web site counter

رغم المخاطر والصعوبات

بين ركام الحرب وأمواج البحر.. "عوض" يوفر "لحظة استجمام" للصامدين في غزة

غزة - آية صمامة - صفا

لم تعد رؤية "استراحة سياحية" على شاطئ بحر مدينة غزة أمرًا اعتياديًا كما كان سابقًا، لكن الشاب محمد عوض أصر على توفير متنفس بسيط للمواطنين الذين يعيشون حرب إبادة إسرائيلية، رغم المخاطر والصعوبات التي تكاد لا تحصى.

رفض خريج الصحافة والإعلام الاستسلام للظروف القاهرة التي فرضتها الحرب، ورفع أنقاض مشروعه المُدمّر على ساحل المدينة الحزينة، وبدأ من جديد، "لا بهدف الربح"، كما يقول، "بل لتثبيت الصامدين".

ومنذ السابع من أكتوبر الماضي، حصدت حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة على غزة، أكثر من 41500 شهيد، و96 ألف جريح، و10 آلاف ما زالت جثامينهم تحت الأنقاض، عدا عن تدمير نحو ثلثي المباني السكنية، والبنية التحتية والخدمية، والمنشآت الاقتصادية.

استثمر عوض (32 عامًا) حياته العملية في مجال الترفيه وخدمات الاستراحات على شاطئ بحر غزة منذ صغره، إذ بدأ العمل في هذا المجال حين كان طالبًا في المرحلة الإعدادية.

على مدار 18 عامًا، اكتسب عوض خبرة في إدارة المشاريع الترفيهية، وأطلق مشروعه الخاص في سن الـ26، وكان يوفر للمصطافين خيامًا وطاولات وكراسٍ ومظلات، كما أدار "كافتيريا" وأكشاكًا تقدّم المأكولات والمشروبات على شاطئ غزة.

لكن حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية لم تُمهل عوض- كما كل الفلسطينيين في القطاع- طويلًا؛ فتعرض مشروعه للتدمير الكامل جرّاء القصف، ولم تنجُ أيّ من مرافقه أو تجهيزاته.

حين عاد عوض إلى موقع مشروعه بعد انسحاب قوات الاحتلال من مدينة غزة، اصدم بمشهد مؤلم، إذ اختفى كل ما بناه على مدار سنوات.

ورغم صعوبة الموقف وشعوره بالحزن العميق، تقبّل الشاب الأمر بصبر ورباطة جأش، ولم يرضخ للإحباط، وجرت على لسانه كلمات: "الحمد لله.. زينا زي الناس".

رفض محمد النزوح قسرًا إلى جنوبي القطاع حيث توجد عائلته، وأصرّ على البقاء في مدينة غزة، والعمل على إعادة بناء مشروعه، إيمانًا منه بـ"أهمية استمرار الحياة حتى في أحلك الظروف".

واجه عوض تحديات كبيرة في إعادة بناء مشروعه، خاصة مع الارتفاع الهائل في أسعار المواد والمستلزمات بفعل الحصار الإسرائيلي المشدد.

ويقول لوكالة "صفا": "ارتفع سعر لوح الخشب من 100 شيكل إلى 300، وسعر الكرسي الواحد من 15 و30 شيكلًا، إلى 70، حتى المظلات والأراجيح الخشبية تضاعفت تكلفتها بشكل لا يُصدق".

كان عوض يقضي يومه كاملًا في البحث عن الكراسي والمظلات، حتى المستلزمات البسيطة مثل السكر الذي يُحلي فيه شاي زبائنه وسط الواقع المُر، ويقول إنه يحاول "الاستمرار في تقديم الخدمات بأسعار معقولة".

ورغم الأوضاع المتوترة والقصف الإسرائيلي الذي لا يتوقف، شهد مشروع عوض إقبالًا جيدًا من العائلات التي تقصد شاطئ بحر المدينة الحزينة لتسترق لحظات بعيدًا عن ركام المنازل والدمار.

ويضيف عوض "لا أضع نصب عيني الربح الكبير، بل تقديم تجربة ترفيهية للناس تسهم في تخفيف معاناتهم؛ فالبحر هو المنفذ الوحيد في غزة للهرب من أجواء حرب الإبادة".

يؤمن محمد أن ما يفعله أكثر من مجرد عمل تجاري؛ "بل مساهمة صغيرة لإعادة الحياة، وإدخال البهجة في نفوس الزبائن الذين يبحثون عن بصيص أمل وسط الظروف الصعبة، وإعطائهم فرصة للابتعاد عن الواقع الأليم ولو للحظات قليلة من الزمن".

وترتسم البسمة على وجوه زبائن عوض الذين يقصدونه في ساعات العصر، ويغادرون مع مغيب الشمس، لكن ملامح المدينة الحزينة لا تفارق وجوههم.

يضرب الشاب، الذي أصبح مصدر إلهام للكثيرين حوله، مثالًا حيًا على قوة إرادة الفلسطينيين وصمودهم في أرضهم؛ فما فعله ليس قصة شاب يعيد بناء تجارته، بل قصة مجتمع بأكمله ينتزع الحياة من أنياب الموت.

WhatsApp Image 2024-09-27 at 3.39.53 PM.jpeg

WhatsApp Image 2024-09-27 at 3.39.52 PM.jpeg

WhatsApp Image 2024-09-27 at 3.39.53 PM (1).jpeg

WhatsApp Image 2024-09-27 at 3.39.52 PM (3).jpeg

WhatsApp Image 2024-09-27 at 3.39.52 PM (1).jpeg

WhatsApp Image 2024-09-27 at 3.39.52 PM (2).jpeg

أ ج/أ ص

/ تعليق عبر الفيس بوك