أدى عشرات آلاف المصلين صلاة الجمعة في المسجد الأقصى المبارك، بسبب تضييقات وتشديدات قوات الاحتلال في محيط البلدة القديمة وداخلها والمسجد.
وذكرت دائرة الأوقاف الاسلامية بالقدس، أن عشرات آلاف المصلين أدوا صلاة الجمعة في المسجد الأقصى، والغائب على أرواح شهداء قطاع غزة والضفة الغربية.
وأفاد مراسل وكالة "صفا"، بأن قوات الاحتلال نصبت الحواجز الحديدية في محيط البلدة القديمة بالقدس، وأوقفت الشبان عند باب الأسباط والساهرة وباب العمود، وحررت هوياتهم وفحصتها وفتشت حقائب بعضهم.
وأشار مراسلنا إلى أن القوات أغلقت الطريق المؤدي إلى باب المغاربة بالحواجز الحديدية والأشرطة الحمراء، ومنعت مرور المركبات منها باستثناء سكان بلدة سلوان.
كما نصبت قوات الاحتلال الحواجز داخل البلدة القديمة وشارع الواد، بالتزامن مع توافد المصلين إلى المسجد الأقصى والطوائف المسيحية إلى كنيسة القيامة.
وفي خطبة الجمعة، قال الشيخ خالد أبو جمعة: "في كل زمان وعلى مدار التاريخ نجد أن الظالمين والمستكبرين والجبابرة يسعون بكل قوتهم للبطش والتنيكل بأهل الحق والتوحيد، يحاربون الرسل وأتباعهم ويخططون لتهجيرهم من ديارهم وتدمير أملاكهم من بيوت ومزارع ومواشي ومساجد وجميع مرافق الحياة، يضيقون عليهم بقطع الماء والكهرباء والدواء".
وأضاف أبو جمعة: "لعل من أبرز ما يعانيه العالم في عصرنا اليوم، هو الطغيان والظلم والجبروت المتمثل بنماذج مكررة من الطغاة والمتألهين، ممن يعيدون إلى الذاكرة بطغيانهم قصص فرعون وهامان وقارون ونمرود".
وتابع: "من هنا لا بد أن أذكركم أن مسارات الطغاة كما سطرها القرآن الكريم، العلو في الأرض والتفريق وزرع الفتن بين الناس والاستقواء على النساء والأطفال والشيوخ واستضعافهم وذبحهم واستحياؤهم وإخراجهم من أرضهم وديارهم".
وأردف أبو جمعة: "فقد لاقى أهلنا المقهورين في أرضنا الحبيبة فلسطين، في كل المدن والقرى والأرياف غربة ما بعدها غربة، وقعت عليهم المحن والأهوال والمصائب، كم شهد ليلهم وأخفى في ظلامه من بكاء المظلومين المقهورين، أخفى أنات المظلومين وشكوات الأطفال الضعفاء اليتامى، والنساء الأرامل والثكالى والشيوخ الحيارى".
وفي الخطبة الثانية، قال الشيخ أبو جمعة: "المسجد الأقصى المبارك قلب الأمة النابض وجرحها النازف والبوصلة الأبدية، فهو ميزان وعيها الفكري والديني، وهذه المكانة بجراحها المستمرة التي تأبى أن تلتئم حتى يلتئم صف الأمة الاسلامية الغائب عنها، ويشفى قلبها الغافل عنا".
وتساءل قائلاً: "متى تنهض هذه الأمة من ثباتها العميق؟ متى تعود إلى ربها وتتذكر مسجدها الأقصى المبارك المرتبط بعقيدتها الإسلامية منذ أن كان القبلة الأولى؟".
ونوه إلى مكانة المسجد الأقصى في الإسلام، وضرورة رعايته وحمايته وصيانته، ولا يجوز للأمة الإسلامية شرعاً التفريط به.
وبيّن أن أسلافنا أدركوا أهمية المسجد الأقصى والقدس حتى بدأوا بأسلمتها اجتماعياً وسياسياً وعمرانياً، ورسموا لها شكلاً حضارياً إسلامياً، كل هذه الدلالات العظيمة والإشارات الكبيرة، وبسبب المكانة الدينية والدنيوية والروحية والحسية أحببنا المسجد الأقصى المبارك.
وأكد ان التمسك بالمسجد الأقصى هو فرض على الأمة الإسلامية، قائلاً: "كيف لا وهو يسكن في أعماق قلوبنها، كيف لا وهو يمثل عقيدتنا وشريعتنا وتاريخنا وحضارتنا ومستقبلنا، فهو تاج رؤوسنا وتاج القدس النوراني".
وأوضح أبو جمعة، أن الحكم الشرعي الأزلي بحق المسجد الأقصى المبارك وبحق بيت المقدس، صدر في حدودها الدينية والحضارية، بحكم الله عز وجل ورسوله عز الله ، أنه يحرم التفريط بهما.