حرمت الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة منذ 13 شهرًا حارس المرمى أيمن محمد "30 عامًا" والمشهور بلقب "فرشوحة" من مواصلة مشواره في ملاعب كرة القدم.
ومع بداية حرب "الإبادة الجماعية" يوم السابع من أكتوبر 2023م توقفت جميع معالم الحياة في قطاع غزة بما فيها النشاط الرياضي في جميع الألعاب، وتعرضت معظم الملاعب والمنشأت الرياضية لدمار كبير.
ولجأ "فرشوحة" للعمل على عربة في أحد مفترقات مخيم النصيرات وسط القطاع، يقدم من خلالها المشروبات الساخنة لزبائنه، من أجل إعالة والديه وأبناء شقيقه الثلاثة بعدما استشهد مع زوجته خلال الحرب.
وبدأ "فرشوحة" مسيرته الرياضية في الملاعب عام 2012 في نادي الرباط، ومن ثم انتقل لخدمات النصيرات ولعب معه في دوري الدرجة الممتازة، وبعدها دافع عن مرمى فرق الأقصى، وأهلي النصيرات، وخدمات البريج.
ويعمل "فرشوحة" على مدار ساعات النهار لتقديم الطلبات لزبائنه، حيث يبقى واقفًا على قدميه بدون راحة ما يهدد مستقبله بالعودة لممارسة كرة القدم إذا توقفت الحرب على غزة قريبًا.
بسمة ووجع
ورغم ظروفه المادية والمعيشية الصعبة إلا أن البسمة لا تفارق شفاه "فرشوحة" حيث يشتهر بين أقرانه وزملائه بأنه صاحب نكتة وفكاهة، ودائمًا ما يتواجد أصدقاؤه حول عربته للحديث عن ذكريات الملاعب وما حل بها من تدمير وتحولها إلى مراكز إيواء بعدما كانت تمتلئ بالجماهير وبالهتافات لهؤلاء النجوم حينما كانوا يمارسون هوايتهم في لعب كرة القدم.
ورغم ذلك تشتعل النار في قلب "فرشوحة" حيث كان يخطط قبل الحرب للزواج وبناء أسرة جديدة، إلا أن الحرب حرمته من ذلك نتيجة توقف رواتب ومخصصات اللاعبين من أنديتهم بسبب الدمار الذي حل بها نتيجة قصفها أو تجريفها من ألة الحرب الإسرائيلية.
وزادت أوجاع "فرشوحة" بعدما تحمل مسؤولية رعاية وإعاشة أبناء شقيقه الشهيد، حيث قال لوكالة "صفا": "بقدر وجعي الكبير على فراق شقيقي، إلا أنه لم يكن نقطة في بحر أمام ألم أطفاله الأيتام، ونظرة الانكسار التي أشاهدها في عيونهم عندما يشاهدوا الأطفال مع أمهاتهم وأباءهم، هذه المشاهد تدفعك لتقديم كل ما تستطيع من أجل زرع البسمة داخل قلوبهم".
ظروف صعبة
ويعاني المئات من زملاء "فرشوحة" ظروفًا مماثلة، حيث لجأ الكثير منهم للعمل على عربات لبيع بعض السلع الغذائية المتوفرة في غزة، والبعض الأخر لم تسعفه الظروف حتى للقيام بذلك، وهناك من تمكن من مغادرة غزة والسفر للخارج لكنهم يعانون أيضًا من ظروف معيشية صعبة، حيث يبتعدون عن أهلهم وعائلاتهم ودون توفر فرص عمل لهم تساعدهم على توفير أساسيات الحياة في الغربة.
ومن بين أبرز نجوم كرة القدم الغزيين الذين لجأوا للعمل لاعب المنتخب الوطني الفلسطيني السابق، وفريق خدمات الشاطئ سليمان العبيد، النازح من مدينة غزة إلى دير البلح وسط القطاع، حيث قام برفقة مجموعة من اللاعبين بافتتاح مشروع صغير داخل خيمة لعرض المباريات العالمية "كفي شوب"، ويحذوهم الأمل بالعودة للعب "الساحرة المستديرة" مثل أقرانهم من جميع أنحاء العالم وهم يشاهدونهم عبر شاشات التلفاز.
لكن الظروف لم تسعف عددًا أخر من اللاعبين للقيام بأي عمل، لتتواصل معاناتهم المضاعفة خلال الحرب، بسبب النزوح، والعيش في خيم متواضعة لا تقي من حر الصيف ولا برد الشتاء، وانعدام الدخل، وغلاء الأسعار، ومن أبرزهم قائد وكابتن المنتخب الوطني السابق، واتحاد الشجاعية حسام وادي، وكذلك نجم العديد من الفرق الغزية إبراهيم العمور.
ومن الجدير بالذكر أن الإحصائيات تشير إلى تدمير 45 نادياً بشكل كلي في غزة، بالإضافة إلى سبعة ملاعب كبرى، وعشرات المنشآت، والملاعب الفرعية المعشبة، وقتل أكثر من 500 رياضي فلسطيني، بينهم 120 طفلاً ينتمون للأندية، والأكاديميات المعتمدة لدى الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم.
وترتكب إسرائيل مجازر وحشية، وحرب إبادة غير مسبوقة من قتل، وتدمير، وتجويع بحق الشعب الفلسطيني، خلفت أكثر من 40 ألف شهيداً معظمهم من الأطفال، والنساء، ومئات آلاف المصابين، والمفقودين، في أسوء كارثة إنسانية يشهدها العالم.