غزة- مدلين خلة - صفا
يعاني عمال قطاع غزة ظروفًا معيشية واقتصادية قاسية، تفاقمت حدتها مع بدء الحرب الإسرائيلية على القطاع في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، والتي أفقدتهم أعمالهم ومصادر رزقهم.
وتعمدت "إسرائيل" خلال حربها على غزة، تدمير القطاع الاقتصادي بشكل ممنهج، بما فيه المنشآت والمصانع والمزارع وأسواق الأسماك، مما تسبب في خسائر مالية واقتصادية فادحة جدًا، أدت لارتفاع نسبة الفقر والبطالة.
وما يزيد من وطأة المعاناة التي يعيشها العمال، وخاصة أولئك الذين تم ترحيلهم جنوبي القطاع، بعدما كانوا يعملون داخل الأراضي المحتلة عام 1948، ظروف الضرب والتعذيب والتنكيل التي لحقت بهم، قبل نفيهم إلى جنوبي القطاع.
معاناة لا تنتهي
معاناة لا تنتهي وظروف معيشية صعبة يعاني منها العامل أيمن نصر (43 عامًا)، والذي كان يعمل في سلك التجارة بالداخل المحتل، قبل أن يتم ترحيله إلى جنوبي القطاع وابعاده قسرًا عن عائلته، التي ما تزال تقطن شمالي غزة.
يقول نصر في حديثه لوكالة "صفا": "لقد فقدت مصدر رزقي وتعرضت للضرب والتحقيق، بعد السابع من أكتوبر، ثم قام الاحتلال بترحيلي بملابسي فقط وسرقة ما كان معي من أموال".
ويضيف "أقيم في خيمة لا تقي برد الشتاء ولا الأمطار التي أغرقتنا في المنخفض الأخير، مع بعض العمال الذين يعانون مما أعاني منه، وهو البعد عن ذويهم قسرًا".
ويتابع "بحثت كثيرًا عن فرصة عمل مهما كانت أحاول بها سد حاجتي عن الناس ورفع ثقل عن عائلتي في شمالي القطاع، لكن دون جدوى، وعندما تتوفر لدي فرصة ما تكون لأيام معدودة أعمل فيها على توفير العائد المالي، ليكفي لعدة أيام حتى أحصل على عمل آخر إن وجد".
ويعتمد نصر في معيشته وبشكل كبير على المساعدات الغذائية والإغاثية من بعض الجمعيات الخيرية والمؤسسات التعاونية.
ويؤكد أن "الحرب تركتني وعدد كبير من العمال عاطلين عن العمل، نواجه كابوس متى سنتمكن من العودة إلى سوق العمل وجلب رزق صغارنا بيدنا".
ويقول: إن "إعلان وقف إطلاق النار لن يغير من الوضع المأساوي شيئًا، لأن الاحتلال عمّد في حربه على تدمير كافة البنى الاقتصادية والمصانع، وما يُدر بعض المال على القطاع".
ظروف صعبة
وأما العامل إبراهيم شحادة، والذي كان يعمل في سلك الإنشاءات والبناء، يعيش وعائلته التي نزحت إليه جنوبًا ظروفًا معيشية قل ما يصفها بأنها مأساوية.
يقول شحادة لوكالة "صفا": "لم يكن لدي فرصة عمل أعيل بها عائلتي المكونة من 6 أشخاص، فقررت إصدار تصريح عامل، إلا أنه لم يكن طاقة القدر التي ستنعشني اقتصاديًا".
ويضيف "بعد إصدار التصريح في شهر واحد، بدأت الحرب على القطاع وتمت ملاحقتنا من سلطات الاحتلال، واعتقالنا والتحقيق معنا، إذ تعرضنا للضرب والتنكيل والتعذيب، ومن ثم تم ترحيلنا إلى جنوبي القطاع، في فصول معاناة جديدة".
ويتابع "بدأت المعاناة جنوبًا بالابتعاد عن عائلتي التي كانت ما تزال تسكن شمالي القطاع، ومن ثم توفير مأوى ومصدر دخل أعتاش منه".
و"بعد إلحاح جاءت زوجتي وأطفالي من شمالي القطاع وسكنوا معي في الخيمة التي كنت قد حصلت عليها بعد 5 شهور من المعاناة والمبيت في العراء". كما يقول شحادة
ويؤكد أنه يعيش وعائلته على المساعدات الإنسانية التي يحصل عليها، كونه لا يجد أي عمل يعود عليه ولو بجزءٍ بسيط من المال يُوفر به احتياجات أطفاله.
وكغيره من العمال، أثقلت الحرب كاهل العامل شحادة، وحرمته من مصدر رزقه وضربت به في عرض ارتفاع الأسعار والغلاء المعيشي، وانعدام الأمن الاقتصادي.
وحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، فإن نسبة البطالة في القطاع ارتفعت إلى 75%، مع زيادة الفقر إلى أكثر من 90%؛ جراء الحرب الإسرائيلية.
وبين أن ما نسبته 95% من المنشآت الاقتصادية في القطاع توقفت عن العمل تمامًا بسبب القصف والتدمير، فيما قتلت "إسرائيل" آلاف العمال الفلسطينيين خلال الحرب على غزة.
ر ش