غزة- مدلين خلة - صفا
بعد نزوح قسري دام لأكثر من ثلاثة أشهر، عاد نازحو شمالي قطاع غزة إلى منازلهم ومناطق سكناهم، فور سريان وقف إطلاق النار في القطاع، وانسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي منه، مخلفًا دمارًا هائلًا غيّر كل معالم الحياة في المحافظة المنكوبة.
عودةٌ حملت في طياتها ألمٌ كبير على مناطق نُبِشت رمالها الحمراء وأصبحت سوافي رملية، لا تُعطي أي مَعلَمٍ بأنها كانت تعج بالحياة قبل 109 أيام، بعدما أعاد سكانها إصلاحها، ليعيشوا فوق ركامها وتزهر الحياة بها من جديد.
صدمة كبيرة انتابت المواطنون فور عودتهم إلى شمالي القطاع، من هول ما شاهدوه من خراب ودمار غير مسبوق لحق بالمنازل والمباني السكنية والبنية التحتية.
وصباح الأحد، دخل اتفاق وقف إطلاق النار في القطاع حيز التنفيذ، لينهي 471 يومًا من حرب الإبادة الجماعية التي شنها جيش الاحتلال على القطاع.
شعور لا يوصف
"لحظة كنا ننتظرها بفارغ الصبر، كي نرجع إلى ديارنا بعد أكثر من ثلاثة شهور غياب عنها، كل يوم بُعد كأنه عام". يقول المواطن محمد معروف لوكالة "صفا"
ويضيف "لا يمكن وصف ما نعيشه، فبعد أن أجبرنا الاحتلال على النزوح من منازلنا، عقب حصار طويل ومعاناة وضرب وتنكيل، اليوم رجعنا إليها واحتضنا ترابها".
ويتابع "صحيح أن جيش الاحتلال نسف المنطقة وما عاد فيها حجر قائم على أخوه، لكن رح نرجع نعمرها مثل ما عمرناها قبل".
"الليلة كانت ليلة عيد حتى النوم غادر عيون كل نازحي الشمال، لأن الاشتياق للأهل والجيران والأرض أذهب النوم وحل مكانه التفكير بما هو قادم". كما يقول
ويشير معروف إلى أنه وفور دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ عاد ركضًا على قدميه تجاه مخيم جباليا، دون الانتظار لحظة واحدة.
يقول: "لشو بدي أستنى، إلي ثلاثة شهور وأنا بموت كرمال أضل في الشمال، فش صبر أنتظر ليوم إضافي بعيد عن الشمال".
شوق العودة
حالة الشوق للعودة لما بقي من شمالي القطاع تلازم نازحيه. كما يؤكد المواطن ياسر القرعاوي
يقول: "لم أتأخر لحظة واحدة بعد الثامنة والنصف من صباح أمس عن العودة، لأن الشوق للديار أذاب قلبي وجعل روحي تسبقه إلى الشمال، الدار طلبت أهلها".
ويضيف القرعاوي لوكالة "صفا"، "بيتي مدمر ولا يصلح للسكن، لا يوجد به أي إشارة على أنه كان يحتضن عائلة مكونة من 7 أفراد، لكن كل شي بهون، وسأعيش مع عائلتي داخل خيمة على ركام منزلي، حالي كحال النازحين من الشمال".
ويردف "من يوم نزوحنا بالقوة عن ديارنا ونحن ننتظر العودة، كل القطاع لنا، لكن جباليا روحنا ونبض قلبنا، ما فيك تعيش بدون روحك ثانية".
ويتابع "ساعات الانتظار صعبة وكأن دقائقها لا تَمُر، الدقيقة بالليلة الماضية وحتى صباح أمس كأنها دهرًا، ثقيلة جدًا، مشاعر عايشناها كانت أجمل من ليلة العيد".
"فقدت جزءًا من عائلتي إخواني وبعض أولادهم، فرحتي بالعودة للشمال منقوصة بعدم وجودهم، لكن هذا ليس حالي وحدي، وإنما حال القطاع بأكمله".
وشن جيش الاحتلال منذ السابع أكتوبر/ تشرين الأول 2023 عدوانًا وإبادة جماعية في قطاع غزة، خلفت أكثر من 157 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا”، يوم الاثنين، إن 92% من المنازل في قطاع غزة، أي نحو 436 ألف منزل، دُمّرت أو تضرّرت جراء العدوان.
ر ش
