web site counter

سيحولها لحي استيطاني

"لفتا".. قرية مقدسية هجر الاحتلال سكانها ويسعى لتدمير ما تبقى منها

القدس المحتلة - خاص صفا

فوق رقعة مرتفعة من جبال مدينة القدس المحتلة تعلو 700 متر عن سطح البحر، تقع قرية لفتا المقدسية، التي هدم الاحتلال الإسرائيلي أكثر من نصف منازلها وهجر سكانها عام 1948، وما زال يواصل استهدافها بهدف تحويلها إلى حي استيطاني جديد يضم فيلات فاخرة.

ولفتا قرية كنعانية ذات موروث حضاري إنساني، غنية بالآثار التاريخية، وعيون المياه العذبة، والأشجار المثمرة كاللوز والتين والزيتون والرمان، تُبعد كيلومترًا واحدًا إلى الشمال الغربي من مدينة القدس، وتبلغ مساحتها 8 آلاف دونم.

صنفها الصندوق العالمي لحماية الآثار كواحدة من 25 موقعًا معرضًا للخطر حول العالم، وهي مرشحة لإدراجها على قائمة مواقع التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو).

وما يميز لفتا عن القرى الفلسطينية الأخرى المهجرة موقعها الجغرافي الاستراتيجي وتاريخها المعماري القديم، الذي ما زال شاهدًا حيًا على موروثها الثقافي والحضاري.

ومنذ عام 1948 وحتى الآن، أقام الاحتلال عليها عدة مستوطنات، هي "نفتوح، جفعات همفتار، جفعات شاؤول، راموت، ورامات أشكول".

وعلى مدار سنوات ماضية، لم يتوقف الاستهداف الإسرائيلي للقرية المهجرة، التي لا يسمح لأحد من أهلها بالسكن فيها أو العودة إليها، بل يسعى الاحتلال إلى تهويدها وهدمها بالكامل لإقامة الحي الاستيطاني على أنقاضها.

وفي شباط/فبراير الماضي، طرحت ما تسمى "دائرة أراضي إسرائيل" عطاءً لبناء 269 وحدة استيطانية في لفتا، من بينها فندق ومتحف ومركز تجاري، وبالتالي تحويل القرية إلى حي يهودي على أنقاض البيوت المهجّرة.

أهمية استراتيجية

المتحدث باسم جمعية لفتا الخيرية زياد ازمقنا يقول لوكالة "صفا" إن حكومة الاحتلال تسعى جاهدة إلى تغيير الطابع الديمغرافي على الأرض في قربة لفتا، وهدم ما تبقى من منازلها وموروثها الثقافي والمعماري التاريخي.

ويوضح أن للقرية أهمية استراتيجية كبيرة، كونها تُعد البوابة الغربية الرئيسة للقدس، والذي لا يستطيع أحد تجاوزها حينما يزور المدينة المقدسة، كما تتمتع بجمال عمراني قديم جعلها في قائمة الاستهداف الإسرائيلي المتواصل.

ويشكل ما يجري في لفتا من محاولات لتهويدها وهدمها-وفقًا لإزمقنا- امتدادًا لمعركة حي الشيخ جراح وبلدة سلوان المهددتين بالتهجير والاقتلاع من منازلها في أي وقت.

ومنذ عام 2004، يخوص أهالي لفتا وجمعيات حقوقية معارك قضائية في وجه المخططات الإسرائيلية الاستيطانية الرامية لهدمها، وقد نجحوا بعام 2012، في منع ما تسمى "دائرة أراضي إسرائيل" من بيع القرية بمزاد علني.

وبهذا الصدد، يقول إزمقنا إن حكومة الاحتلال أعلنت نيتها طرح عطاء جديد في يوليو/تموز القادم، للشروع في بناء الحي الاستيطاني بالقرية، والذي يضم فيلات جديدة وفنادق سياحية ومرافق حيوية وتجارية وغيرها.

ويضيف أن الاحتلال يريد طمس معالم البيوت الموجودة في لفتا، وتغيير طابعها العربي الإسلامي، ومحو هويتها وتاريخها الفلسطيني العريق لأجل إثبات وجوده وأن له أحقية البقاء على هذه الأرض.

ولمواجهة هذا المشروع الاستيطاني، يؤكد إزمقنا:" توجهنا سابقًا للمحاكم الإسرائيلية، وتمكنا من إيقاف العمل بالمشروع".

ويتابع: "توجهنا أيضًا للمنظمات الحقوقية ومؤسسات دولية، والجامعة العربية ومنظمة اليونسكو لأجل حماية التراث الفلسطيني، ومنع هدم القرية وتحويلها لحي استيطاني".

ويشير إلى أن هناك حملات ونشاطات تنفذها الجمعية للتعبير عن رفضنا القاطع للمشروع الاستيطاني، ولطمس المعالم التاريخية، وللتأكيد على حقنا في القرية الشاهدة الوحيدة على جرائم الاحتلال.

حي يهودي

أما رئيس هيئة حماية الموروث الثقافي في قرية لفتا يعقوب عودة، فيقول لوكالة "صفا" إن الاحتلال يستهدف القرية بشكل ممنهج منذ سنوات لأجل تحويلها إلى حي يهودي، إلا أننا نرفض بشدة أي مخطط يسعى لتحقيقه سواء كان بناء أو هدم أو تغيير في ملامح القرية.

ويضيف أن القرية مستهدفة بالمشاريع الاستيطانية والتهويدية، باعتبارها البوابة الغربية لمدينة القدس، وأنها تتميز بطبيعة رائعة، وبطراز معماري فريد يختلف عن باقي القرى الفلسطينية.

وتعتبر لفتا واحدة من بين 38 قرية مقدسية تعرضت للتهجير خلال النكبة الفلسطينية، كان يقطنها قرابة 3 آلاف نسمة، وفيها أكثر من 550 منزلًا بعضها ما زال قائمًا حتى اليوم.

ويشير عودة إلى أن الاحتلال أعلن عن المخطط الاستيطاني عام 2004، لكنه بقي حبيس الأدراج حتى عام 2012 عندما أعيد طرحه مجددًا وتم إيقافه بقرار من محكمة الاحتلال.

ويوضح أن ما يسمى "دائرة أراضي إسرائيل" أجرت عام 2016 مسحًا أثريًا شاملًا للقرية، وجاءت النتائج لصالح الفلسطينيين، حينما اعترفوا بأن لفتا قرية أثرية يجب أن تبقى، ورغم ذلك استمرت الأطماع الاستيطانية للسيطرة على القرية وتهويدها حتى اليوم.

ويؤكد عودة أننا سنواصل نضالنا وتصدينا لاستهداف الاحتلال للقرية، وحمايتها، وسنتوجه للمحكمة الإسرائيلية للطعن في المخطط والعمل على وقفه مجددًا، رغم أننا لا نعول كثيرًا على تلك المحاكم، باعتبارها جزءًا من المنظومة الاحتلالية.

ولحماية لفتا من التهويد، دشن أهلها ونشطاء فلسطينيون حملة عبر مواقع التواصل، تحت عنوان "#أنقذوا_لفتا"، على غرار ما حصل في الشيخ جراح وسلوان.

وقال الأهالي والنشطاء في منشوراتهم، إن المخطط يهدف إلى تدمير المشهد الثقافي في لفتا، وبناء حي جديد لفئة "النخبة" مع طرق ومباني ومواقف للسيارات وجدران استنادية ضخمة وقطع صخرية واسعة النطاق على سفح الجبل.

وأضافوا: "لا تسمحوا للاحتلال بتنفيذ مشاريعه التي تتنافى مع القوانين الدولية، وتدمر كل ما هو جميل في فلسطين"، مؤكدين ضرورة مواجهة الاحتلال ومخططاته، وحماية ما تبقّى من لفتا.

ر ش/د م

/ تعليق عبر الفيس بوك

تابعنا على تلجرام