أدان تجمع المؤسسات الحقوقية "حرية"، جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين في شمال قطاع غزة، والتي تهدف لخلق أمر واقع يجبر سكان الشمال على النزوح وترك ممتلكاتهم تنفيذاً لخطة الجنرلات التي أعلن عنها في وقت سابق.
وتواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي لليوم السادس عشر على التوالي فرض حصار شامل على سكان شمال قطاع غزة، وتحديداً "جباليا ومخيمها، بيت لاهيا، بيت حانون"، حيث عمدت قوات الاحتلال منذ اليوم الأول لإعلانها عن العملية العسكرية في الشمال إلى منع إدخال المساعدات الإنسانية للسكان الذين لا زالوا يعانون منذ السابع من أكتوبر العام الماضي، من أثار المجاعة التي خلفتها الحرب على القطاع.
وأوضح "حرية" في تصريح صحفي وصل وكالة "صفا"، يوم الأحد، أن قوات الاحتلال تعمدت قطع شبكات الاتصال والتواصل وتعطيل خدمات الإنترنت عن شمال القطاع، للحيلولة دون توثيق ونقل جرائمها بحق المدنيين والمنظومة الصحية والأعيان والممتلكات والمرافق المدنية المحمية بموجب قواعد وأحكام القانون الدولي الإنساني.
وأشار إلى أن قوات الاحتلال قامت بتقسيم مناطق محافظة الشمال وعزلها عن بعضها وكذلك عزلها عن محافظة غزة، في سياق فرض وإحكام سيطرتها على المحافظة بشكل كامل تمهيداً لإجبار حوالي (350) ألف مدني على النزوح، في سياق تنفيذ مخططات التهجير لسكان شمال غزة التي تبنتها قيادة الاحتلال السياسية والأمنية والعسكرية.
وأضاف: "في اليوم السادس عشر من العدوان المنظم والممنهج الذي يستهدف جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا في شمال القطاع، رصد تدمير واسع النطاق لحق بما تبقى من منازل ومنشآت وممتلكات مدنية محمية، كما رصد تعمد قوات الاحتلال فرض أحوال معيشية بقصد إهلاك سكان محافظة الشمال في حال رفضوا الاستجابة لمطالب الاحتلال بإخلاء منازلهم والنزوح لوسط وجنوب القطاع".
ووثق "حرية" تعمد قوات الاحتلال خلال الأيام الماضية توجيه هجماتها بشكل مباشر صوب الأعيان الطبية وسيارات الإسعاف والدفاع المدني، كما وثق تعمد تلك القوات استهداف أحياء ومربعات سكنية كاملة دون تحذير أو إنذار للسكان، حيث انتهجت قوات الاحتلال سياسة الإبادة المنظمة والممنهجة المبنية على دوافع تمييزية عنصرية أبرزها السبب القومي والإثني، كان آخر تلك الهجمات قصف قوات الاحتلال مساء أمس، مربعاً سكيناً في مشروع بيت لاهيا على رؤوس المواطنين.
وأدان "حرية" تمادى قوات الاحتلال في عدوانها بحق الفلسطينيين قي قطاع غزة عموماً وفي محافظة الشمال ومدنها "جباليا، ييت لاهيا، بيت حانون" على وجه الخصوص.
واستهجن استمرار صمت الأسرة الدولية إزاء تغول قوات الاحتلال الإسرائيلي وتماديها في خروقاتها لأحكام وقواعد القانون الدولي الإنساني، لاسيما أحكام المادة الثالثة المشتركة من اتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949، وكذلك انتهاكاها لأحكام ميثاق روما الناظم لعمل المحكمة الجنائية الدولية، بالإضافة لمخالفة كافة القواعد والأعراف الدولية الناظمة لسير النزاعات المسلحة الدولية.
وأكد "حرية" أن صمت الأسرة الدولية لا يمكن أن يفسر إلا على أنه موافقة ضمنية وصك مفتوح لقوات الاحتلال لاستكمال جريمة الإبادة بحق المدنيين المتبقين في مدن "بيت لاهيا وبيت حانون وجباليا" شمال قطاع غزة.
وشدد على أن استمرار الدعم والانحياز الأمريكي الأوروبي لقوات الاحتلال الإسرائيلي على حساب ضحايا انتهاكات القانون الدولي الإنساني الفلسطينيين، سيبقى وصمة تنعت بها تلك الدول التي لطالما نادت باحترام حقوق الإنسان وقيم وأعراف الحروب.
وأشار إلى أنه يتوجب على الدائرة التمهيدية في المحكمة الجنائية الدولية الامتثال لرغبة مدعي عام المحكمة كريم خان، وإصدار مذكرات قبض بحق قادة الاحتلال المسؤولين المباشرين عن إصدار الأوامر وإعطاء التعليمات للجنود في قطاع غزة.
وطالب "حرية" الأمم المتحدة وأجهزتها المختلفة ببذل جهد حقيقي في سياق وقف العدوان على قطاع غزة، ووقف جريمة الإبادة بحق محافظة الشمال.
ودعا أحرار العالم للتحرك العاجل لإنقاذ ماتبقى من قيم يمكن أن يؤمن بها ضحايا الانتهاكات الإسرائيلية، والعمل من أجل تشكيل حراك دولي يقود لوقف الحرب وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وتمكين الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير المصير بكافة الطرق والوسائل بما فيها الكفاح المسلح إعمالا لميثاق الأمم المتحدة.