كيف تسببت مدرسة إسرائيلية باضطراب "طيف توحد" محمد؟

اللد - خاص صفا

"محمد" ليس طفلًا شقيًا ولا مجنونًا، إنما هو "متوحد" لديه عالمه الخاص في رأسه، الذي تميزه به أعراف وسلوك البشر بالعالم، لكنه في مدرسة إسرائيلية عومل كـ "مجنون، وعوقب بالضرب والطرد".

فبعد فترة وجيزة لالتحاقه بها، اكتشف والدا محمد (7 أعوام) تعرضه لضرب واعتداء وحشي وعنصرية مقيتة بمدرسة إسرائيلية باللد في الداخل الفلسطيني المحتل، من المفترض أنها أنشأت لرعاية مرضى التوحد.

وطفل التوحد هو شخص مصاب باضطراب عصبي يتسم بأنماط متكررة ومميزة من السلوك، ويعاني من صعوبات في التواصل الاجتماعي والتعبير عن نفسه والاندماج مع الآخرين.

ويشار للتوحد بمصطلح "اضطراب طيف التوحد، ومصطلح "الطيف" يشير إلى مجموعة واسعة من الأعراض والمهارات ومستويات من العجز الوظيفي التي يمكن أن تحدث عند الذين يعانون من التوحد.

طرد وبكاء لساعات طويلة

ويروي والده زكي سلامة لوكالة "صفا" تفاصيل الحادثة المأساوية التي تعرض لها طفله: "محمد يعاني من التوحد، وقد اخترت مدرسة إسرائيلية في اللد، لتعتني بوضعه الصحي، وحتى يتلقى العلاج المناسب لحالته".

ويضيف "هذه المدرسة بالطبع خاصة بأصحاب التوحد، ولديها من السمعة الرنانة ما شجعنا لوضع ابننا فيها".

وكانت البداية جميلة إلى حدٍ ما ككل البدايات، إلا أنها لم تطل، حتى بدأ أهل الطفل يلاحظون بكائه الشديد وتدهور وضعه النفسي.

ويكمل والده "بعد فترة وجيزة جدًا، لاحظنا أن محمد يبكي بصورة زائدة عن الحد، وحالته النفسية تتدهور بدلًا من أن تتحسن، حتى أن صحته الجسدية أيضًا تراجعت".

وتواصل الأب عدة مرات مع المدرسة ليشتكي الحالة التي بدأت تطفر على ابنه، لكنها "طمأنته بأنه وضع طبيعي، وأنه خلال تواجده بالمدرسة يكون طبيعيًا".

لكن محمد كان يعود متعبًا ودائم الوقت بحالة نوم، بالإضافة إلى اتساخ ملابسه وعدم ظهور أي علامات اهتمام عليه خلال تواجده المتواصل معظم ساعات النهار في المدرسة، يقول والده.

ويكمل "ابني تعرض لاعتداء من طلاب ومدرسين داخل المدرسة، واكتشفنا أن الأمر لم يتوقف عند حد المعاملة السيئة في الصف، وإنما كان يتم إخراجه بعد الاعتداء المتكرر عليه، إلى ساحة المدرسة".

وبحرقة يصف حال ابنه "وصل بالمدرسة الأمر إلى إخراج طفله محمد من الحصص الصفية ليضعوه في الممرات وحيدًا، وكان يقضي ساعات تواجده الطويلة في الممرات وهو يبكي، دون أدنى رحمة منهم تجاهه".

إهمال ومحاولة تستر

استمر هذا الحال إلى أن عاد محمد في يوم منهكًا وقدت بدت على وجهه علامات ضرب، وهو ما جعله يتوجه لمركز شرطة الاحتلال بالمدينة.

يقول "لم يعيروني أي اهتمام، وكلما راجعت يقولوا لي إن الأم قيد التحقيق".

يضيف "يبدو لأنهم عرفوا بأنني عربي لن يفعلوا شيء، رغم أنني لم أتوجه إليهم إلا بعدما تأكدت من المعاملة القاسية وانعدام الرحمة معه في المدرسة".

ويعتبر أن ما حدث مع طفله يعكس "بيئة مليئة بالعنصرية والأفكار السيئة، التي لا يتحملها طفل سليم، فكيف بطفل متوحد".

ويتساءل "هل أصبح التوحد ذنب يُعاقب عليه في هذا المكان؟!، لقد أخرجت ابني وتوعدت بالحديث عن حالته للإعلام".

ويشير والد الطفل إلى أن المدرسة تواصلت معه، محاولة إرضائه وإقناعه بإعادة طفله إليها، خوفًا على افتضاح أمرها، بعدما وعد بالحديث عما جرى، وهو ما رفضه، لعلمه ما تخشاه المدرسة من محاولة استدراك الأم والتغطية على حادثة الاعتداء على طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة.

إصرار على محاكمتها

ولكن سلامة يؤكد أنه سيواصل مراجعة مركز شرطة الاحتلال لأخذ نتائج التحقيق في الاعتداء على ابنه، الذي يثبت أنه على يد مدرسين وليس طالب كما ادّعت المدرسة، تمهيدًا لرفع شكوى في المحكمة ضدها.

ومؤخرًا شهدت الأراضي الفلسطينية اعتداءات من جنود الاحتلال على مرضى من ذوي الاحتياجات الخاصة، لم يكن أخرهم الشاب المصاب بالتوحد إياد الحلاق الذي استشهد بعد إعدامه بدم بارد بالقدس المحتلة.

يُذكر أن العنصرية الإسرائيلية ازدادت في الآونة لأخيرة ضد فلسطينيي الداخل بشكل ملحوظ، وقبل أيام كشف تقرير لوكالة "صفا" عن شكوى مرضى الداخل من عنصرية داخل المشافي الإسرائيلية في المعاملة وتقديم العلاج.

 

ط ع/ر ب

/ تعليق عبر الفيس بوك

استمرار "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة