غزة - خاص صفا
في مشهد مهيب، يتجمع آلاف النازحين على شارعي الرشيد وصلاح الدين وسط قطاع غزة، بانتظار العودة إلى محافظتي غزة والشمال.
ويفترش النازحون الطرقات والأرض على شارع الرشيد، وآخرون يصطفون بمركباتهم على شارع صلاح الدين، منتظرين بلهفة وشوق العودة إلى منازلهم وديارهم في غزة.
وبفارغ الصبر، ووسط استعدادات كبيرة، ينتظر المواطنون في غزة والشمال استقبال أهاليهم وعائلاتهم من جنوبي القطاع، بعد رحلة غياب قسرية استمرت 15 شهرًا، بفعل حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية التي شنها الاحتلال على القطاع بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وعلق هؤلاء لافتات على شارع الرشيد غربي مدينة غزة تتضمن "غزة ترحب بكم من جديد"، و"أهلًا بعودة أهلنا إلى شمال القطاع".
واضطر النازحون إلى المبيت ليلة الأحد، في العراء عند تبة النويري غربي مخيم النصيرات، وسط أجواء باردة، منتظرين سماح الاحتلال الإسرائيلي لهم بالعودة إلى محافظتي غزة والشمال.
وتحول حلم عودة النازحين من جنوبي القطاع، إلى كابوس بعد خرق "إسرائيل" اتفاق وقف إطلاق النار والسماح لهم بالعودة، بذريعة عدم الإفراج عن الأسيرة أربيل يهود.
وبموجب الاتفاق، يُسمح بعودة النازحين جنوبي القطاع إلى شماله سيرًا على الأقدام عبر شارع الرشيد (البحر) بدون تفتيش في اليوم السابع، كما يُسمح في نفس اليوم بالعودة بالمركبات عبر شارع صلاح الدين مع تفتيش تحت إشراف مصري قطري.
لذلك استعدت أعداد كبيرة من العائلات لرحلة العودة إلى محافظتي غزة والشمال صبيحة هذا التاريخ المحدد، من خلال تفكيك خيامهم ونقل الأغطية والمستلزمات الشخصية على ظهر المركبات والشاحنات والعربات.
ترقب العودة
تقول إحدى النازحات لوكالة "صفا": "منذ ليلة أمس ونحن نترقب أخبار عودتنا إلى غزة والشمال، لكن إسرائيل ترفض حتى اللحظة عودتنا".
وتضيف أن "إسرائيل تفرض طلبات تعجيزية من أجل التنغيص علينا وزيادة معاناتنا، ولا يكفيها ذلك، احنا تعبنا بدنا نرجع على غزة".
وفي أقرب نقطة من محور "نتساريم"، يقف المواطن سليمان حمد يترقب لحظة سماح الاحتلال للنازحين بالعودة إلى ديارهم.
يقول حمد لوكالة "صفا": "بينما كنا ننتظر فتح حاجز نيتساريم للعودة لديارنا في الشمال فتحت آليات الاحتلال النار علينا".
ويضيف "منذ الليلة الماضية سرتُ وعائلتي من منطقة المواصي حتى تبة النويري مشيًا على الأقدام على أمل أن نجد الطريق سالكًا ونمر نحو الشمال الذي تركناه قسرًا منذ 15 شهرًا".
ويتابع "جهزنا أنفسنا بالماء وبعض الطعام، وحملنا كل شخص من العائلة حقيبة نضع فيها بعض الحاجيات التي نحتاجها خلال سيرنا مسافة الوصول إلى شمالي القطاع".
"لم ننم ليلتنا ونحن نتصور ما حل بالشمال وما قد تكون عليه منازلنا، خليط من الشوق والفرح لم يكتب له الاكتمال بسبب سياسة الاحتلال واصرارها على حرماننا من الفرح"، يقول حمد.
شوق وحنين
نازحة أخرى تقول لوكالة "صفا": "لا يوجد مكان نجلس فيه، بعدما تم حرق بعض الخيام التي كنا نعيش فيها، لذلك فإن الحل الوحيد الرجوع إلى الشمال".
وتضيف "ما في خيام، نحن ننتظر في الشارع عودتنا إلى الشمال".
وبشوق، تترقب النازحة أمل الزين العودة إلى منزلها في مدينة جباليا، لإحتضان صغارها الذين فرقتهم قوافل النازحين، وبقوا شمالًا بأحضان جدتهم.
تقول الزين لوكالة "صفا": "كنت أنتظر بفارغ الصبر العودة لاحتضان أطفالي وأهلي الذين حرمتُ منهم قسرًا، وفرقني عنهم حاجز الاحتلال الذي فصل شمالي القطاع عن جنوبه".
وتضيف "منذ الليلة الماضية تجهزت وقمت بشراء بعض الحاجيات والسكاكر لأطفالي، لم يكن زوجي يريد اقتلاع الخيمة من المواصي والمبيت بالنصيرات، لكن مع اصراري وافق على مضض".
وتتابع "منذ الليلة الماضية وأنا احتضن أطفالي بذاكرتي، أتخيل لحظة لقائي بهم واحتضانهم، لكن الاحتلال منع عني هذه الفرحة".
وتشير الزين إلى أن الاحتلال يتعمد تنغيص الفرحة على أهالي القطاع وينتزعها منهم قسرًا.
ويماطل جيش الاحتلال بفتح محور "نتساريم" لعبور النازحين من جنوبي القطاع إلى شماله، من خلال فرض طلبات جديدة. كما يقول أحد النازحين لوكالة "صفا"
ويتابع "هذه المماطلة ليست جديدة بل هي من سنوات، فهم من ماطلوا الأنبياء".
استهداف متعمد
ويتعمد جيش الاحتلال استهداف تجمعات المواطنين الذين ينتظرون العودة للشمال، من خلال إطلاق النار عليهم غربي مخيم النصيرات وسط القطاع، ما أدى لاستشهاد مواطن وإصابة آخرين بجروح.
واستمرار إغلاق محور "نتساريم" يفاقم الوضع الإنساني المتدهور في قطاع غزة، لأن جميع الأطفال، النساء، المرضى، وكبار السن يعانون من نقص حاد في الاحتياجات الأساسية. وفق المكتب الإعلامي الحكومي في غزة
ويوضح أن هذا السلوك الاحتلالي لا يمكن وصفه إلا بأنه جريمة إنسانية متعمدة تهدف إلى زيادة معاناة شعبنا امتدادًا لحرب الإبادة الجماعية التي نسعى لأن تتوقف منذ أن بدأت
من جانبها، نتابع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) مع الوسطاء منع الاحتلال عودة النازحين من الجنوب إلى الشمال، الذي يمثل مخالفة وخرقًا لاتفاق وقف إطلاق النار.
وقالت إن الاحتلال يتلكأ بذريعة الأسيرة أربيل يهود، رغم أننا أبلغنا الوسطاء أنها على قيد الحياة، وأعطينا كل الضمانات اللازمة للإفراج عنها.
وحملت حماس، الاحتلال مسؤولية التعطيل في تنفيذ الاتفاق، مشيرة إلى أنها تتابع مع الوسطاء بكل مسؤولية التوصل إلى حل يفضي إلى عودة النازحين.
وأكملت وزارة الداخلية والأمن الوطني بغزة استعداداتها لتسهيل عودة النازحين من جنوبي القطاع إلى محافظتي غزة والشمال.
ر ش