web site counter

معبر "كرم أبو سالم".. شريان "حياة" لا يمتّ لها بصلة

غزة - خاص صفا

لم يكن الابتزاز بالغذاء، سياسة جديدة تمارسها "إسرائيل"، بحق ما يزيد عن مليوني إنسان بقطاع غزة، من خلال معبر "كرم أبو سالم"، والذي أنشأته لتتحكم بكل ما يدخل لسكان غزة، وقتما وكيفما تريد.

ولطالما وُصف معبر "كرم أبو سالم"، بأنه "شريان الحياة" لسكان غزة المحاصرين، في بقعتهم منذ عام 2006، ذلك لأنه الوحيد الذي أبقته "إسرائيل"، بعدما أغلقت معابر أخرى كانت تعمل بغزة.

ولم يكن إلغاء ما دون "كرم أبو سالم"، لشيء، إلا لتمارس "إسرائيل" عبره، جرائم التجويع والإبادة. 

وافتتحت "إسرائيل" معبر "كرم أبو سالم"، الاسم الذي يطلقه عليه الفلسطينيون، عند تأسيسها لمستوطنة "كيرم شالوم"، بعد احتلال قطاع غزة عام 1967، وأسمته نسبة لهذه المستوطنة، وخصصته لنقل السلع الغذائية والوقود إلى القطاع. 

ويقع المعبر قرب مستوطنة "كيرم شالوم"، ويقال عنها "كيبوتس"، والتي تعني بالعبرية "تجمُّع"، وهي نوع من المستوطنات الإسرائيلية، تقوم على الزراعة ويعيش فيها مستوطنون يهود مزارعون، يبلغ عددهم  حوالي 1500 مستوطن.

ويُعد "كرم أبو سالم" نقطة إلتقاء الأراضي المصرية بالأراضي الفلسطينية المحتلة وأراضي قطاع غزة، وتحديداً أراضي مدينة رفح، وهو يبعد عن مركزها مسافة لاتزيد عن 8 كم فقط، وعن الأراضي المصرية مسافة 1.8كم فقط، وهي أهمية استراتيجية، جعلت "إسرائيل" تحتفظ به دونًا عن المعابر التي أغلقتها إبان الحصار وحتى اليوم.

ومن المفترض أن يختص المعبر بإدخال إمدادات الماء والغذاء والأدوية والكهرباء والوقود لسكان القطاع، البالغ عددهم نحو 2.3 مليون فلسطيني.

ولكن الاحتلال حوّل وظيفة المعبر، لمصدر معاناة وحرمان منذ 18 عاما، عبر الإغلاقات المتكررة له، والتي تكون أسبوعية في بعض الأحيان يومية.

ويخضع المعبر لما تسمى "سلطة المعابر البرية"، التابعة لوزارة الجيش الإسرائيلي.

ويبعد معبر كرم أبو سالم نحو 40 كيلومتراً عن مدينة غزة شمال القطاع المحاصَر، فيما يبعد مسافة 105 كيلومترات عن معبر ترقوميا، الذي يصل بين الضفة الغربية و"إسرائيل".

وخلال السنوات الماضية، بعد إغلاق معبر "كارني"، المعروف بين الفلسطينيين بمعبر المنطار، أصبح "كرم أبو سالم"، المعبر الوحيد لمرور البضائع.

ويُستخدم المعبر لنقل أكثر من 60% من حمولات شاحنات البضائع المتجهة إلى القطاع، ويستعمل أيضاً لتصدير منتجات فلسطينية من القطاع إلى الضفة الغربية والخارج، وفقاً للأمم المتحدة.

وقبل حرب الإبادة، كانت مئات الشاحنات تدخل إلى غزة، عبر المعبر، حاملةً منتجات أساسية، ومواد خام للصناعة، ومعدات طبية، ومنتجات غذائية، ووقوداً، ومواد بناء وغيرها.

ولكن سلطات الاحتلال كانت وما تزال، تستثني قائمة من كبيرة من المواد، وتمنع دخولها لغزة، بزعم أنها "مواد ثنائية الاستخدام".

كما لا يعني أن ما قبل حرب الإبادة كانت الشاحنات تدخل بسهولة للقطاع، ففي معظم الأحيان يتم إغلاق المعبر، وتتكدس البضائع عليه، تحت ذرائع واهية، كما أنه يغلق طوال الأعياد اليهودية.

وتسببت الإغلاقات المتكررة لكرم أبو سالم خلال السنوات الأخيرة، في مفاقمة الأوضاع المعيشية والاقتصادية لسكان القطاع، وفقاً للأمم المتحدة.

ولا تقتصر العربدة الاسرائيلية بالمعبر، على جيش الاحتلال وحده، بل إن قطعات المستوطنين، يقطعون الطريق أمام المساعدات والبضائع أثناء توجهها لغزة.

وقطعت "إسرائيل" شريان الحياة" عن غزة لما يزيد عن 15 شهراً، مع شنها حرب إبادة جماعية بأكتوبر 2023، قبل أن يتم التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار ودخوله حيز التنفيذ في 19 يناير المنصرم.

ولكن "إسرائيل" التي يجري الابتزاز والاستغلال في دماء قادتها، لم تقوى على الصمود أمام فتح المعبر، فأغلقته في اليوم الـ 42 للاتفاق، وهو يوم انتهاء المرحلة الأولى له.

وقرر رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، في الثاني من مارس/ أذار الجاري، وقف جميع البضائع والإمدادات إلى قطاع غزة. 

ويستخدم "نتنياهو" بهذا القرار، منع دخول المساعدات، كورقة ضغط على قطاع غزة، بعد تهربه من استحقاقات المرحلة الثانية للاتفاق، والتي تنص على إعلان نهاية الحرب.

وبدأت ملامح المجاعة التي واجهها سكان القطاع طوال حرب الإبادة، تعود لغزة مجددًا، في ظل تفاقم معاناة السكان وانعدام الموارد والمواد الغذائية، وارتفاع أسعار ما تبقى منها من كميات شحيحة، حسب المكتب الإعلامي الحكومي.

وطوال 15 شهراً، كان سكان القطاع متعطشون، لمعظم أنواع المواد الغذائية، والتي شكل دخولها مع وقف إطلاق النار، عودة للحياة، بعد أشهر من المجاعة.

ومع استمرار إغلاق المعبر لليوم الحادي عشر، يقف القطاع الصحي أيضاً في مقدمة القطاعات الحيوية التي تواجه مأساة كبيرة، بسبب قرب نفاد أدوية الأمراض المزمنة، بالإضافة إلى الأدوية والمستلزمات الخاصة بقسم الكلى الصناعية.

كما يتهدد قطاع المياه خطرٌ كبير، بسبب توقف محطات التحلية ووقف مضخات مياه الصرف الصحي، مما سيشكل تعميقًا للكارثة صحية وبيئية، التي سبّبتها حرب الإبادة، وفق وزارة الصحة بغزة.

ر ب

/ تعليق عبر الفيس بوك