web site counter

"قبل تحوله لمشروع سياسي"

مختصان لـ"صفا": الزحف المهيب لشمال غزة رد قاطع يُفشل مقترح "ترامب" التهجيري

غزة - خاص صفا

شكّل الزحف الهادر لمئات الآلاف من النازحين الفلسطينيين العائدين من جنوبي قطاع غزة إلى ديارهم بغزة وشمالها، بالتزامن مع مقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ردًا قاطعًا على مشروع التهجير الذي يطرحه، ويريد من خلاله العمل على إخراج سكان غزة للأردن ومصر ودول أخرى.

وكانت عودة النازحين لشمال قطاع غزة، والذين أخرجوا منه قسرًا لعام وثلاثة أشهر، تحديًا لكل خطط التهجير ولكل من راهن على عدم عودتهم، ورسالة لكل الدول التي تحيك مع ترامب مكرًا بالفلسطينيين، وتريد تهجيرهم عبر خطط طُرحت حتى قبل مجيء ذاك الرجل "المنفصم عن الواقع"، وفق مختصان بالشأن السياسي وشؤون اللاجئين.

وطرح الرئيس الأمريكي يوم السبت خطة لـ"تطهير" غزة، قائلاً إنه "يريد من مصر والأردن إخراج الفلسطينيين من القطاع في محاولة لإحلال السلام في الشرق الأوسط".

وقال ترامب للصحفيين: "نتحدث عن مليون ونصف مليون شخص لتطهير المنطقة برمتها"، واصفا غزة بأنها "مكان مدمر".

وأشار إلى أن "خذه الخطوة قد تكون موقتة أو طويلة الأجل، ويتعين على الأردن ومصر استقبال المزيد من الفلسطينيين من غزة".

وبالتزامن مع هذه الدعوات، توافد آلاف النازحين الفلسطينيين، بالعودة إلى منطقة شمال غزة (محافظتا غزة والشمال) بعد أن تم تهجيرهم قسراً من منازلهم نتيجة الإبادة الجماعية الإسرائيلية التي تواصلت أكثر من 15 شهرا.

رسائل عدة

ويقول المحلل السياسي عادل شديد لوكالة "صفا": "إن عودة مئات الآلاف من جنوبي قطاع غزة لشماله اليوم، رسالة قوية تؤكد عمق وقوة هذا الانتماء والصلة بين الإنسان الفلسطيني بغزة لأرضه ومكانه، في جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون وغيرهم".

ويشدد على أن مشاهد اليوم هي رسالة تصميم على البقاء، وعدم قبول التهجير، مهما كانت التضحيات، مضيفًا "هذا الموقف بحاجة لموقف عربي يدعمه، ولاسيما وأنه يأتي بالتزامن مع ما طرحه الرئيس الأمريكي من نقل سكان غزة لدول الجوار".

ورغم تأسف شديد من إقامة عدد من الدول العربية علاقات مع "إسرائيل"، وعدم اعتبارها عدوًا لها، إلا أنه عدّ مواقف هذه الدول برفض تهجير أهل غزة إليها، كموقف الأردن ومصر، والداعم لبقائهم في أرضهم، مهمة جدًا في تثبيت هذا الصمود.

ويوضح أن هذا الرفض جزء من مواجهة مشروع ترامب، خاصة أن موضوع التهجير مصاغ منذ عام 1955، وهذه ليست المرة الأولى التي يُطرح فيها أيضًا من قبل ترامب.

"وعلى مدار سنوات عدة فشلت مشاريع التهجير لسكان غزة، سيما عام 1967، وفي عام 1970 حينما تم اجتياح القطاع"، يستذكر شديد.

ويستدرك "ولكن هذا الحديث من ترامب ليس بالجديد، فهذا الرجل حينما أنهى ولايته الأولى كان قد طرح صفقة القرن، وليس غريبًا عنه أن يحول مقترحه لمشروع سياسي، وهذا ما يريده اليمين الفاشي المتطرف".

ولذلك فإن أهل غزة بحاجة لتصميم عربي على رفض المقترح، مضيفًا "صحيح أن هذا الرجل-ترامب- منفصم عن الواقع، لكنه من الممكن أن يحدث ما يريده، كما حدث في النكبة عام 1948، رغم استبعاد الكثيرون لتهجير الفلسطينيين آنذاك".

ويجزم شديد بالقول "فشل إسرائيل اليوم في تهجير سكان غزة يجب أن يُبنى عليه، وإلا إذا تحقق فلنقرأ الفاتحة على القضية الفلسطينية برمتها، وهو ما سيكون سهًلا تحقيقه بالضفة الغربية".

رد قاطع

من جانبه، يعتقد المختص بشؤون اللاجئين للفلسطينيين علي هويدي، أن "ما رآه كل العالم اليوم بتدفق كل الشرائح من الفلسطينيين بغزة رجالاً ونساء وأطفال وشيوخ، هو نموذج لعودتنا لقرانا ومدننا المحتلة منذ عام 48".

ويضيف "هذا المشهد المهيب هو رد قاطع على كل مشاريع التهجير، وبالخصوص ما ورد على لسان ترامب، ويعزز هذا الرد، موقف مصر والأردن الإيجابي الرافض لنقل سكان غزة".

ويؤكد هويدي أن "الفلسطيني ليس له مكان يذهب إليه إلا وطنه، فرغم حجم المأساة والمعاناة والتشرد، لكن هؤلاء النازحون المتواجدون منذ عام وثلاثة أشهر في جنوب القطاع، لم ينتظروا ردًا من أي دولة عربية بالذهاب إليها لحين عودتهم لديارهم، خاصة وأن الاحتلال الاسرائيلي كان قد طرح مشاريع تهجير لسيناء وغيرها".

ويدعو هويدي لضرورة دعم صمود العائدين اليوم لبيوتهم، عبر تدفق المساعدات إليهم وتوفير كل احتياجاتهم من بنى تحتية وخيام واستصلاح وكل مقومات الحياة لهم، لأن ألمهم كبير وشهدائهم لا زالوا تحت الأنقاض".

وبالنهاية فإن هويدي يجزم بأن "ما رأيناه اليوم تحدي بكل ما تحمله الكلمة من معاني، وكلمة قاطعة بتمسك الفلسطيني بحقه"، معتبرًا أن هذه العودة المؤقتة لشمال غزة سيعيد الطريق لتحقيق الرؤية الفلسطينية بتحرير فلسطين من البحر إلى النهر ومن غزة لأم الرشراش.

وطوال 15 شهرًا ارتكبت "إسرائيل" حرب إبادة جماعية بحق سكان قطاع غزة، ارتقى فيها ما يزيد عن 46 ألف شهيد ومئات الآلاف من الجرحى، بالإضافة لما يزيد عن 14 ألف مفقود تحت الأنقاض، كما تسببت هذه الإبادة بأكبر حالة نزوح ومأساة ومجاعة في العالم.

ر ب

/ تعليق عبر الفيس بوك