غزة -مدلين خلة - صفا
في محاولة لاستغلال هواية طفولته، وتوفير عائدٍ بسيط من المال، عمّد الشاب ضياء الدين أحمد إلى استخدام الأشرطة البلاستيكية المقوية في صنع بعض المشغولات اليدوية غير المتوفرة في الأسواق، والتي يحتاجها النازحون في جنوبي قطاع غزة في حياتهم اليومية.
فكرته تبلورت من عجز الأسواق وخلوها من الأدوات المنزلية التي لم يتمكن النازحون من جلبها معهم، أثناء نزوحهم، وأصبحت الحاجة لاستخدامها ملحة في ظل حياة الخيام.
لم يعي النازحون أن حياتهم ستعود لعصر ما قبل الثورة الصناعية، وانعدام الأدوات التي اعتادوا استخدامها في حياتهم ما قبل عامٍ ونيف من الزمن.
تطويع البلاستيك واستخدامه في صنع سلال التسوق وأواني حفظ الخبز وبعض المشغولات اليدوية لمساعدة النازحين بأدنى حد، في تسهيل حياتهم داخل الخيام ومراكز النزوح.
عجز الأسواق
يقول الشاب أحمد، النازح من شمالي القطاع لجنوبه، في حديث لوكالة "صفا": إن "فكرة صنع بعض المقاعد الخشبية وسلال التسوق والهدايا انطلقت من معاناة النازحين وخلو السوق من هذه الأدوات".
ويضيف "مع بداية الحرب على قطاع غزة ونزوحنا جنوبًا أخذتُ أفكر في طريقة للحصول على بعض المال لتسيير أمور حياتنا، فلاحظت خلو الأسواق من هذه المشغولات، فأخذت على عاتقي إحياء هواية الطفولة وتوفير البسيط منها في خيمتنا".
ويوضح أن أول قطعة قام بصناعتها كانت عبارة عن سلة تُستخدم في حفظ الخبز، الأمر الذي لاقى قبولًا من الناس أثناء عرضها في السوق.
وتطويع البلاسيتك المقوى بدلًا من سعف النخيل المادة الرئيسة في صنع مثل هذه المشغولات، واستحسان الجمهور لها كانت خطوة صعبة تجاوزها أحمد بسرعة كبيرة.
ويتابع أحمد "بعد إعجاب الناس بهذه السلال أصبح البعض منهم يُقدم لي أفكارًا بما يريد أن أنفذ له كسلة الأفراح والهدايا، وسلال الغسيل والمهملات".
ويواجه أحمد صعوبات جمة في عمله، أهمها توفير الكم الهائل من الأشرطة البلاستيكية التي تًستخدم في حزم البضائع، فضلًا عن مدى قبول السوق لمثل هذه الأدوات التي لم يكونوا يستخدمونها من قبل.
ظروف صعبة
ويبين أن هناك موادًا كانت لا تُذكر في منازلنا، قبل الحرب، لتوفرها وسهولة الحصول عليها، لكنها اليوم تُعتبر عماد شغلي، وبات الحصول عليها صعبًا، في ظل منع الاحتلال الإسرائيلي إدخال البضائع والأدوات الأساسية للقطاع.
ويلفت إلى أن منتجاته تُباع للنازحين بأسعار مناسبة، مراعاةً لظروفهم الصعبة، مضيفًا أن "تكون نازحًا يعني أنك تعاني مثل ما يعانيه مستهلكوا صناعتك البسيطة، لذلك أكتفي بالقليل من الربح الذي يُعينني وعائلتي في حياتنا".
ويضيف "من الصعب جدًا أن تصف كلمة النزوح، طالما لم تكن جزءًا منها، فمن لم يعيش في خيمة لا يُمكن أن يشعر بما يعاني منه النازحون في خيامهم".
ويختم حديثه قائلًا: "نحن شعب يُحب الحياة ما استطاع إليها سبيلا، ومن الألم والمعاناة نصنع المعجزات ونتحدى الصعاب والعقبات، ولن ينجح الاحتلال في كسر إرادتنا".
ومنذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، يشن جيش الاحتلال عدوانًا على قطاع غزة، ويفرض حصارًا خانقًا، ويمنع إدخال البضائع والمواد الغذائية الأساسية، التي تعتبر ركن رئيس في حياة الفلسطينيين في اليومية.
ر ش