ازدادت في الأشهر الأخيرة وتيرة استهداف المحتوى الرقمي الفلسطيني على مختلف شبكات التواصل الاجتماعي، وفي مقدمتها "فيسبوك"، ليجد هذا المحتوى نفسه كاليتيم، فلا جهة رسمية تدافع عنه أمام إدارات تلك الشبكات.
فمنذ بداية العام الجاري 2019، سُجل أكثر من 500 انتهاك للمحتوى الرقمي الفلسطيني على "فيسبوك"، وخلال شهر سبتمبر/ أيلول وحده سُجل حظر 140 حسابا وصفحة فلسطينية، فضلا عن مئات حالات الحظر من البث المباشر.
وزيادة في التضييق على المحتوى الفلسطيني، زودت شركة فيسبوك الخوارزمية الخاصة بها بقائمة جديدة من المصطلحات والكلمات بدعوى أنها تخالف سياسات المجتمع الخاصة بالشركة، وبناء عليها يتم حذف المنشور أو حظر الحساب الذي يستخدمها.
ومن هذه الكلمات "شهيد، حماس، مقاومة، قسام، جهاد، جبهة شعبية"، بالإضافة إلى أسماء شهداء كـ"يحيى عياش" وأسرى كـ"حسن سلامة" وغيرهم.
ومؤخرا، اتهمت مؤسسة "إمباكت" الدولية لسياسات حقوق الإنسان، "إسرائيل" بتوظيف علاقاتها مع شركة فيسبوك في محاربة المحتوى الفلسطيني.
وكشفت في تقرير صدر عنها الشهر المنصرم، عن تكرار اللقاءات بين كبار المسؤولين في شركة "فيسبوك" و"إسرائيل"، وإبرام اتفاقيات بين الجانبين لمحاربة ما يسمونه "التحريض"، مما أسفر عن تقييد شديد للمحتوى الفلسطيني.
ويبدي الاحتلال اهتماما كبيرا في ملاحقة المحتوى الفلسطيني، ولاسيما بعد انتفاضة القدس عام 2015، وهناك لجنة وزارية إسرائيلية مكونة من ثلاثة وزراء، مهمتها التواصل مع إدارات شبكات التواصل مع الضغط عليها للتضييق على المحتوى الفلسطيني.
ازدواجية المعايير
وتكللت الجهود الإسرائيلية مع إدارة "فيسبوك" باستجابة الأخيرة لـ85% من الطلبات الإسرائيلية لحظر حسابات وصفحات فلسطينية وحذف منشورات، خلال العام 2018.
وفي المقابل، فإن التهديدات العنيفة وخطابات الكراهية التي تضج بها الصفحات الإسرائيلية لا تخضع لنفس المعايير، ونادرا ما يتم اتخاذ إجراء بحقها.
وسجّل "المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي" نحو 474,250 منشورًا عنصريًا أو تحريضيًا ضد العرب على شبكات التواصل الاجتماعي خلال عام 2018.
وكانت جولتا الانتخابات الإسرائيلية هذا العام مزادا علنيا وميدانا للتنافس بين الأحزاب الصهيونية في بث التحريض على الفلسطينيين، عبر "فيسبوك" وغيرها.
هذه الازدواجية في تطبيق معايير فيسبوك لملاحقة المحتوى الفلسطيني، باتت تثير حنق الفلسطينيين الذين اكتووا بنار الحظر والحذف، والذين يتحسرون لغياب أي جهة رسمية تدافع عنهم.
ودفع غياب الدور الرسمي الفلسطيني في الدفاع عن المحتوى الرقمي الفلسطيني، عددا من النشطاء الإعلاميين قبل سنتين لإطلاق مركز "صدى سوشال"، بهدف حماية المحتوى الفلسطيني والدفاع عن الحقوق الرقمية الفلسطينية.
ويبين مدير "صدى سوشال" إياد الرفاعي أن المركز أخذ على عاتقه رصد ومتابعة حالات التضييق على المحتوى الفلسطيني.
وأطلق المركز قبل أيام حملة للتغريد على وسم (#FBblocks_Palestine) بالتزامن مع اشتداد هجمة فيسبوك على المحتوى الفلسطيني، ولقيت الحملة تفاعلا كبيرا على مختلف شبكات التواصل.
وقال الرفاعي لوكالة "صفا" إن هذا الوسم جزء من سلسلة خطوات بدأ بها المركز للتصدي للهجمة، حيث تم التواصل مع إدارة السياسات في "فيسبوك" وإيصال كتب احتجاج رسمية.
كما صدر بيان مشترك عن المركز وشبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، فيما توجد تحركات على الصعيد الميداني والحقوقي.
ويلمس الرفاعي تقصيرا كبيرا وعدم اهتمام من الجانب الرسمي بالمحتوى والحقوق الرقمية الفلسطينية، داعيًا الجهات الرسمية في السلطة الفلسطينية للقيام بدور فاعل في مواجهة هجمة "فيسبوك".
وقال: "نحن بانتظار اجتماع قريب مع رئيس الوزراء محمد اشتية لبحث هذا الموضوع".
ونجح "صدى سوشال في الآونة الأخيرة باسترجاع أكثر من عشر صفحات وحسابات لأفراد أو مؤسسات فلسطينية.
ورغم جهود المركز، إلا أن حملة فيسبوك لم تتوقف، وسجل لاحقا حظر المزيد من الصفحات، ومنها صفحة المركز الفلسطيني للإعلام.