"دفع ضريبة دفاعه عن الأقصى"

المقدسي "الفاخوري".. 10 سنوات من الاعتقال والإبعاد لم تكسر إرادته

القدس المحتلة - خاص صفا

منذ عشر سنوات، لم تسمح سلطات الاحتلال الإسرائيلي للمقدسي رامي الفاخوري (28 عامًا) أن يعيش حياة كريمة بين عائلته، مليئة بالاستقرار والأمان، بسبب كثرة الاعتقالات والإبعادات التي تعرض لها ولا زال، ليدفع بذلك ضريبة حبه ودفاعه عن المسجد الأقصى المبارك.

تعرض الفاخوري لعشرات الاعتقالات، كان آخرها بتاريخ 14 ديسمبر 2018، بعد نصب كمين له في حي وادي الجوز بالقدس المحتلة، بينما كان في طريقه لمنزل عائلته في حي باب حطة بالبلدة القديمة.

وحولته سلطات الاحتلال بعدها للاعتقال الإداري لمدة 6 أشهر، بقرار من رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الجيش بنيامين نتنياهو، بالرغم من أن قاضي محكمة "الصلح" قرر الافراج عنه بشروط، وتعتبر سابقة تحدث لأول مرة.

إجراءات قمعية

ويقول محاميه حمزة قطينة: "من المفارقات العجيبة والنادرة أن يوقع بنيامين نتنياهو على قرار يقضي بالاعتقال الإداري بحق رامي الفاخوري، ولأول مرة يتدخل فيها رئيس وزراء ووزير جيش إسرائيلي بإصدار أمر باعتقال إداري، في حالة لا تستوجب مطلقًا هذا الحكم، بل هو نوع من أنواع الظلم ضد هذا الشاب".

وكانت شرطة الاحتلال شنت بتاريخ 13-12 -2018، حملة اعتقالات تعسفية بحق أكثر من 30 مقدسيًا، بتهمة المشاركة في حفل وعرس رامي، ورفع رايات خضراء وإنشاد بعض الأناشيد، والتضامن مع حركة حماس، وفق قطينة.

ولم يسلم والده صالح الفاخوري (66 عامًا) حينها، من تلك الاعتقالات، رغم معاناته من عدة أمراض، بل تم التحقيق معه لساعات طويلة، ومن ثم أخلوا سبيله، وقررت المحكمة الإفراج عن جميع المعتقلين دون استثناء. 

ويلفت المحامي قطينة إلى أن شرطة الاحتلال لم تراع يومها بعض الحالات الانسانية بينها والد رامي، والشاب محمود عبد اللطيف الذي كان على موعد مع زفافه خلال أسبوع فقط من تاريخ الإفراج عنه، وكذلك فادي الجعبة الذي كان على موعد ولادة مولوده الأول، والذي ولد بعد يوم واحد من الإفراج عنه.

ويؤكد أن شرطة الاحتلال شنت هذه الحملة بسبب تهم فارغة، من أجل تكميم الأفواه في مدينة القدس، وتفعيل الضغط على هؤلاء الشبان، ولا شك أنها إجراءات قمعية وتعسفية واضحة وفق كافة المعايير والقوانين.

صدمة شديدة

أما والد رامي، فيقول لوكالة "صفا": "فرحنا لدقائق بعد صدور قرار الإفراج عن رامي، ثم صدمنا بشدة بعد سماعنا قرار الاعتقال الإداري بحقه، وشعرنا بالارتباك ولم نقدر على التكلم، حتى أننا لم نر الطريق إلى المنزل"، ووصفه بالحكم الجائر، متسائلًا "أين هي العدالة ؟؟".

فيما شعرت والدته بصدمة شديدة لدى صدور الحكم، وفقدت الوعي عدة مرات بعد وصولها المنزل، بسبب ارتفاع الضغط والسكري، وقدم لها المسعفون الإسعافات اللازمة.

وتقول: "اعتقلوا رامي قبل زفافه بعشرة أيام وحققوا معه لأنه توجه لتهنئة أحد الأسرى المفرج عنه من السجون الإسرائيلية، بحجة أنه ممنوع من التواصل الاجتماعي مع الأسير، وأطلق سراحه بعد 3 أيام قبل زفافه بأسبوع".

وتتساءل "لماذا يستهدف الاحتلال ابني منذ عشر سنوات؟؟، ويبدل فرحته وفرحتنا إلى حزن"، موجهة نداءً لمؤسسات حقوق الانسان من أجل التدخل السريع لوقف الممارسات الاسرائيلية بحق نجلها رامي.

وتضيف "عانى رامي من الاحتلال منذ إصابته وفقدانه عينه اليسرى، حتى إبعاده عن القدس والمسجد الأقصى واعتقاله وحرمانه من إكمال تعليمه، إلى أن تزوج وأصبح عريسًا لأيام فقط، فمن حقه العيش كبقية أقرانه بأمان واستقرار".

وتفتقد الوالدة، نجلها منذ عشر سنوات في أركان المنزل، من كثرة الاعتقالات والإبعادات، حتى أنها ترفض إعداد الطعام الذي يحبه، وتواسي نفسها بأنها ستعده عند إطلاق سراحه من الأسر.

وبحرقة وألم، تتابع حديثها لوكالة "صفا": "رامي ليس الوحيد الذي يدفع الضريبة، بل عائلته بأكملها، وأنا أصبت بمرض الضغط والسكري بعد إصابته واعتقاله وملاحقته، كما أصيب والده بجلطة قلبية قبل عامين".

معاناة لا تتوقف

ولم تكتف سلطات الاحتلال بملاحقته واعتقاله، بل حرمته الرؤيا بعينه اليسرى، وأبعدته عن أسرته وبيته وقدسه وأقصاه.

ففي تاريخ 27-9-2009، توجه الفاخوري إلى المسجد الأقصى لأداء صلاة الفجر، وحينها اقتحم عشرات المستوطنين الساحات، فتصدى لهم الشبان بالهتافات والتكبيرات، وبينما كان يقف أمام المسجد القبلي تفاجأ بقوات الاحتلال تطلق الأعيرة المطاطية نحو المصلين، ما أدى لإصابته بعيار مطاطي في عينه اليسرى.

وعن ذلك اليوم، يقول والده: "بينما كنت في المنزل وصلني خبر استشهاد ابني رامي في المسجد الأقصى، فركضت مسرعًا إلى مستشفى المقاصد، وعندما وصلت غرفة الطوارئ بحثت عنه من بين المصابين، فحمدت ربي أنه على قيد الحياة، لكن عينه تنزف دمًا، فحينها طلب مني الأطباء نقله للعلاج في مستشفى العيون".

ويضيف "وعندما توجهت إلى مستشفى العيون رفض الأطباء علاجه لأن الاصابة أثرت على الدماغ، حينها نقلته للعلاج في مستشفى (هداسا عين كارم)، وبعد أسبوعين حصلت على كتاب من المملكة الأردنية الهاشمية لإجراء عملية جراحية لعينه على نفقة الملك عبد الله الثاني، وأجريت له عملية في مستشفى المدينة الطبية ولكنها لم تنجح، بسبب عدم وجود خلايا في عينه لزراعة عين أخرى، ووضعوا له عين زجاج".

ملاحقة مستمرة

وتعرض الشاب الفاخوري للاستدعاء والاعتقال عدة مرات خلال دراسته بجامعة القدس "الشريعة الإسلامية"، بتهمة مشاركته برشق الحجارة يوم إصابته، وبعدها توالت الاعتقالات بتهم جاهزة محورها "المسجد الأقصى".

وأمضى 6 سنوات في دراسة تخصص بدل 4 سنوات، بسبب اعتقاله وتوقيفه عدة مرات بمراكز الشرطة وسجون الاحتلال.

وسُبق أن قضى في سجون الاحتلال نحو ثلاث سنوات، من بينها 3 شهور بالاعتقال الإداري، كما قضى بالحبس المنزلي 13 شهرًا، عدا عن الاحتجاز والتوقيف في مراكز الشرطة لأيام وأسابيع، بالإضافة إلى الإبعاد عن المسجد الأقصى لمدة 3 سنوات، وعن البلدة القديمة لمدة شهر، و15 يومًا عن القدس.

وواصل الاحتلال ملاحقته بعد أن عمل أستاذًا في مدرسة الجيل الجديد، واعتقله 4 مرات خلال عمله، وفق ما يقول والده.

واستهدفت قوات الاحتلال وكافة أذرعها شبان البلدة القديمة بوسائل وطرق مختلفة، حتى أطلقت على الشبان الذين يتوافدون لأداء الصلاة في الأقصى بـ "تنظيم شباب الأقصى"، لتحوله إلى تهمة يعاقب عليها القانون، بهدف التضييق على الشبان ومنعهم من التواصل اليومي مع المسجد.

ففي عام 2013، اعتقلت تلك القوات تحت طائلة ما تسميه "تنظيم شباب الأقصى" العشرات من شبان البلدة، ومنهم من قضى سنوات بالأسر، وآخرين ما زالوا يقبعون في السجون، من بينهم الفاخوري.

يقول والد رامي: "في إحدى المرات نام رامي عند شقيقته في بلدة العيزرية، ليشارك في اليوم الثاني بتناول طعام غداء عرس صديقه في إحدى قاعات البلدة، وتفاجأنا ليلتها باقتحام قوات الاحتلال المنزل لاعتقاله، بتهمة تواجده بالأقصى، مما يدل على اعتقاله العشوائي دون سبب".

/ تعليق عبر الفيس بوك

استمرار "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة