ليلة عصيبة دامية عاشها المرضى والمواطنون في شمالي قطاع غزة، وتحديدًا في مستشفى كمال عدوان ومحيطه، غارات متتالية وقصف مدفعي لم يتوقف، مئات جثامين الشهداء والجرحى في الشوارع المحيطة بالمستشفى، لا أحد يستطيع الاقتراب منهم أو إنقاذ حياتهم.
مجازر بشعة راح ضحيتها الليلة الماضية، أكثر من 30 شهيدًا، فضلًا عن عشرات المصابين والمفقودين، بفعل استمرار جريمة الإبادة الجماعية والتدمير في شمالي القطاع.
لحظات عصيبة
خوف وقلق بدأ يُساور المرضى والنازحون داخل مستشفى كمال عدوان، مع تكثيف عمليات القصف والغارات الجوية على محيط المستشفى، وتقدم آليات الاحتلال والمناداة عبر مكبر صوت على المتواجدين بالخروج والتوجه نحو نقطة التفتيش الواقعة شرقي جباليا.
ما هي إلا دقائق معدودة حتى اقتحم جنود الاحتلال المستشفى، وأمروا بإخلاء جميع المرضى والنازحين والطاقم الطبي إلى ساحة المشفى، وإخراجهم بالقوة.
الصحفي محمد الشريف يصف الوضع في شمالي القطاع بأنه مأساوي للغاية، في ظل استمرار عمليات القصف الذي لم يتوقف على مخيم جباليا وبيت لاهيا.
ويروى الشريف، في حديث لوكالة "صفا"، ما حدث في مستشفى كمال عدوان ومحيطه، قائلًا: إن "جيش الاحتلال فرض فجر اليوم حصارًا محكمًا على المستشفى، مع تقدم للآليات العسكرية تجاه المشفى الذي يأوي آلاف المرضى والمصابين والطوادر الطبية".
ويضيف أن "جيش الاحتلال أرسل شخصين للمستشفى للمطالبة بإخلائه من النازحين والمرضى، ومن ثم التوجه الإدارة المدنية نقطة تواجد الجيش ومن ثم التوجه إلى غرب مدينة غزة".
ولم تكتف قوات الاحتلال، بل أجبرت أيضًا، الوفد الطبي الإندونيسي المتطوع في المستشفى على الخروج منه دون سياراتهم.
ويبين الشريف أن الاحتلال ارتكب مجازر مروعة بحق الأهالي والمدنيين في محيط مستشفى كمال عدوان، بعدما نفذت الطائرات الحربية عدة غارات استهدفت عدة منازل في المنطقة.
ويشير إلى أنه جرى انتشال أكثر من 30 شهيدًا وعشرات الجرحى ونقلهم إلى المستشفى، مناشدًا في الوقت نفسه، العالم بضرورة التحرك العاجل لوقف حرب الإبادة شمالي القطاع، وحماية المواطنين والمستشفيات.
وضع كارثي
مدير اامستشفى حسام أبو صفية وصف الوضع داخل المستشفى ومحيطه بـ"الكارثي"، لافتًا إلى أن هناك عددًا كبيرًا من الشهداء والجرحى، بينهم أربعة من الكوادر الطبية في المستشفى.
وقال أبو صفية في تصريحات صحفية، يوم الجمعة، إن سلسلة من الغارات الجوية استهدفت الجانبين الشمالي والغربي من المستشفى، مصحوبة بنيران كثيفة ومباشرة.
وتعمد الاحتلال استهداف مولدات الأكسجين داخل المشفى، ولم يتبقى سوى جراحين اثنين غير ذوي خبرة متاحين لإجراء العمليات للمرضى، اضطرا لبدء العمليات رغم نقص خبرتهم.
والفريق الطبي الوحيد الذي كان يُجري العمليات في المستشفى، كان الوفد الطبي الإندونيسي، الذي تم إجباره على المغادرة إلى نقطة التفتيش. وفق أبو صفية
وشدد أبو صفية على أن الإمدادات الطبية على وشك النفاد، وهناك المئات من الضحايا.
وتُصر سلطات الاحتلال على إخراج مستشفيات شمالي القطاع عن الخدمة بالقوة، عبر استهدافها المباشر والمتواصل، وفرض حصار محكم عليها، ومنع إدخال المواد والمستلزمات الطبية إليها، وقتل وإصابة واعتقال الطواقم الطبية والمرضى والمصابين.
ووثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان استخدام قوات الاحتلال معتقلين فلسطينيين كدروع بشرية وإرسالهم تحت التهديد إلى مستشفى كمال عدوان، لإبلاغ إدارته بضرورة خروج جميع النازحين ومرافقي المرضى منه إلى ساحة المستشفى، والتوجه نحو منطقة تمركزها، وعند وصولهم، اعتقلت عددًا منهم وأجبرت البقية على النزوح قسرًا باتجاه حاجز الإدارة المدنية ومنه إلى مدينة غزة.
وخلال الأسبوع الماضي، تعرض المستشفى لأكثر من 10 استهدافات مباشرة، أسفرت عن إصابة أكثر من 22 مواطنًا، من بينهم عدد من الطواقم الطبية..
وشدد المرصد على أن استهداف المستشفيات في شمالي القطاع، التي تعمل بشكل جزئي وتقدم خدمات محدودة، في ظل منع الأدوية والأدوات الطبية عنها، ويعمل فيها طاقم طبي وإداري مستنزف من طول الخدمة وكثرة الحالات الواردة من المرضى والمصابين، وسط حالة من التجويع على مدار أكثر من شهرين، يبرز سعي "إسرائيل" المستمر لإخراج هذه المستشفيات عن الخدمة بشكل كامل، للقضاء على فرص النجاة والبقاء للفلسطينيين هناك.
ومنذ الخامس من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وحرب الإبادة الجماعية لم تتوقف شمالي القطاع، حتى بات آلاف المواطنين عرضةً للموت إما قصفًا أو عطشًا أو جوعًا، دون أن يُحرك أحد ساكنًا.