web site counter

"أتمتة الإبادة".. تقنيات ذكاء إصطناعي طوّعها الاحتلال لقتل الغزيين

غزة- مدلين خلة - صفا
حوّل جيش الاحتلال قطاع غزة إلى ساحة اختبار مفتوحة لتقنيات الذكاء الاصطناعي، بغية قتل أكبر عدد ممكن من الغزيين، وتحقيق دمار غير مسبوق في البنية التحتية والمنازل.
أدوات قتل صامتة حصدت أرواح آلاف النساء والأطفال، نتيجة استخدام الاحتلال أدوات أكثر خطورة تبتلع في جوفها عشرات الشهداء دفعة واحدة، ليس لشيء إلا بسبب وجود تطابق في شيفرة الصوت المخزنة على الأنظمة الرقمية للأداة المستخدمة.
"أتمتة الإبادة" نظام جديد يستخدمه جيش الاحتلال للفتك بالغزيين، عبر استخدام نظام "لافندر" بالذكاء الإصطناعي، بحيث يعتمد على معلومات مخزنة مسبقًا عن عناصر المقاومة دون التأكد من كونها صحيحة أو لا.
أتمتة الإبادة
مختص الإعلام الرقمي واستراتيجيات الهوية الرقمية سائد حسونة يقول: إن "أتمتة الإبادة تعنى نقل القرار القاتل من يد الإنسان إلى يد الخوارزمية".
ويضيف حسونة لوكالة "صفا"، "في حالة لافندر، يعني ذلك أن نظامًا غير شفاف، لا يُحاسَب، هو من يقرر من يعيش ومن يُقتل، بل يسير بناءً على بيانات قد تكون مغلوطة أو ناقصة".
ويتابع "نحن أمام حالة نادرة وخطيرة من استخدام الذكاء الاصطناعي كوسيلة للإبادة الجماعية الممنهجة، فقد تم قصف منازل فلسطينيين بأكملهم فقط، لأن أحد أفراد العائلة ظهر على شاشة لافندر".
و"لافندر" (Lavender) أداة ذكاء اصطناعي عسكرية طوّرها جيش الاحتلال، وتحديدًا وحدة الاستخبارات 8200، ويُستخدم لتحديد من يُشتبه بانتمائهم لفصائل المقاومة الفلسطينية، بحيث يعتمد على خوارزميات تعلّم آلي.
ويهدف إلى تحليل كميات ضخمة من البيانات الشخصية والاتصالات الرقمية للفلسطينيين، وتحديد من يُحتمل أن يكون "هدفًا" بناءً على أنماط السلوك والتواصل.
أداة قتل 
ويؤكد حسونة أن "لافندر" ليس برنامج تجسس فحسب، بل أداة تصنيف وقتل، بحيث يُدرَج الأشخاص في قاعدة بيانات مكوّنة من عشرات آلاف الأسماء، ويتلقى جيش الاحتلال بعدها "قائمة قتل" يتم تنفيذها جويًا، غالبًا دون تحقق بشري فعلي.
وعن آلية عمل "لافندر"، يبين حسونة أنه يتم تغذية النظام ببيانات ضخمة من اتصالات الهواتف، وسجلات الإنترنت، والتطبيقات، وشبكات الاتصال.
ويعتمد النظام، وفقًا للمختص بالشأن الرقمي، على أنماط معينة مثل الاتصال بأرقام معيّنة، التحرك في مناطق محددة، أو التفاعل الرقمي مع أفراد مصنّفين "خطيرين".
ويشدد على أن هذا النظام يُصنّف الأفراد بشكل آلي ويمنحهم درجة احتمالية الانتماء للمقاومة.
وخلال العدوان المتواصل على القطاع، استهدف الاحتلال آلاف الأشخاص وفقًا لتوصيات "لافندر" مع تدخل بشري شكلي، وفي معظم الحالات دون مراجعة متعمقة. وفق حسونة
مخاطر النظام
وتكمن خطورة نظام "لافندر"، كما يحذر حسونة، في عدة مستويات من أهمها: "تجريد الإنسان من حق الحياة بناءً على تنبؤ آلي، بحيث يتم استهداف جماعي لعائلات بأكملها، لأن أحد أفرادها ظهر كمشتبه به، بالإضافة إلى توسيع نطاق القتل ليشمل مساكن مدنية، دون التحقّق من طبيعة الهدف".
ويرى أن استخدام "لافندر" خلق سابقة عالمية خطيرة في استخدام الذكاء الاصطناعي للحرب دون رقابة أخلاقية، بحيث يتم نزع المسؤولية من الضباط والجنود، بحجة "نحن فقط نفذنا ما قاله النظام".
وعن تجنب خطر الوقوع في هذا النظام، يقول حسونة: "لا يوجد طريقة مضمونة للنجاة من الاستهداف بنظام لافندر إلا أنه ومن ناحية تقنية مجتمعية يمكن التفكير بالوعي الرقمي، من خلال الحد من استخدام الاتصالات الرقمية غير المشفّرة".
ويضيف "وأيضًا، يمكن الفصل بين الأجهزة الشخصية والعامة، وعدم استخدام نفس الهاتف للعمل والنشاط الاجتماعي، إضافة إلى التحرّك بأقل بصمة رقمية، من خلال استخدام أدوات تشفير (VPN، Signal)".
ويؤكد أنه يجب عدم الاعتماد على التطبيقات الإسرائيلية أو تلك المملوكة لشركات تخزين البيانات في الولايات المتحدة أو "إسرائيل".
ويعتبر حسونة استخدام "إسرائيل" لنظام "لافندر" في حربها ضد غزة بأنه أكبر اختبار دموي للذكاء الاصطناعي كأداة قتل جماعي.
ويردف "نحن لا نتحدث فقط عن استهداف أفراد، بل عن سياسة مبرمجة للإبادة عبر زر واحد تضغطه آلة".
وحسب حسونة فإن المفارقة أن من صمّم هذا النظام يدّعي أنه "يُقلل من الخسائر البشرية"، بينما الواقع أن أكثر من نصف الشهداء هم من النساء والأطفال، بحسب تقارير أممية.
ويطالب حسونة بفتح ملف دولي عاجل حول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، وتحميل "إسرائيل" المسؤولية عن تحويل التكنولوجيا إلى أداة للتطهير العرقي.
الحياة والموت
ولا يقتصر الأمر في "أتمتة الابادة" على نظام "لافندر"" بل تعدى ذلك لاستخدام برمجة الإبادة الجماعية بالذكاء الاصطناعي في غزة، من خلال استخدام نظامي "أين أبي"، و"الإنجيل".
الكاتب والمحلل السياسي وسام عفيفة يقول: إن "ما يجري في غزة اليوم يتجاوز كل حدود المعقول، حيث أدخل الاحتلال منظومات ذكاء صناعي تتحكم بقرارات الحياة والموت، بحيث أصبح المحرك الرئيس وراء عمليات القصف المدمرة".
ويضيف عفيفة في حديث لوكالة "صفا"، أن "إسرائيل" استخدمت إلى جاني نظام "لافندر"، منظومة “أين أبي؟”: التصفية العائلية، و"الإنجيل" والقنابل الغبية، لقتل أكبر عدد من الغزيين في آن واحد".
ويوضح أن "منظومة "أين أبي؟" تعتبر أكثر وحشية من "لافندر"، بحيث تتعمد على تصفية المستهدف في منزله بين أهله، بعد أن يتم تعقب الهدف إلى داخل بيته، لأجل ضمان قتله مع عائلته بأكملها.
ويشير إلى أن منظومة “الإنجيل”، أو ما يسمى تدمير الأماكن وقتل الأرواح، تتعدى قتل الأفراد لاستهداف المباني السكنية.
و"يعمل نظام (الانجيل) على تحديد المباني التي يُزعم أن المسلحين يعملون منها، لكنها في الواقع تُستخدم لقصف منازل المدنيين، مما يضاعف الخسائر البشرية". وفق عفيفة
وبين أن "إسرائيل تستخدم أيضًا إلى حانب الذكاء الاصطناعي، "القنابل الغبية"، وهي قنابل غير دقيقة ورخيصة الثمن، تهدف إلى دمير مبانٍ بأكملها وقتل المدنيين بالجملة.
ويشدد عفيفة على أن الهدف الرئيس من استخدام مثل هذه المنظومات وتطويع الذكاء الإصطناعي في حرب غزة هو توسيع الأضرار الجانبية، بغية تحقيق أكبر دمار ممكن.
ر ش

/ تعليق عبر الفيس بوك