web site counter

"إزالة الركام".. غابت المعدات فامتهنها فتية طحنتهم الحرب

خان يونس - خاص صفا

أيدٍ صغيرة لم تعتد العمل الشاق؛ فقلمه وألوانه أيام ارتياد مدرسته التي هدمها جيش الاحتلال بخانيونس كانت في مثل هذه الفترة من العام كل ما ينشغل به.

ومع حرمان العدوان على غزة للفتى محمد أبو حطب (13 عامًا) من التعليم منذ ما يقرب السنة؛ خشُنت وغارت دماء تلك الأيدي بفعل حرفة إزالة الركام الخطير وتنظيف البيوت المتضررة من آثار القصف.

رؤية الصبية العاملين في تلك الحرفة الشاقة أصبحت مألوفةً في كل حي وزقاق بالعديد من مدن قطاع غزة الذي أنهى حتى اليوم 50 أسبوعًا من حربٍ لا هوادة فيها.

في رحلتهم العصيبة يوميًا، والتي تبدأ مع توقيت وصوله لمدرسته آنذاك؛  يصحب أبو حطب شبان آخرون يكبرونه قليلاً بسنّ العشرين، حاملين معدات يدوية لتفتيت الحجارة والجدران المحطمة في المنازل المتضررة لتنظيفها.

بوجنتيه الرماديتين المغبرّتين يضع مطرقته جانبًا ويقول الفتى لمراسل "صفا": "أصحاب البيت النازحين رجعوا ليقيموا في غرفةٍ واحدة بقيت من منزلهم المتعدد الغرف، واليوم آخذ أجري مع أصدقائي لإزالة وتنظيف ما تبقى من منزلهم".

ويتراوح أجر عمل يوم عن إزالة ذلك الركام حسب كميته وخطورته من 100-200 شيقل؛ فيما يحصل محمد على خُمس ذلك كونه مبتدئًا ولا يتولى المهام الشاقة كالشبان الأكثر دراية بهذه الحرفة.

الاحتماء بما تبقى

ويعتمد بعض المواطنين الذين يعودون إلى منازلهم في المدينة التي شهدت نسبة التدمير الأكبر خلال شهور العدوان؛ على أنفسهم في استصلاح بعض ما يمكن من منازلهم ولو الاحتماء تحت أحد أسقفها المحظوظة التي لم تطالها القذائف.

حمودة أبو تيم صاحب منزل مسوّىً في الأرض في بلدة بني سهيلا شرقي خانيونس: "بقي غرفة وحمام فقط، والآن أزلنا بعض الركام".

وتعجز طواقم البلديات التي بالكاد كانت تمتلك معدات مترهلة قبل العدوان، عن إزالة ملايين الأطنان من الركام. فلا معدات حديثة ولا وقود متوفر يمكن أن يعيد دوران تلك الآلات الثقيلة.

فعلى جانبي طريق صلاح الدين الشهير في خان يونس؛ يمكن مشاهدة العديد من الآليات الثقيلة المعطوبة مقلوبةً رأسًا على عقب بفعل التخريب المتعمد من جنود الاحتلال خلال اجتياح خان يونس المتكرر. 

في مدينة حمد التي استكمل جيش الاحتلال في الهجوم الأخير عليها قبل نحو شهرين، تدمير معظم أبراجها؛ فوجئ من بقيت عماراتهم السكنية صامدةً، مم أن الجيش تعمّد قصف سلالمها، تاركًا ركاماً أعجزهم عن الدخول لتلك الأبراج.

ويقول سكان تلك العمارات إنهم استهانوا بحرفيين من أقران الفتى أبو حطب لإزالة الركام، عبر جمع مبلغ مالي بشكلٍ جماعي.

محمود انعيم، أحد السكان هناك يقول لوكالة "صفا": "درج البرج تعرض للتدمير، أما الشقق أعلاه لا زالت قائمة".

جيران انعيم تمكنوا مؤخرًا من جمع تكلفة سلمٍ حديدي كسلالم الهروب للوصول إلى شققهم التي يتوقون لتفحصها والعودة إليها بعد أسابيع وأشهرّ قضوها قسرًا في خيامٍ بديلة يتهددها قدوم الشتاء الذي يحمل الكثير من المفاجآت التي لا يودّ قاطنوها تجربتها.

ر ب/أ ك

/ تعليق عبر الفيس بوك