غزة ترسم لعشق الأرض بالدم والزيتون

اللاجئون، الشهداء، الأسرى، الشجر والطير والحجر، معانٍ جسدتها لوحات فناني غزة التي ارتسمت على الجدار الغربي لمقر السرايا الحكومي في مدينة غزة، تباينت فيما بينها في الشكل، لكنها اجتمعت في مضمونها، لتعبر عن تجذر الفلسطيني في أرضه رغماً عن الاحتلال.

 

وتزينت الجدارية العريضة بلمسات الفنانين الفلسطينيين الذين انبرت ريشاتهم للتعبير عن مكنونات أنفسهم التي خبّأت حبا للأرض منقطع النظير، لتكتمل لوحة مطرزة بألوان العلم الفلسطيني ومعبقة بريح العودة.

 

وتندرج هذه الجدارية التي دعت إليها وزارة الثقافة بغزة ضمن إحياء الفلسطينيين للذكرى السنوية الرابعة والثلاثين ليوم الأرض، والذي يحظى باهتمام بالغ من قبل الشعب الفلسطيني، لاسيما في الأراضي المحتلة عام 1948، مع ارتفاع وتيرة السيطرة على أرضهم ومصادرتها وتضييق الخناق عليهم.

 

تجذر وجماجم

ونقلت لوحة الفنانة نسمة أبو شعيرة أقوى المعاني على تجذر الفلسطينيين في أرضهم، والتي تضمنت شجرة زيتون كبرى، تعمقت جذورها في أنحاء الكرة الأرضية.

 

أبو شعيرة اختارت رسم شجرة الزيتون المباركة التي تشكل رمزية كبيرة لدى الفلسطينيين، والتي تنبت من الكرة الأرضية، للتأكيد على وجودنا كفلسطينيين في الأرض منذ القدم، ولتدلل على أن أرض فلسطين هي ملك لأهلها الحقيقيين.

 

اللوحات عبرت عن تجذر الفلسطينيين بأرضهم (صفا)

ورأت في حديث لـ"صفا" أن من الواجب على كل فلسطيني أن يكرم الأرض ويحيي ذكراها الخالدة بالوسيلة التي يمكلها، وقالت: "نحن نملك الفن، ونعبر من خلاله عن مكنوناتنا، لنؤكد على وجودنا في الأرض المسلوبة والتي سترجع يوماً لأصحابها".

 

أما "الجماجم" فقد كانت الصورة التي استخدمها الفنان محمود عيد للتعبير عن ذكرى يوم الأرض، حيث أنبت هذا الشاب الشجر من تلك الجماجم، ليعبر على أن التضحية والمعاناة التي يتكبلها الفلسطينيين هي الأرض الخصبة التي ستنبت عزتهم وتستعيد كرامتهم وأرضهم السليبة.

 

وقال عيد لـ"صفا": "اخترت الجماجم لأنقل المعاناة والموت والدمار في فلسطين، ولأعبر عن حياة الشعب المكلوم التي قلبها الاحتلال إلى جحيم منذ استيلائه على الأرض".

 

وتمر ذكرى يوم الأرض هذا العام، في ظل إعلان الكيان الإسرائيلي عن العديد من الإجراءات وقيامها بأعمال استفزازية غير مسبوقة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي.

 

وتمثَّلت أبرز تلك الاستفزازات في ضم الحرم الإبراهيمي ومسجد بلال إلى قائمة "التراث اليهودي" المزعوم, وسعيها لتسجيل عدد من الآثار الفلسطينية كتراث يهودي لدى اليونسكو, من بينها أسوار البلدة القديمة بالقدس وآثار مدن نابلس وعسقلان ونابلس وقيسارين وغيرها.

 

شجرة وعجوز

الفنانة عبير جبريل، انتقت بريشتها صورة واقعية بشكلها ومضمونها للتعبير عن التمسك بالأرض، حيث خطت صورة امرأة عجوز تحتضن شجرة زيتون بالقوة ويمارس الاحتلال حولها هوايته في تجريف الأرض واقتلاع الأشجار.

 

واختارت الفنانة جبريل هذه الصورة لتذكّر الناس بهذه الصورة التي حدثت فعلا في مكان ما من الأرض المحتلة، ولكي يعرفها من لم يشاهدها على شاشة التلفاز قبل ذلك".

 

ريشات الفنانين انبرت للتعبير عن مكنونات أنفسهم (صفا)

وقالت لـ"صفا" " الشجرة تعني الأرض، وهي رمز لمعاناة الفلسطينيين في ظل الاحتلال، وفي نفس الوقت رمز لتحدي ومواجهة الاحتلال للتأكيد على أنه دخيل وأننا سنسترد كل الأراضي التي سلبها".

 

وفي زاوية من الجدار التحمت لوحتان تشكيليتان، ضمتا فلسطينيين يحملون أعلاماً مع أعتالهم وهم يخرجون من الأرض ويعودون إليها، في مشهد يحمل الأمل بالعودة إلى الأرض يوما ما.

 

صاحب هذه اللوحة، "اختار أن يربط اللوحتين ببعضهما، ليدلل على أن الفلسطينيين الذين هجرهم الاحتلال منذ النكبة سيعودوا ليجتمعوا يوماً في أرضهم".

 

تحدٍ ودعوة

وزير الثقافة بغزة أسامة العيسوي رأى أن الفن وسيلة راقية تستغل لتجسيد ذكرى يوم الأرض، وقال: "هي رسالة للعالم بأن الشعب الفلسطيني متمسك بحقوقه وثوابته وأرضه رغم الحصار والإجرام والقتل الذي يمارسه الاحتلال".

 

وأكد على أن إحياء يوم الأرض بغزة يأتي تحدياً للعراقيل والإجراءات الخانقة التي يفرضها الاحتلال أمام الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948، وللتأكيد على التمسك بطريق التضحية التي خاضها من سبقنا منذ 34 عاماً.

 

والوحدة الوطنية، في نظر الوزير، هي عنوان استعادة الأرض والحرية، داعياً إلى تضافر كافة الجهود بين فلسطينيي الداخل والخارج لتحقيقها والخروج بكلمة واحدة وحكومة واحدة تواجه الاحتلال.

 

 

/ تعليق عبر الفيس بوك

استمرار "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة