web site counter

عام على المعركة

"طوفان الأقصى".. الشرارة من غزة ولهيبها امتدّ للضفة

نابلس - خــاص صفا

لم يكن السابع من أكتوبر 2023 يومًا عابرًا في تاريخ الضفة الغربية، مثلما هو الحال بالنسبة للمنطقة ككل؛ فما قبل يوم "طوفان الأقصى" ليس كما بعده، ومنذ ذلك التاريخ وطوال سنةٍ كاملة دخلت الضفة مرحلة جديدة وغير مسبوقة في المواجهة المفتوحة مع الاحتلال.

ففي الوقت الذي كانت تُبثّ فيه المشاهد من غزة لاختراق السياج الفاصل وأسر جنود الاحتلال؛ كانت تلك اللقطات دافعًا استثنائيًا لشباب الضفة، واقتناعهم بجدوى المقاومة وحدها، وفشل ما سواها من حلول.

ورغم الأسلوب الدموي الذي اتبعه الاحتلال للقضاء على مقاومة الضفة، لكن ذلك لم يكن سوى صب لمزيدٍ من الزيت على النار المضرمة تحت الرماد، وفتحٍ للباب أمام انخراط فئاتٍ جديدة في العمل المقاوم، بشقيه المنظم والفردي.

وفي ظلال الذكرى السنوية الأولى للمعركة، يعتقد الكاتب والمحلل السياسي سري سمور أن "طوفان الأقصى" أعطى الحالة الوطنية والشعبية في الضفة زخمًا أكبر ودفعة للأمام.

وقال لوكالة "صفا" إن "الطوفان" أدى إلى تغذية الحالة الوطنية التي بدأت تتصاعد بالضفة في السنوات الأخيرة، مع ازدياد الرغبة بالثأر لما يجري من مجازر في قطاع غزة.

كما أن المقاومة في غزة بصمودها وأدائها الميداني المميز، وفق سمور، شكلت نموذجًا يحتذى للشباب المقاوم في الضفة في الإبداع، وأعطتهم الدافعية للاستمرار وعدم الإحباط، بل ومحاولة تقديم الإسناد لغزة. 

ووصل عدد الشهداء في الضفة منذ بداية الطوفان وحتى اليوم نحو 740 شهيدا، ونحو 6 آلاف جريح، وهو ما لم يسجل خلال نفس المدة الزمنية في أي من الانتفاضات والهبّات السابقة.

لكن سمور يرى أن تأثير الطوفان في الضفة كان بطيئًا، ويعزو ذلك لعدة أسباب موضوعية، يُجملها هنا بأن "الطوفان أثّر على كل العالم، ومن باب أولى أن تتأثر الضفة، ولكن لم يكن بالشكل المتوقع".

ويشير إلى أن ساحة الضفة متعبة ومرهقة منذ سنوات عديدة بفعل ما مارسه الاحتلال فيها من سياسات تهدف لمنع انخراطها بالعمل الوطني والشعبي.

وبين أن الاحتلال سارع منذ اليوم الأول للطوفان لاتخاذ إجراءات وقائية في الضفة، وأشغل الناس بالبحث عن الأمن ولقمة العيش، وفي الوقت نفسه عمل على إفراغ الساحة من قيادات ورموز العمل الوطني التي يمكن لها أن تقود الشارع، كما أنهك الضفة بالاجتياحات المتكررة خاصة للبؤر المشتعلة كما في طولكرم وجنين.

ويلفت إلى أنه في الأيام الأولى للطوفان، كانت المشاركة الشعبية بالمسيرات المساندة كبيرة، ثم أخذت الأعداد تتراجع إلى أدنى مستوىً، وهذا سببه عدم وجود قيادات فاعلة والتي تم اعتقالها وتغييبها.

وأوضح أن الحالة الثورية تركزت في شمال الضفة، رغم ظهور حالات محدودة في مناطق أخرى بالمنطقة، وحتى في شمال الضفة كان التركيز في طولكرم وجنين أكثر من غيرهما.

ورغم التأثير المحدود، لكن سمور لا يقلل من أهمية هذا الأثير، فهو مثل المياه التي تسقي الشجرة ولكن لا تظهر الثمار مباشرة، بل أنها تحتاج إلى مزيد من الوقت فحسب.

الاعتماد على الذات

ويقول الكاتب ومدير مركز رؤية للتنمية السياسية، أحمد العطاونة إن معركة "طوفان الأقصى -على مستوى الضفة الغربية- أعادت التأكيد على صورة العدو بوصفه احتلالاً استيطانيًا، إحلاليًا، فاشيًا، متطرفًا، دمويًا.

كما أعادت إلى الواجهة البرنامج السياسي والهدف الأساسي للاحتلال، وهو إنهاء الوجود والهوية  الفلسطينية، والتنكر للحقوق الوطنية، وهذا ما أفضى إلى قناعة بأنه لا أفق لحلول سياسية، ولا "حل الدولتين"، ولا تسوية يُمكن أن يدفع نحو حلٍ ما، وفق العطاونة.

وذكر أن المعركة دفعت للالتفات إلى ظاهرة الاستيطان في الضفة، إذ جاءت هذه الحرب بالتزامن مع زيادة تسليح المستوطنين حتى تحولوا إلى ميليشيات تهدد حياة الفلسطينيين، ولم يعد أمام الفلسطينيين سوى الدفاع عن أنفسهم، وهذا ما تبنّته الضفة الغربية وشبابها.

وأشار العطاونة في حديثه لوكالة "صفا" إلى أن هذه المعركة دفعت الفلسطينيين للاعتماد على الذات، ففي ظل التخاذل الدولي والإقليمي؛ حيث أدرك الفلسطينيون أنه من أجل إعادة الاعتبار لحقوقهم وقضيتهم ووضعها على سلم اهتمامات العالم؛ لا بد أن يكون هناك جهد فلسطيني خاص، والاعتماد على الذات في المواجهة مع الاحتلال.

واعتبر العطاونة أن من أهم انعكاسات الطوفان على الضفة، إعادة الاعتبار للمقاومة وإحيائها في الضفة رغم كل الظروف المعقدة الأمنية والميدانية، ورغم الجهد الطويل والكبير الذي بذل على الضفة بعد "السور الواقي" وانتفاضة الأقصى لثنيها عن المقاومة.

وأشار إلى أن الجيل المقاوم الجديد وُلد بعد الانتفاضة الثانية، وهذا يؤكد أن الشعب الفلسطيني هو صمام الأمان لقضيته، وهو الحامي لهذه القضية والحافظ لحقوق شعبه، وأنه مهما وضعت سياسات وإجراءات، ومهما تدخلت دول فإن هذا الشعب لا يمكن أن يفرط بحقوقه، وكلما جاء جيل جديد تبنى خيار المقاومة والمواجهة والتصدي للاحتلال، مما يبقي القضية حية. 

وأضاف أن الجيل الجديد أدرك واستلهم الحالة من قطاع غزة، ومما يراه ويشاهده من بطولات وصمود ومواجهة، وتأثر بها بشكل كبير، وسار على ذات الطريق، وهي طريق الصمود والمواجهة ومقاومة الاحتلال، ورفض الاستكانة والخنوع.

وأكد أن الشباب الفلسطيني في الضفة أدرك حقيقة أن هذا الاحتلال لا يمكن التعامل معه إلا بالصمود والمواجهة والمقاومة، ولهذا بدأت تتنامى ظاهرة المقاومة في الضفة. 

غ ك/أ ك

/ تعليق عبر الفيس بوك

تابعنا على تلجرام