غزة- مدلين خلة - صفا
بجانب موقدها المطعم ببعض الأخشاب، تجلس الخمسينية فرحة سعد الله تضرب يدًا بيد حظها العاثر، بعد عودتها إلى رحلة طهي الطعام على الحطب، في ظل استمرار إغلاق الاحتلال الإسرائيلي للمعابر ومنع دخول البضائع والوقود للقطاع.
رمضان آخر، تضطر فيه الغزية سعدالله لإعداد وجبتي الإفطار والسحور على نار الحطب، بعد نفاد غاز الطهي لديها.
وخلال حرب الإبادة الإسرائيلية على القطاع، والتي استمرت 15 شهرًا، لجأ أهالي شمال غزة إلى الاعتماد على الحطب في طهي الطعام وتسخين الماء للاستحمام، في ظل منع الاحتلال إدخاله.
معاناة لا تتوقف
تقول سعد الله لوكالة "صفا": "لم أكن أتوقع إغلاق إسرائيل للمعابر بمجرد انتهاء المرحلة الأولى من الصفقة، وأن يتم تشديد الحصار على القطاع ومنع توريد الغاز، لو كنت أعلم ذلك لما قمت باستهلاك حصتي من الغاز ولأبقيته لأجل إعداد وجبة السحور على الأقل".
وتضيف "اضطررت اليوم للعودة مجددًا إلى موقد الحطب ومعاناة الحصول عليه، وتوفيره، لقد عادت حياتنا لدخان النار ولهيبها ورائحة البلاستيك الكريهة والناجمة عن احتراقه داخل الموقد".
وتشير إلى أنها وباقي الغزيين لا يطمحون في حياة رغيدة، فكل ما يحتاجونه توفر غاز الطهي، لكي تنتهي معاناتهم مع الحطب.
وتتابع "كل شيء يعتمد على الغاز ونفاده يعني اقتصار الطعام على بعض المعلبات المتوفرة، في ظل غلاء أسعار الحطب وعدم توفره".
وتؤكد أن "إسرائيل" تحاول سرقة كل حياة لدينا، لأنها تعتقد بذلك أنها تستطيع إجبارنا على الهجرة وترك غزة، إلا أن ذلك لن يحدث حتى لو حاصرتنا ومنعت الغاز عنا.
وتتساءل سعد الله "أين العالم مما يحدث لنا، ألا يملك أحدهم وسيلة تردع إسرائيل عما تفعله، هل لا يستطيعون حقًا فعل أي شيء لنا، أم أن ما يحدث يروق لهم؟".
ولليوم الثامن على التوالي، تواصل سلطات الاحتلال إغلاق معبر كرم أبو سالم، ومنع إدخال المساعدات والبضائع والوقود إلى القطاع، مما يعمق الوضع الإنساني ويزيد من معاناة الغزيين.
ويُؤدي تفاقم أزمة الوقود إلى توقف المخابز والمستشفيات عن العمل، وانقطاع الكهرباء عن مراكز الإيواء والمرافق الحيوية.
إصرار البقاء
الغزية عبيدة الأشقر تحاول قدر الإمكان أن تتحكم بلهب النيران المشتعلة في موقد الحطب، أثناء إعدادها للطعام، حتى لا تحترق وجبة الإفطار.
تقول لوكالة "صفا": "ينبغي أن أتحكم في لهب النيران وأمنع ارتفاعه عن الحد المسموح حتى لا يتلف الطعام".
ولا تستيطع الأشقر طهي وجبة الإفطار على ما تبقى لديها من غاز، خوفًا من نفاد الإسطوانة، بل تُصر على الاحتفاظ ببعض الكيلوات من الغاز، لأجل وجبة السحور.
وتضيف "طهي الطعام على الحطب مجازفة بالصحة، لأن الدخان المنبعث يحمل رائحة كريهة ويؤذي الشعب الهوائية، ويعمل على ضيف في التنفس".
وتشير إلى أن استمرار ارتفاع أسعار الحطب مع عدم دخول الغاز سيُجبر الجميع في القطاع على العودة لتناول المعلبات باردة دون طهي.
وتوضح أن ما يعيشه أهالي القطاع هو ثمن تخاذل الدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولي وسكوتهم على جرائم الاحتلال بحقهم.
وتؤكد أن أهالي القطاع سيكسرون ذلك بصبرهم وثباتهم، وسيسجل التاريخ أن الجميع خذّل غزة ولم يستطع أحد نصرتها.
وفي الثالث من آذار/مارس الجاري، قال القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أسامة حمدان، إن الاحتلال الإسرائيلي خرق اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بالمرحلة الأولى، والموقع منذ 19 يناير المنصرم، 962 مرة.
وأوضح أن الاحتلال لم يسمح بإدخال 50 شاحنة وقود يوميًا وفقًا للاتفاق، بل أدخل خلال 42 يومًا فقط 978 شاحنة، بمعدل 23 شاحنة يوميًا.
وأكد أن الاحتلال منع القطاع التجاري من استيراد الوقود بأنواعه، رغم وجود نص صريح في الاتفاق يسمح بذلك.
ر ش