من المقرر أن تنتهي غدًا الأحد، المهلة التي حددتها بلدية الاحتلال الإسرائيلي لهدم عدة منازل في حي البستان ببلدة سلوان جنوبي المسجد الأقصى المبارك، بحجة البناء دون ترخيص.
ومطلع يونيو/ حزيران الجاري، سلمت طواقم بلدية الاحتلال 13 عائلة من الحي، من أصل 17 ينطبق عليها قانون "كامينتس"، أوامر الهدم، وأمهلت أصحابها 21 يومًا لهدمها ذاتيًا، أو تتحمل تكاليف ذلك في حال اضطرت البلدية لإرسال طواقمها وجرافاتها لتنفيذ تلك الأوامر.
وتعيش العائلات المقدسية حالة من القلق والخوف الشديدين، مع اقتراب انتهاء المهلة، وتنفيذ قرار هدم منازلهم وتهجيرهم قسريًا.
وعلى بعد 300 متر من السور الجنوبي للمسجد الأقصى يقع حي البستان، ليمتد على مساحة 70 دونمًا، يعيش عليها 1550 نسمة.
ويدعي الاحتلال أن الحي يمثل "إرثًا حضاريًا تاريخيًا للشعب اليهودي"، لذلك عمل على تهويد اسمه وتحويله إلى "حديقة الملك داوود".
ويسعى الاحتلال إلى هدم الحي بأكمله، تمهيدًا لإقامة "حديقة وطنية توراتية"، تعود قصته إلى العام 2005، حينما أصدرت بلدية الاحتلال قرارًا بهدمه، وبدأت بتوزيع أوامر الهدم على سكانه، بحجة البناء دون ترخيص، رغم أن أراضيه ذات ملكية فلسطينية خاصة، ووقف إسلامي.
وكانت بلدية الاحتلال رفضت خلال آذار/مارس الماضي، المخططات الهندسية للحي، وكذلك تجميد قرارات الهدم.
مصير مجهول
وقال عضو لجنة الدفاع عن أراضي سلوان فخري أبو دياب لوكالة "صفا" إن العد التنازلي لهدم 13 منزلًا من اصل 17 مهددين بالهدم في حي البستان قد بدأ، مع انتهاء الغطاء القانوني والمهلة التي حددتها بلدية الاحتلال غدًا لتنفيذ أوامر الهدم.
وأوضح أن بلدية الاحتلال طلبت من الأهالي هدم منازلهم ذاتيًا خلال 21 يومًا، إلا أنهم رفضوا ذلك، ولم يرضخوا لتلك الأوامر.
وبحسب أبو دياب، فإن مصيرًا مجهولًا بات ينتظر العائلات المهددة منازلها بالهدم، وأن هناك مخاوف حقيقية من إقدام طواقم البلدية على هدم تلك المنازل بأي لحظة، وتشريد أفرادها.
وأضاف أن هناك نية واضحة لدى بلدية الاحتلال لهدم حي البستان بأكمله، والبالغ عدد منازله 100، في آب/ أغسطس المقبل، تمهيدًا لإقامة "حديقة توراتية"، وذلك بادعاء أنه يمثل "إرث تاريخي وحضاري للشعب اليهودي"، لكنه ادعاء باطل.
وبين أن هذه الممارسات هي جزء من مخطط ما يسمى بـ "الحوض المقدس"، والذي يبدأ من حي الشيخ جراح والبلدة القديمة وصولًا إلى بلدة سلوان.
وأكد أبو دياب أن سلطات الاحتلال تعتمد روايات وأساليب مضللة لإثبات أحقيتها في سلوان، ومدينة القدس، لافتًا إلى حي البستان يمثل إرثًا حضاريًا وتاريخيًا ليس للفلسطينيين وحدهم بل للعرب والمسلمين، ولا يوجد أي روايات تُدلل على ادعاءات اليهود.
واعتبر أن هذه سياسة أيدولوجية تتبعها سلطات الاحتلال من أجل طرد السكان الفلسطينيين من القدس، وإقامة حزام من المستوطنين والمستوطنات في محيط المسجد الأقصى.
وأشار إلى أن كل أحياء سلوان يتهدد سكانها الطرد والترحيل بأي وقت، باعتبارها الحامية الجنوبية للمسجد الأقصى، وخط الدفاع الأول عنه من مخططات الاحتلال.
وذكر أن حي البستان يتعرض لتهديد كبير وخطير من قبل المستوطنين وبلدية الاحتلال، رغم أن أراضيه ذات ملكية فلسطينية خاصة، ووقف إسلامي.
وحذر أبو دياب "من أنه إذا تمكن الاحتلال من هدم حي البستان، فإن عمليات الهدم ستلاحق بقية الأحياء في البلدة، لذلك يجب التحرك العاجل لوقف وعلى أعلى المستويات لوقف ما يجري بحق المقدسيين وممتلكاتهم".
الحراك الجماهيري
وحول المطلوب لمواجهة أوامر الهدم، أكد الناشط المقدسي أن الحراك الجماهيري الواسع يشكل صمام الأمان والعنصر الرئيس في الحفاظ على منازلنا، ووقف المخططات الإسرائيلية بما فيها عمليات الهدم، كون الاحتلال يخشى من ردة الفعل بالشارع المقدسي.
وأشار إلى أن الحراك الجماهيري وصمود المقدسيين وثباتهم أدى إلى تأجيل وتجميد الكثير من مشاريع الاحتلال في القدس، كما حدث في حي الشيخ جراح وبابي الرحمة والعامود وغيرها.
وشدد على ضرورة إسناد الدول العربية والإسلامية، والمجتمع الدولي للمقدسيين في معركتهم المتواصلة مع الاحتلال وعنهجيته، لأن سياسة التهجير والطرد تتنافى مع القانون الدولي، وتشكيل جريمة بحق السكان.
وطالب أبو دياب المؤسسات الدولية والحقوقية لاستعمال كل أدوات الضغط الرسمية على الاحتلال لوقف عمليات الهدم وتهجير المقدسيين في سلوان وغيرها.
وبين أن الاحتلال يحاول أن يهدم نفسية العائلات المقدسية قبل هدم منازلها، كجزء من الحرب النفسية التي يتبعها بهدف كسر شوكتهم ومعنوياتهم.
وقانون "كامينتس" دخل حيز التنفيذ في أكتوبر/تشرين الأول عام 2017، بعد أن تم سنّه من كتل اليمين المتطرف في الكنيست الإسرائيلي، بهدف "محاربة البناء غير المرخص"، لكن هدفه الحقيقي يكمن في محاربة البناء العربي وهدم منازل العرب، ووقف عملية التمدد العمراني للفلسطينيين.
وبناءً على هذا القانون، ينعدم أي مسار قانوني يمكن سلوكه لتأجيل أو منع الهدم للمنازل التي بنيت منذ عام 2017 فصاعدًا.