طلبوا منه معلومات عن القسام وأنفاق غزة

مدرس من نابلس رحَّلته الإمارات لرفضه التجسس على حماس

المواطن الفلسطيني رياض شكوكاني
نابلس - خاص صفا

 

سرد المواطن الفلسطيني رياض شكوكاني الذي رحلته السلطات الإماراتية عن أراضيها الاثنين الماضي لوكالة "صفا" أسباب ترحيله بالرغم من عدم ارتكابه أية مخالفة.

وقال شكوكاني (27 عاما) وهو مدرس فلسطيني من مدينة نابلس شمال الضفة الغربية كان يعمل بإحدى المدارس بإمارة الشارقة، إن أجهزة الأمن هناك خيرته بين التجسس على حركة حماس والإخوان المسلمين، والترحيل من البلاد ومنعه من دخولها مجددا.

وذكر شكوكاني أن أمن الدولة الإماراتي احتجزه تسعة أيام في ظروف إنسانية بالغة الصعوبة، قبل أن يصدر قرار بترحيله خارج الأراضي الإماراتية ومنعه من دخولها.

وقال شكوكاني في لقاء مع وكالة "صفا": "خيّروني إما السجن والترحيل، أو العيش بأمان وبامتيازات وتسهيلات حكومية مقابل التعاون معهم في جمع معلومات عن حماس والإخوان المسلمين، فاخترت الخيار الأول".

وأوضح أنهم طلبوا منه مراقبة زملائه في المدرسة التي يعمل بها، خاصة المصريين منهم، وإبلاغهم عن أي مدرس يتعاطف مع الرئيس المصري محمد ‏مرسي أو ‏الإخوان المسلمين في ‏مصر.

كما طلبوا منه إبلاغهم عن أي فلسطيني داخل الإمارات ينتمي أو حتى يؤيد حركة ‏حماس.

وأضاف: "طلبوا مني جمع معلومات عن كتائب ‏القسام في غزة، خاصة ما يتعلق بأماكن الأنفاق، ومنصات الصواريخ، والجنود الإسرائيليين الأسرى، والقادة العسكريين، ومصادر الدعم المالي، وذلك بحكم مصاهرتي لأهل غزة".

وذكر أن الأمن الإماراتي كان قد استدعاه أربع مرات منذ انتهاء الحرب الأخيرة على ‏غزة، للتحقيق معه حول علاقته بحركة حماس، واعتبروا أداءه لمناسك العمرة عن القائد العام لكتائب القسام محمد ضيف "انتهاكا لسيادة الدولة".

وأشار إلى أنه سعى لمخاطبة ضباط أمن الدولة بسؤالهم عن سبب موقف بلادهم المعادي لحركة حماس، إلا انهم ردوا بأن حماس والإخوان على حد سواء هم أخطر على الأمة العربية والإسلامية من داعش و"إسرائيل".

وقال: "قلت لهم إن حماس حركة مقاومة ولا تبغي سوى تحرير الأرض، وهي لا تعاديكم ولم تقم بأي تصرف يسيء لكم أو ينتهك سيادتكم، ولم تتدخل في شؤونكم".

حرب نفسية

وأوضح أن الأمن كان يتبع معه خلال الاستجواب حربا نفسية، ومنها الانتظار لعدة ساعات قبل بدء الاستجواب، واستمرار الاستجواب أحيانا إلى 4 ساعات متواصلة.

وقال: "سألني الضابط في أول لقاء أسئلة شخصية لقراءة عقليتي ومعرفة ميولي، فسألني عن وضعي الاجتماعي والأوضاع في فلسطين، ونظرتي لحركتي فتح وحماس، وللأوضاع في مصر ولبنان وسوريا".

وأوضح أنه تم استجوابه قبل الحرب على غزة لمرة واحدة بشكل روتيني، وقال: "في أول مقابلة لي مع أمن الدولة الإماراتي قبل قرابة العام سألني الضابط إن كنت أنتمي لحركة حماس أو أؤيدها أو أتعاطف معها".

وأضاف: "أجبته أنني أؤيد ما هو إيجابي بهم وأعارض ما هو سلبي، فردّ الضابط باستهزاء: ما هو إيجابي! اعطني شيئا واحدا إيجابيا، فقلت له أن جناحهم العسكري أذل العدو وقاتله قتالا ضروسا في الحرب الأخيرة".

ونفي شكوكاني أن يكون قد تعرض للتعذيب أو الإهانة خلال اعتقاله، وإنما تم تهديده باستخدام الخشونة معه.

وقال: "كان الضابط يقول لي: نحن الآن نتعامل معك بالحسنى، فلا تدفعنا للتعامل معك بخشونة".

احتجاز لا إنساني

وعن ظروف احتجازه، أكد شكوكاني أن الظروف الإنسانية التي عاشها طوال تسعة أيام كانت أقسى من ظروف اعتقاله لدى الاحتلال الإسرائيلي أو الأجهزة الأمنية الفلسطينية، وقال: "خلال تسعة أيام لم أرَ الشمس مطلقا".

وذكر أنه سبق له الاعتقال لدى جهاز الأمن الوقائي لمدة شهر، ولدى جهاز المخابرات لمدة أسبوعين، ولدى الاحتلال لمدة شهر، لكن ظروف احتجازه في الإمارات كانت هي الأصعب.

وقال: "كان هناك غرفتان كبيرتان في كل منهما حوالي 50 سجينا، وكل سجين له ثلاثة حرامات يستخدمها السجين كفرشة ووسادة وغطاء".

وأوضح أن السجن لم يكن به سوى حمامين يستخدمهما 100 سجين، وأضاف: "كنا نقوم قبل ساعة من موعد صلاة الفجر حتى يتمكن كل واحد من الانتهاء من قضاء حاجته والوضوء".

وأشار إلى أن من أسوأ ما واجهه في سجون الإمارات هو وضعه مع السجناء الجنائيين وتنوع أصولهم، وأغلبهم هنود وبنغاليين وباكستانيين، واختلاف عاداتهم ونمط حياتهم.

وذكر أنه حاول طلب مساعدة السفارة الأردنية، لكنه لم ينجح بذلك لأن جواز سفره لا يحمل رقما وطنيا أردنيا.

وقال: "حاولت طلب مساعدة السفارة الفلسطينية، لكن عندما رأيت أن الأمور تتجه نحو الترحيل، لم أتابع الموضوع".

وأضاف أنه كان هناك توجه بأن يكفله شخص بجواز سفره، وأن يفرج عنه لمدة 48 ساعة لترتيب أموره، ولكن نشر نبأ اعتقاله في اليوم الثالث، أثار غضب الأمن الإماراتي واتخذ قرار ترحيله من البلاد.

وقال: "عاقبوني بالحبس الانفرادي ليوم كامل بدون أدنى مقومات الحياة بسبب نشر نبأ الاعتقال وصورة طلب الاستجواب، وقرروا مباشرةً عدم تكفيلي، ولو لم يكن يوم عطلة رسمية لرحّلوني مباشرة بدون أخذ أغراضي".

أسباب للغربة

وأوضح شكوكاني أنه يحمل درجة البكالوريوس في الرياضيات من جامعة القدس المفتوحة، وتوجه للعمل في الإمارات بعد أن سدت أمامه الأبواب في الحصول على وظيفة بتخصصه.

وذكر أنه اضطر للعمل عدة أشهر بمحل للملابس براتب شهري 1000 شيكل قبل أن يتوجه للإمارات في 3/3/2011.

وقال: "لم يكن ببالي أن أترك البلد وأن أتغرب، ولكن الظروف القاهرة هي التي دفعتني لذلك".

وأشار إلى أنه كان يخطط لإحضار خطيبته، وهي من قطاع غزة، إلى الإمارات أو إلى أي مكان ينتقل إليه بعد الزواج، ولكن ما يعطل عليه هو إغلاق معبر رفح منذ الحرب الأخيرة.

وقال: "لو فتح المعبر في أي وقت سأتوجه مباشرة إلى غزة لأتزوج وأرجع بزوجتي إلى أي مكان استقر فيه.

وعن الأوضاع السياسية والأمنية التي يعيشها الفلسطينيون والعرب عموما، فأوضح أنه لا يتم المساس بالفلسطيني والعربي ما لم يكن له علاقة بحماس أو الإخوان أو حزب الله، ومن الممكن ترحيل أي شخص لمجرد الشكوك، أما إذا كان الشخص من غزة فلا بد من استجوابه حتى لو لم يكن عليه شيء.

وأوضح أن هناك تمييزا في التعامل بين العرب والأجانب في الإمارات، وهناك تجمعات سكنية فخمة مخصصة فقط للأمريكيين والأوروبيين، ورواتبهم تبدأ من 5000 دينار، بينما العرب رواتبهم تتراوح بين ألف وألفي دينار، ويتحمل العامل تكاليف السكن.

/ تعليق عبر الفيس بوك