد، وضعف السياسات المتعلقة بتخصيص وإدارة موارد الدولة، بما في ذلك عدم إصدار قانون المنافسة ومنع الاحتكارات.
وبيّن أن من أكثر أشكال الفساد انتشارًا الواسطة والمحسوبية، والكسب غير المشروع، وإساءة الائتمان، والمساس بالمال العام، والاستثمار الوظيفي والاختلاس، وعدم الإفصاح عن تضارب المصالح، وغسل الأموال.
وأشار إلى أن عدد الشكاوى والبلاغات الواردة إلى هيئة مكافحة الفساد خلال 2020 بلغت 1115، في حين كانت عام 2019 ما مجموعه 545.
وحول الفئات الوظيفية الأكثر اتهاما بالفساد، بلغ عدد الشكاوى والبلاغات الواردة للهيئة والخاصة بفئات عليا 137 شكوى وبلاغًا، 34 منها فئة أولى، و93 فئة عليا، بما يشمل القضاة وأعضاء النيابة العامة، 10 وزراء أو بدرجة وزير.
ولفت إلى أن السلطة لم تطبق استراتيجية إدارة المال العام وفق المخطط، ولم تنشر تفاصيل موازنة الطوارئ التي تم الإعلان عنها ونُشر قانونها في الجريدة الرسمية، وهو ما حال دون إمكانية إجراء تحليل المرتكزات الاقتصادية والمالية التي تم الاعتماد عليها في تحديد سقوف الإنفاق وأولوياته.
وأكد التقرير أن "جهود مكافحة جريمة غسل الأموال في فلسطين ما زالت غير واضحة، بسبب تكتم اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال على أعمالها، وعدم نشر أية تقارير أو معطيات أو إحصائيات ذات دلالة، حول حجم تفشي هذه الجريمة والأموال المتحصلة منها".
وذكر أن "الحكومة امتنعت عن الإفصاح ونشر وثائق منتدى غاز شرق المتوسط، مع استمرار التراجع في شفافية الموازنة العامة، وعدم إصدار وزارة المالية الحساب الختامي وفقًا للمدة الزمنية القانونية".
ط ع/أ ج/أ ق

/ تعليق عبر الفيس بوك